سدانيات: من يقرع الجرس؟!

نشر في 01-12-2018
آخر تحديث 01-12-2018 | 00:09
 محمد السداني في الصباح الباكر وأنا أغسل وجهي أتأمل ملامح هذا الشاب الذي بدأ حديث التجاعيد بالبوح على أطراف وجهه، وبدأ الشيب يكوّن صداقة دائمة بين طرفي رأسه الذي لم يعتد إلا السواد صديقا، أتساءل عن حالة أمرّ بها هل هي طبيعية؟! أم أنَّ خللاً أمارسه جرَّني إلى طريق لست أعلم نهايتها؟

إنني ومثلي كثير من أبناء جيلي نعيش قلقاً لا ينتهي، وكأنَّ أحدا يطاردنا فلا نهدأ ولا نكِل ولا نعيش حياتنا مثلما يجب أن تعاش، وقد أجد مبررا لطريقة اعتدت العيش عليها، فالهموم السياسية والمحيط الملتهب الذي نعيش فيه لا يدعوك للقلق فحسب، بل إلى تفجير نفسك غضبا وحزنا وقهراً على ما يحدث للإنسانية في دول محيطة كثيرة، ولكن هل تساءلنا، أنا وغيري من أصحاب القلق، عن فائدة ما نعيشه من حيرة واضطراب وقلق لا ينتهي؟!

لا يمكن أن يكون القلق جزءا من حل مشكلة نعيشها أو أن يكون طريقا لعلاج ما يحيط بِنَا من انتكاسات مختلفة.

تخيل معي لو حاولنا أن نعالج مشكلة «تطاير الحصى» في الشوارع أو أن نعالج مشاكل غرق بعض المناطق عن طريق القلق، لن تكون هناك نتيجة سوى أننا أجهدنا أنفسنا وتفكيرنا وحياتنا دون أن نقدم أو نؤخر شيئا في هذه المشاكل، ولقد رسخ في يقيني أنني بقلقي هذا على طريق الانحراف هو ما كنت أقرؤه يوميا عن مجلس الأمن حين يعبر عن قلقه إزاء الانتهاكات الصهيونية على الأراضي الفلسطينية التي انتهكت بقدر ما أبدى مجلس الأمن قلقه حيالها.

أعتقد أننا يجب أن نعيش الحياة كفسحة المدرسة التي نعتقد أنها لن تنتهي، وأنها ستتسع لأكلنا وشربنا ولهونا ولعبنا مع أننا نعرف جيدا وقت بدايتها ومتى ستنتهي، يجب أن نقرع جرس الفُسحة الآن قبل فوات الأوان، وقبل أن نكون أسرى لوهم صنعناه بأيدينا دون أن نشعر.

إنَّ حياتنا هي نتاج أفكارنا، وأفكارنا هي محركات أفعالنا، فإذا أصلحنا الأساس صلحت سائر المنظومة، ولن تنصلح المنظومة إلا إذا فهمنا حقيقة ومغزى ما نقوم به وما يحيط بنا، وإذا كنّا نعتقد بقلقنا أننا سنجد السعادة، فاعلم جيدا أنَّ من يزرع الشوك لن يجني الزهور، فلا يمكن أن يكون الليل سببا للنهار، لكنه في الحقيقة غياب النهار لعلة وسبب.

خارج النص:

• استغرب أحد أصدقائي عندما وصفت أحد طلابي السابقين بأنه «تربى» ست مرات لما يحمله من خلق رفيع وسلوك حسن، فالإنسان المحترم في هذه الأيام عملة نادرة يجب أن تحافظ عليه مثلما تحافظ على ماء عينك، فالمحترم الذي تختلف معه ويحترمك وتنافسه ويحترمك وتحاوره ويحترمك لا تفرط فيه مهما حدث.

back to top