الغانم: صعب مطالبة الشعوب بتحمّل تكاليف الإصلاح وهي ترى انتشار الفساد واستباحة المال العام

خطة الإصلاح الاقتصادي بالكويت تهدف إلى تنافسية «الخاص» وتوسيع «الإنتاج» والاعتماد على العمالة الوطنية

نشر في 13-07-2018
آخر تحديث 13-07-2018 | 00:05
الحريري يكرم الغانم في منتدى الاقتصاد العربي
الحريري يكرم الغانم في منتدى الاقتصاد العربي
أكد الغانم أن خطة الإصلاح الاقتصادي والمالي في الكويت تهدف إلى ثلاثة تحولات رئيسية تتعلق بطبيعة الاقتصاد وقاعدته الإنتاجية وطبيعة القوة البشرية المحركة له.
قال رئيس مجلس الامة مرزوق الغانم ان رؤية الاصلاح الاقتصادي والمالي في الكويت تستلهم فكر سمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد، الذي يطمح إلى جعل الكويت مركزا ماليا واقتصاديا اقليميا وعالميا.

وأكد الغانم، في كلمة له امام منتدى الاقتصاد العربي الذي افتتح اعماله في بيروت امس بحضور راعي الحفل رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري، ان خطة الاصلاح الاقتصادي والمالي في الكويت تهدف إلى تحولات رئيسية ثلاثة تتعلق بطبيعة الاقتصاد وقاعدته الانتاجية وطبيعة القوة البشرية المحركة له.

التحولات الثلاثة

وأضاف أن تلك التحولات الثلاثة التي تستهدفها رؤية الاصلاح الاقتصادي في الكويت تتعلق بالانتقال من اقتصاد ريعي يحكمه القطاع العام إلى اقتصاد تنافسي يحركه القطاع الخاص، ومن قاعدة انتاجية ضيقة تعتمد على ثروة ناضبة إلى التوسع في قاعدة انتاجية عريضة تساهم فيها الأنشطة المالية والتجارية واللوجستية بنسبة عالية من الناتج المحلي الإجمالي، اما التحول الثالث فهو من قوة عاملة تشكل العمالة الوافدة النسبة الأكبر من هيكلها إلى عمالة وطنية تشكل العمود الفقري لهذا الهيكل.

وأوضح ان الاصلاح الاقتصادي والمالي ثلاثي الأبعاد هذا، يستلهم فكر صاحب السمو الأمير، «الذي هو والدنا قبل أن يكون قائدنا، وكبيرنا قبل ان يكون أميرنا، والذي يطمح إلى أن يجعل الكويت مركزاً تجارياً ومالياً اقليمياً وعالميا».

وأشار إلى أن «هذا الفكر تمت بلورته إلى رؤية تنموية كاملة واضحة للكويت 2035، يجري العمل على تنفيذها في إطار خطط خمسية متتابعة، تبلغ تكاليف تنفيذ هذه المشاريع المدرجة في أولاها فقط قرابة 116 مليار دولار، تتوزع على كل القطاعات الاقتصادية عموماً، وعلى مشاريع الكهرباء والماء وقضايا الصحة والتعليم على وجه الخصوص، كما تشكل برامج الخصخصة والشراكة بين القطاعين العام والخاص، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة آليات رئيسية لتحقيقها».

وذكر أنه «إذا كان الوقت لا يتّسع للحديث عن السياسات الرئيسية، وعن منظومة التشريعات الحديثة التي تواكب عملية الإصلاح الاقتصادي والمالي هذه، فمن الضروري أن أذكر أن هذه السياسات والتشريعات تتوجه نحو الانفتاح الكامل والفاعل، ونحو تسهيل التدابير والاجراءات، ونحو ايجاد مناخ استثماري جاذب للاستثمارات العربية والأجنبية».

وتطرق الغانم الى افاق الإصلاح الاقتصادي والمالي في لبنان قائلا: «ارجو ألا أرتكب خطأً كبيراً عندما أزعم أن برنامج الانفاق الاستثماري على البنية الأساسية في كل مرافقها ومناطقها، والذي يتضمن أكثر من 280 مشروعاً، يمثل إلى حد بعيد تطلعات لبنان الاقتصادية وطموحه التنموي للمرحلة القادمة».

ولفت الى النجاح الكبير الذي حققه مؤتمر سيدر – المنعقد في أبريل الماضي بباريس – لدعم لبنان اقتصادياً، والذي أسفر عن وعود وتعهدات مالية يتجاوز مجموعها 11 مليار دولار لإعادة تأهيل البنية الأساسية، وتحديث الاقتصاد والإدارة العامة، وإعطاء القطاع الخاص في لبنان دفعة قوية جديدة.

لبنان ضرورة عربية

وبيّن أن «المجتمع الدولي استجاب في (سيدر) لاحتياجات التنمية والسلام في لبنان استجابة غير مسبوقة، وفي ظل ظروف اقتصادية ومالية صعبة تسود العالم بأسره»، مؤكداً ان «هذا يؤكد ما نقوله دائماً بأن لبنان ضرورة عربية ودولية، وأن استقراره وأمنه ونموّه مسؤولية عربية ودولية أيضاً».

وقال: «إذا كان نجاح الإصلاح الاقتصادي والمالي في الكويت مرهوناً بالتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بصدق وعمق، وبتحمل القطاع الخاص لمسؤوليته التنموية والمجتمعية بكفاءة وشجاعة، فإن نجاح لبنان في الحصول على التزامات الدول والمؤسسات الدولية المشاركة في (سيدر) مشروط بتنفيذ الالتزام اللبناني المقابل، ليس بالإصلاح الاقتصادي والمالي فحسب، بل بالإصلاح السياسي المعزّز للتعايش والعدل والمرجعية الوطنية».

وعن افاق الاصلاح المالي والاقتصادي في العالم العربي اعتبر الغانم «أن الإصلاح أشبه بالعمل الجراحي، مؤلم موجع ولكن لا غنىً عنه، فالتغيير أول شروط الاستمرار، والتغيير مستحيل مع تمسك كل فريق بخندقه ومكاسبه، والتغيير مستحيل مع بقاء كل مسئول في منصبه».

وساق الغانم في هذا الاطار مثالا على احدث تجارب الاصلاح واعادة الهيكلة من خلال ما يحدث في المملكة العربية السعودية قائلا: «لعل أقرب مثال عملي حديث على هذا النهج هو عملية إعادة هيكلة الاقتصاد السعودي الذي تتم برعاية مباشرة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبمتابعة حثيثة من ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان». وأكد ان «الاصلاح بحاجة إلى نفس طويل من الحكومات ومن الشعوب على حدٍ سواء، وهذا النَفَس لن يكون مجدياً إذا كان قصيراً أو قاصراً أو متقطعاً، بل يجب أن يظلَّ موصولاً ومنتظماً ومتدفقاً طوال فترة العبور والتحوُّل».

وأضاف: «من المؤسف أن بعض حكوماتنا لا تصارح شعوبها بالحقائق عن أوجاع الإصلاح وآلامه، وعن فترة التحول وتداعياتها، كما أن هذه الحكومات لا تبيّن لشعوبها التكلفة المالية والاقتصادية والاجتماعية لتأجيل الإصلاح أو التردد بشأنه، وهذا ما يفسر – دون أن يبرر – سبب النَفَس الشعبي القصير في الصبر على مقتضيات الإصلاح وآلامه».

تكاليف الإصلاح

واستدرك الغانم: «من جهةٍ أخرى، لابد من الإقرار بأنه من الصعب على بعض الحكومات العربية أن تطالب شعوبها بتحمّل تكاليف الإصلاح طوال سنوات التحوّل الجذري، وهي ترى كيف ينتشر الفساد المالي والإداري الذي يستبيح المال العام، ويعوق التغيير، ويشيع أجواء القلق والإحباط واليأس».

واختتم الغانم كلمته بالتشديد على اهمية تحقيق الاستقرار السياسي والامني والمجتمعي كبوابة لأية عملية تنموية. وأضاف: «نعلم جميعاً أن الحديث عن التحول الاقتصادي والإصلاح، وعن التنمية المستدامة والاستثمار، وعن المعاصرة والحداثة في التقدم التقني والاقتصاد المعرفي، يصبح أقرب إلى الخيال العلمي في غياب البيئة المستقرة سياسياً ومجتمعياً، الآمنة داخلياً وخارجياً»، معقبا بأن «هذه الحقيقة بالذات تثير تساؤلات مُلِحّة ومستفزةْ عن معنى التنمية والاستثمار في وطن ممزق الأوصال محكم الأغلال، وعن جدوى الإصلاح والانفتاح لدول لا منعة لحدودها وأرضها، ولا حرمة لدم أبنائها ودموع أطفالها».

تحقيق الاستقرار السياسي والأمني المجتمعي كبوابة لأي عملية تنموية
back to top