شوشرة: مهزلة

نشر في 17-11-2018
آخر تحديث 17-11-2018 | 00:09
 د. مبارك العبدالهادي وتتوالى فضائح البنية التحتية وسوء أعمال الأجهزة الحكومية وكشف الغطاء عن بلاوي بعض المقاولين والمسؤولين، واتضحت الصورة كاملة أمام مرأى الحكومة التي لا تزال تدور في حلقة "فارغة" مع تبريرات وعدم وجود رؤية واضحة، وغياب التخطيط وإدارة الأزمات والكوارث، باستثناء إعلان حالة الاستنفار، بينما بعض المناطق تغرق ولا تزال الحكومة في اجتماع مغلق، ولا نعلم طبيعة تلك التصورات والعقليات التي أدارت الأزمة، بينما أهالي مدينة صباح الأحمد يعيشون وسط بحيرات من الماء بعد أن اجتاحت الأمطار بيوتهم وشوارعهم، وحكومتنا لا تزال تفكر وتخطط.

فما إن خرجنا من فضيحة "الأشغال" وسوء إدارتها لصيانة الشوارع، حتى تكشفت فضيحة البنية التحتية لمدينة صباح الأحمد السكنية التي يفترض أنها منطقة حديثة.

الغريب والمستغرب التبريرات المتواصلة وكأن هناك من يحاول الاستخفاف بعقول الآخرين، فضلاً عن بعض القياديين الذين حمّلوا المسؤولية لموظفين آخرين، وهكذا تدور الدائرة ومازلنا في دوامة تشكيل لجان التحقيق، ورغم أن هذه المشاكل منذ سنوات فإن الأمر بقي على طمام المرحوم والتعامل مع القضايا كردة فعل فقط.

المبكي والمضحك عندما تعقد المؤتمرات الصحافية لإعلان تدشين منطقة سكنية جديدة ويتحدث بعض القياديين بلغة الأرقام وحجم التكلفة، بل الطامة الكبرى تتعلق بما يخصص من الميزانية العامة لأعمال الصيانة ومشاريع البنية التحتية وغيرها، فهل ستكون لدى الشارع الكويتي ثقة بهؤلاء فيما بعد أو ببنيتهم الكرتونية أو بالمقاولين الذين لا نعلم كيف ترسو العطاءات عليهم؟ بينما نكتشف بين الفترة والأخرى فضيحة أخرى بدءاً من أحداث الأمطار في التسعينيات التي شهدت غرق بعض الشوارع، ومن ثم الحصى المتطاير وانتهاء بما شهدته مدينة صباح الأحمد وغيرها من المناطق التي عاشت الويلات.

ولكن بعض هؤلاء القياديين الذين يتفاخرون بإنجازاتهم الوهمية لا يعرفون سوى التحدث بإنفاق الملايين على أعمال الصيانة، ولكنها ذهبت مع الريح بعد أن فضحت الأمطار سوء البنية التحتية.

والمصيبة الأكبر عندما يبرر بعض القياديين أخطاءهم بالإشارة إلى النسبة الكبيرة لكميات الأمطار وما عانته بعض الدول الأخرى نتيجة ذلك وكأن لسان حالهم يقول: "لسنا بأفضل من الدول الأخرى التي غرقت"، أي أنه إذا كان هناك من بنيته التحتية سيئة فلسنا أفضل منه، لأن الفاشل دائماً يبرر فشله بالآخرين، ولا يعلم أن الميزانيات الضخمة لأعمال البنية التحتية التي تصرف في الكويت هي بحد ذاتها كفيلة بأن نكون أفضل من غيرنا من الدول.

على الحكومة أن تبادر على الفور بإحالة ملفات الشركات المتورطة إلى النيابة وفضحها علنا وبكل شفافية للشارع الكويتي، فضلاً عن محاسبة كل قيادي وموظف متورط في ذلك من مختلف الأجهزة الحكومية، فالإصلاح لا يكمن في لغة الحديث والتلاعب بمشاعر الآخرين لكسبهم، وإنما هو واقع يجب أن ينفذ، بالإضافة إلى المسؤولية الأخرى لمجلس الأمة الذي كان عليه أن يعقد جلسة طارئة وقت الحدث لتوجيه الحكومة، ولكن يبدو أن بعض ممثلي الأمة خشوا على أنفسهم من ارتفاع منسوب المياه ففضلوا الجلوس في بيوتهم أو المشاركة في تصوير جزئي بجولاتهم المكوكية والوهمية لاستعطاف قلوب أبناء الدائرة، وفي جلسة مناقشة القضية "حدث ولا حرج"، واستعراض بطولات، والوضع "مكانك راوح".

في الجهة المقابلة، هناك جهود جبارة بذلها رجال الأمن والجيش والحرس الوطني والإطفاء والدفاع المدني، فضلاً عن التغطية المميزة والمتابعة الأكثر من رائعة من وزارة الإعلام التي واكبت الحدث أولاً بأول، وتوجيهها التحذيرات للمواطنين والمقيمين وتوجيههم، فلهؤلاء كل الشكر والتقدير.

آخر الكلام:

الأمطار كشفت عن سوء إدارة وفضائح الصيانة والبنية التحتية المتهالكة والملايين التي طارت... والحبل على الجرار.

back to top