ذوو الإعاقة.. نماذج مشرفة تسعى لتحقيق الذات وإحراز مكانة في المجتمع

نشر في 14-09-2018 | 12:54
آخر تحديث 14-09-2018 | 12:54
No Image Caption
بعد مسيرة الحياة الدراسية التي تمتد لأعوام يجتاز خلالها الطالب عقبات ومصاعب عديدة سعياً نحو هدفه متمتعاً بالصبر والاجتهاد يبدأ البحث عن الوظيفة المناسبة لمؤهلاته ليصل إلى مبتغاه.

وينتهي هذا الطريق الذي رسمه الشخص لنفسه إلى أحد مسارين فإما أن تكون وظيفته مرضية لتوقعاته فيتمكن من الإنتاج والإبداع أو أن تكون غير ملائمة لإمكانياته وطموحه ما يؤثر على إنتاجه في العمل ويهدد استقراره الوظيفي.

وكغيرهم من أفراد المجتمع فإن الأشخاص ذوي الإعاقة يملكون أهدافاً يسعون إليها بشتى السبل لتحقيق الذات وإحراز مكانة في المجتمع وقد استطاع كثير منهم تقلد مناصب نشطة وذات قيمة كبيرة.

إلا أن هذه الفئة تواجه مشكلات في المجال الوظيفي أبرزها قلة التنوع في الوظائف المتاحة مقارنة بالأشخاص من غير ذوي الإعاقة إلى جانب عدم تلبية بعض الاحتياجات المتعلقة بنوع الإعاقة والتي تساعد على الإنجاز بالشكل المطلوب.

وفي لقاءات أجرتها وكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم مع عدد من الموظفين ذوي الإعاقة والناشطين والمسؤولين في الدولة أجمع هؤلاء على أن مستوى الأداء الوظيفي يعتمد على قدرات الفرد وعلى مدى تعاون الزملاء والتقنيات المساعدة لهم التي توفرها جهة العمل.

دمج

وأكدت الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة حرصها على دمج ذوي الإعاقة في سوق العمل بشتى الطرق وتلبية جميع احتياجاتهم واستقبال مقترحاتهم لتحسين أوضاعهم الوظيفية.

وكانت البداية مع معلمة اللغة العربية منى العازمي التي قالت إنها ورغم دخولها مجال التعليم عن قناعة تامة وشعورها بالرضا عن أدائها ونيلها الثقة الإدارية بقدراتها إلا أن المشكلة التي تواجهها في وظيفتها هي التعامل مع بعض الإدارات المدرسية التي هي بحاجة لزيادة الخلفية المعلوماتية بما يخص الإعاقة التي تشرف عليها.

وطالبت المسؤولين باختيار المعلمين والإداريين ذوي الخبرة لتذليل الصعوبات التي تواجه العملية التعليمية وتغطية جميع احتياجات الطلبة في مدارس التربية الخاصة.

وأضافت إن الأشخاص ذوي الإعاقة لا يتمتعون بالتنوع الكافي في الفرص الوظيفية المقدمة لهم وإن هذه المشكلة يمكن حلها بتكثيف التوعية المجتمعية.

وبينت العازمي أن جزءاً كبيراً من المسؤولية يقع على عاتق الفرد ذي الإعاقة بالإلمام بكل ما يخص وظيفته وإعاقته ومتابعة المستجدات المتعلقة بذلك.

من ناحيته، قال الموظف بجامعة الكويت عيسى القلاف لـ (كونا) إن وظيفته لا تتفق وميوله لأنه لم يكن مخيراً فيها، موضحاً أنه ورغم ما يبذله من جهد سعياً للانجاز إلا أنه غير راض عن إنتاجه في العمل بسبب عدم مراعاة الفروق بينه وبين الموظفين من غير ذوي الإعاقة.

وذكر إن المشكلات التي تواجهه في عمله عديدة تبدأ من عدم ملاءمة المرافق في مقر العمل للأشخاص ذوي الإعاقة لاسيما الحركية ما يجعل التنقل صعباً وتستمر المشكلة أثناء أداء العمل في ضوء عدم وجود «كاونترات» خاصة تتيح للموظف ذي الإعاقة الحركية تسلم معاملات المراجعين.

وأضاف إن بعض الزملاء لا يتردد بتقديم المساعدة له لكن تكليفه بالمهام التي تفوق طاقته ومطالبته بسرعة إنجازها يشكل عبئاً جسدياً ونفسياً عليه.

وشدد القلاف على ضرورة أخذ مؤهلات وقدرات الفرد ذي الإعاقة بالاعتبار عند وضع خطط التوظيف مقترحاً زيادة الفرص الوظيفية المقدمة لإتاحة حرية الاختيار للباحث عن وظيفة.

تكنولوجيا

ومن جهته، أفاد معلم التاريخ فهد العنزي لـ (كونا) بأن «العملية التعليمية في مدارس التربية الخاصة تواجه مشكلات عديدة منها عدم إدخال التكنولوجيا لاسيما الأجهزة التعويضية الخاصة بالمكفوفين في التعليم ما قد يجعل إيصال وتلقي المعلومة أقل يسراً».

وأضاف «أن القرار أحياناً يكون بأيادي أشخاص لم يسبق لهم التعامل مع ذوي الإعاقة»، مقترحاً «توظيف أهل الخبرة في المجال أو أن يشغل ذوو الإعاقة المناصب القيادية العليا في مدارسهم».

وأوضح العنزي «إن الوظيفة تمنحه مكانة اجتماعية وفرصة للإنجاز وتحقيق الذات»، مؤكداً حرصه على أداء أنشطة إضافية لإثبات وجوده في العمل.

وذكر «إن نطاق الفرص الوظيفية المتاحة لذوي الإعاقة في الكويت اليوم أفضل مما كان عليه سابقاً»، معرباً عن تفاؤله بالمزيد من التحسينات «لأن الفرد ذي الإعاقة قادر على القيادة بمختلف المناصب في الدولة في حال أتيحت له الفرصة».

وبدوره، أكد الموظف بخدمة المواطن في وزارة الداخلية أحمد السرحان لـ (كونا) إنه لم يواجه صعوبات أثناء بحثه عن وظيفته، مبيناً أنه كان يملك دافعاً قوياً للعمل في البداية لكن بعض ما تعرض له من مشكلات أثر على إنتاجه فأصبح برأيه غير مرض إلى حد ما.

وذكر إن أبرز المشكلات التي واجهها هي عدم قدرته على الحصول على ما يثبت إعفاءه من البصمة رغم أنه من ذوي الإعاقة الشديدة التي شملها القانون بالإعفاء، موضحاً أنه لم يجد الحل في جهة العمل أو في ديوان الخدمة المدنية أو في الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة.

وقال إن المهام الموكلة إليه مناسبة لقدراته مؤكداً عدم وجود تمييز بينه وبين زملائه وهو قادر على الاندماج معهم بما يساعد على إنجاز العمل بالشكل المطلوب.

وأضاف السرحان «إن الفرد ذي الإعاقة قادر على تبوؤ أي منصب في حال توفرت المتطلبات اللازمة حسب نوع إعاقته»، مثمناً جهود المسؤولين في الدولة لتوفير الفرص الوظيفية الكافية للأشخاص ذوي الإعاقة.

تهيئة

ومن جانب آخر، قال أمين سر الجمعية الكويتية لمتابعة قضايا المعاقين والناشط علي ثويني لـ (كونا) إن دور الناشطين يبدأ بتهيئة جميع فئات المجتمع من أسر ومؤسسات لاستيعاب وجود الموظف ذي الإعاقة، مبيناً أن المشكلات التي تعترض أي مبادرة للتوظيف سببها عدم الاستفادة من سابقاتها.

وأوضح «إنه يجب إعادة صياغة بعض القوانين الحالية ومراجعة القوانين الجديدة قبل وضعها لتتوافق واحتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة ليتمكنوا من تطوير أدائهم الوظيفي».

ولفت إلى «أن الموظفين ذوي الإعاقة يواجهون عدة صعوبات منها البنية التحتية غير المهيئة والتقنيات غير الملائمة وعدم إدخال التكنولوجيا المساعدة في أداء العمل»، مؤكداً «أهمية إشراك المختصين بمجال ذوي الإعاقة في التخطيط للتوظيف للحصول على نتائج أفضل».

وأشاد ثويني بالدور الذي أداه ذوو الإعاقة في المطالبة بتوسيع مجالات التوظيف المتاحة لهم، موضحاً أن الاستجابة لمطالب الناشطين غير كافية.

وأضاف «إن حفظ حق الترقية بالاختيار للموظف والتركيز على جميع درجات الإعاقة بما فيها الشديدة وتوفير وظائف مناسبة لمؤهلاتهم سيضمن الاستقرار الوظيفي للفرد».

ومن جهتها، بينت المحامية والناشطة هنادي العماني لـ (كونا) «أن الأشخاص ذوي الإعاقة بحاجة لتكثيف جهودهم لإيصال مطالباتهم بفتح آفاق وظيفية جديدة إلى المسؤولين».

وأوضحت «أن كثيراً من المجالات التي يمكن لذوي الإعاقة دخولها في ضوء التطور التكنولوجي لا تزال غير متاحة لهم مؤكدة إمكانية اللجوء للقانون في حال رفض تعيين الشخص دون سبب مقبول».

وأفادت بأن «دور الناشطين بما يخص التوظيف يتمثل بعقد الندوات وتنظيم الزيارات إلى الجهات المعنية بالأمر بالإضافة إلى رفع الرغبات الوظيفية للأشخاص ذوي الإعاقة إلى تلك الجهات»، مبينة «أن استجابة بعضها غير كافية».

وأضافت العماني «إن تعديل المواد الخاصة بالتوظيف في قانون حقوق ذوي الإعاقة لتخصص نسبة معينة من الموظفين لكل إعاقة سيضمن تعيين جميع الفئات».

شركاء

وفي هذا الإطار، قال نائب المدير العام لشؤون القطاع التعليمي بالهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة المهندس أنور الأنصاري لـ (كونا) «إن الهيئة أطلقت حملة (شركاء لتوظيفهم) أواخر مايو الماضي بمبادرة من معهد البناء البشري للتدريب وبالتعاون مع عدد من المؤسسات في الدولة».

وأوضح «إن الحملة توفر مئة فرصة وظيفية للإعاقات الحركية والسمعية والبصرية والتعليمية البسيطة والمتوسطة بعد اجتياز برامج تدريبية مكثفة منها برنامج المؤذن ومقيم الشعائر وبرنامج العلاج الإكلينيكي»، مشيداً بالاستجابة الفعالة للجهات المشاركة.

وأفاد بأن «الهيئة تتلقى بشكل دائم طلبات التوظيف من ذوي الإعاقة لإحالتها للجهات المسؤولة عن التعيين في القطاع الحكومي والخاص وفق رغبة مقدم الطلب مع حفظ الأولوية له في ديوان الخدمة المدنية».

وذكر الأنصاري «إن المقترحات التي من شأنها تحسين الأوضاع الوظيفية لذوي الإعاقة تؤخذ بالاعتبار لدراسة سبل تطبيقها على أرض الواقع»، موضحاً «أن الهيئة توفر اختصاصيين لمتابعة وتلبية احتياجات الموظفين».

يذكر أنه من باب حماية حقوق جميع المواطنين بمن فيهم ذوو الإعاقة أقرت الكويت القانون رقم 8 لسنة 2010 بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذي خصص فصلاً كاملاً للتأهيل والتشغيل يتضمن خمسة بنود تبدأ بالمادة 13 وتنتهي بالمادة 17 من القانون.

ونصت المادة 14 من القانون على أن نسبة ذوي الإعاقة يجب ألا تقل عن 4 في المئة من الكويتيين في الجهات التي توظف 50 عاملاً كويتياً على الأقل على ألا يرفض طلب التعيين دون سبب مقبول خلاف الإعاقة وتوفر الدولة برامج تحفيزية للجهات التي تتجاوز هذه النسب.

كما جاء في نص المادة 16 من القانون أن الهيئة «تحدد الإجراءات اللازمة والكفيلة بمنع جميع صور إساءة استغلال الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل».

back to top