متى ينتهي الاغتيال؟!

نشر في 15-09-2018
آخر تحديث 15-09-2018 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم لا علم لنا ماذا كان يفعل الإنسان بأخيه الإنسان، مما دفع الملائكة إلى أن يقولوا لربهم: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ)!

بلا شك، كانت لديهم معرفة مسبقة بخصائص ذلك الإنسان، قبل أن يصبح خليفة لله في الأرض، وبعد أن أوحى إليه ربه من روحه، وإلى أن علَّمهم الأسماء، فأقروا بأن لا علم لهم إلا ما علَّمهم الله، لكن هذا لا ينفي عن الإنسان خاصية سفك الدماء، التي تجسَّدت أول ما تجسَّدت في أولاد آدم نفسه، وهو ما يؤكد شرعية تساؤلات الملائكة قبل سجودهم للإنسان.

***

• ولستُ هنا بصدد سرد تاريخي للاغتيال والقتل عند الإنسان، الذي تفنن في كيفية ابتداع شتى الأساليب للفتك بأخيه الإنسان، والتي كانت تستند، بالطبع، إلى أسباب جاهزة، والكثير منها يتذرَّع بمسوغات تتعلق بالعقائد الدينية.

ولستُ أريد الذهاب بعيداً لأضرب الأمثلة على ذلك، بل سأكتفي باختيار نماذج من محاولات الاغتيال والاغتيال التي عاصرتها، بغض النظر عن الاختلافات الموضوعية المؤدية إلى حدوثها، فالاغتيال هو الاغتيال.

• فبماذا تختلف محاولة اغتيال جمال عبدالناصر التي نفذها الإخوان المسلمون في الإسكندرية عن محاولة تفجير موكب الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، والتي اشتركت في تنفيذها عدة جهات معادية؟!

• وهي نفس اليد التي امتدت إلى طعن نجيب محفوظ بسكين في رقبته، في محاولة لحز رأسه، بعد أن تجاوز السبعين من العمر، من قِبل شخص لم يقرأ له حرفاً واحداً، لكنه خضع لغسل دماغ، بأن نجيب محفوظ كاتب كافر!

• ونفس اليد التي تطاولت على مواطن كويتي شريف كحمد الجوعان، لأنه كان يدافع عن حقوق الناس، ويدعو إلى تطبيق القانون في المجتمع.

• كما تذكرت د. حسين مروّة، البالغ من العمر 82 سنة، والذي ترك ثروة أدبية وفكرية، وهو مضرج بدمائه بعد هذه السن، لأن اليد التي اغتالته تختلف معه فيما يطرحه من أفكار وآراء.

• وكلما لقيت عبدالله النيباري يُدفَع من على الكرسي النقال ويده مربوطة إلى صدره تذكرت ذلك الشاب النائب في مجلس الأمة الذي وقف موقفاً شجاعاً، بجعل نفط الخليج ملكاً للإنسان الخليجي، بعد أن كانت هناك محاولات لكي تشاركه فيه شركات النفط بالدول الكبرى.

• وكم هو مؤلم أن يُغتال رجل مُقعد وهو خارج من صلاة الجمعة، مثلما فعل الصهاينة بأحمد ياسين.

الرموز القليلة التي أشرت إليها ما هي إلا واحد على الملايين التي اغتيلت، أو كانت هناك محاولات لاغتيالها في مسيرة الحياة البشرية.

***

• ولكن يبقى السؤال قائماً: هل خُلق الإنسان ليسفك الدماء؟!

هناك الكثير من الإجابات التي قالت بها الكتب المقدَّسة، وسطَّرها الفلاسفة، وبحث فيها العلماء ومَن يراهنون على إنسانية الإنسان، وكلها تؤكد أن الخير سينتصر على الشر يوماً ما.

ولكن متى؟! هذا ما لا علم لنا به.

back to top