السعودية... وكندا!

نشر في 08-08-2018
آخر تحديث 08-08-2018 | 00:19
 صالح القلاب لأن هناك موجة إرهاب ضربت هذه المنطقة والعالم بأسره في السنوات الأخيرة، أي منذ أكثر من عقدين من الزمن، فقد جرت في معظم الدول الأوروبية والغربية، كما في دول منطقتنا دون استثناء دولة واحدة، اعتقالات عشوائية وتحفظات على أناس ثبت لاحقاً أنهم أبرياء فأُطلق سراحهم، وربما دون الاعتذار لهم، وذلك لأن المشتبه به في هذا المجال يعتبر مداناً حتى تثبت براءته، ولأنه، كما يقال، "كم في السجون من أبرياء"، فإنه أيضاً كم من الذين أطلق سراحهم ثبت أنهم متورطون في عمليات إرهابية حتى ذقونهم؟

كل الدول الأوروبية الديمقراطية فعلاً، والتي تعتبر فيها حقوق الإنسان مقدسة، ويعتبر أي إنسان بريئاً حتى تثبت إدانته، مارست عمليات الاعتقال العشوائية، حيث عومل كثيرون على أساس القاعدة التي تقول "إن المشتبه به يعتبر مداناً حتى تثبت براءته"، وهذا في حقيقة الأمر شمل عابري السبيل من "الأجانب"، وأيضاً من الذين أصبحوا مواطنين بحكم عوامل متعددة كثيرة والمواطنين الأصليين، الذين "عيونهم زرق وأسنانهم فرق" كما يقال!

إن سبب إثارة هذا الموضوع هو ما حصل بين المملكة العربية السعودية الشقيقة وبين كندا الصديقة التي استوعبت أعداداً هائلة من العرب والمسلمين، والتي هناك حرص شديد على صداقتها حتى من قِبل أشقائنا السعوديين على صعيد القيادات العليا، وعلى صعيد المواطن العادي، لكن من الواضح أن الأصدقاء الكنديين كلهم أو بعضهم، والمقصود مَن هم في مواقع المسؤولية، قد تدخلوا في شأن داخلي سعودي، دون أن يستطلعوا الأوضاع جيداً، أو أن يقفوا على حقائق الأمور، أو يتأكدوا من صحة المعلومات التي حصلوا عليها ربما من جهات حاقدة، كلّ همها، لأسباب كثيرة، تشويه صورة هذه الدولة العربية التي كل العالم يعرف، وكل السعوديين "يشهدون" أنها حققت في السنوات الأخيرة قفزة نوعية هائلة على صعيد الحريات العامة، وتحديداً على صعيد حقوق المرأة التي "لامست"، بصدق، ما هو جارٍ في دول الديمقراطيات العريقة، سواء في الغرب كله أو في العديد من الدول الشرقية.

ما كان على المسؤولين الكنديين، بغضّ النظر عن مستوى مسؤولياتهم، أن يرتكبوا هذا الخطأ الفادح تجاه دولة صديقة، الكل يعترف - وفي المقدمة من هؤلاء المرأة السعودية - أنها خلال فترة قصيرة جداً حققت تقدماً هائلاً على طريق الرقي الحضاري، وعلى طريق الحريات العامة، وأيضاً، وهذا هو الأهم، على طريق أن المرأة في هذا البلد العربي لم تكتف بإزالة "الخمار" عن وجهها، بل إنها دخلت ميادين العمل في الاتجاهات كافة، وعلى قدم المساواة مع الرجل وفي بعض الميادين أكثر كثيراً منه.

لقد أخطأ الكنديون المعنيون، وبخاصة من كان منهم في مواقع المسؤولية، بالاعتماد في معلوماتهم عن المملكة، التي هي مثلها مثل معظم دول العالم لديها خطوط حمر تجاه بعض القضايا المتعلقة بالأمور الأمنية، على بعض السعوديين الذين يعتبرون أنفسهم "معارضة الخارج"، وهم من المؤكد أن بينهم من يعملون لحساب جهات خارجية معادية للسعودية، وعلى رأسها إيران، المعروفة بعدائها التناحري مع هذه الدولة العربية.

back to top