مؤتمر إعادة الإعمار من منظور إنساني

نشر في 16-02-2018
آخر تحديث 16-02-2018 | 00:08
 أ. د. فيصل الشريفي قال تعالى "وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ".

التجارب المريرة التي تمر بها شعوب العالم ومنها الغزو العراقي لدولة الكويت لن يستطيع تجاوزها إلا الشعوب الحية والقادة الحكماء والشعب الكويتي، وبالرغم من المآسي التي عاشها بسبب الغزو العراقي لتراب وطنه فإنه يعرف المتسبب ويعرف من اعتدى عليه، شتان ما بين من يريد بالكويت الاستفادة من دروس الماضي وبين من يريد أن يبقيها رهينة له، لذلك احتضانها لمؤتمر إعادة إعمار العراق لم يأت من باب ضعف، فالكويت بفضل الله وتكاتف أبنائها وبمساعدة شرفاء العالم استطاعت تحرير كل شبر من أراضيها في مشهد سيظل التاريخ يذكره طويلاً.

القيادة الحكيمة لسمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الصباح قائد الإنسانية استطاعت وضع منظور آخر للعلاقات الدولية؛ بإضافته مفاهيم أخرى للسلام وحسن الجوار المبني على أسس الاحترام المتبادل بين الدول، وفي مواساة الشعوب المنكوبة التي طالتها ومزقتها يد الإرهاب.

لقد استطاع سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، رسم مشهد آخر لدور الكويت الحيوي والريادي في المنطقة، وها هو بفضل رؤيته الحكيمة يضع أولى اللبنات نحو تحويل الكويت إلى مركز مالي واقتصادي؛ من خلال إنشاء ميناء مبارك وتوسعات مطار الكويت وجسر جابر ومشروع تطوير الجزر والمناطق الحرة، والتي ستعود فوائدها على الكويت ودول المنطقة.

الأصوات الرافضة لإقامة المؤتمر التي تطلع من هنا وهناك لا ترى أبعد من أنفها، فهذا المؤتمر يجب النظر إليه من منظور اقتصادي إنساني لدولة جارة عانت الكثير من قائد دكتاتوري أدخلها في أتون حروب وصراعات داخلية وخارجية كان شعبه أحد ضحاياها، وحتى بعد هلاكه لم يسلم العراق من شره، حيث تحول إلى ساحة حرب ودمار كان المشهد فيها دما وقتلا على الهوية، ولولا صمود شعبه لكان الوضع في العراق والمنطقة أشبه بالجحيم.

لقد خرج الشعب العراقي منتصراً على كل التنظيمات الإرهابية، وهو يحتاج إلى إعادة البناء، والكويت تقدمت بهذه المبادرة الإنسانية للمساهمة في رسم خريطة جديدة لاستقرار العراق، وما مؤتمر إعادة إعمار العراق إلا وسيلة لتمكين العراق من تفعيل خريطة البناء، وطريق لرفع معاناة شعبه، وما يترتب عليها من عودة المهجرين.

الكويت أرض السلام حملت على عاتقها مسؤولية إنسانية إسلامية عروبية في استضافتها سلسلة من المؤتمرات العالمية لدول عانت ويلات الحرب والفقر، مما جعلها محل تقدير قادة وشعوب العالم؛ لتضيف مفردات جديدة لحسن الجوار المبني على التسامح والسلام، عملاً بقول نبينا عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام "أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم".

وجود هذا العدد من الدول والمستثمرين المشاركين في المؤتمر هو مؤشر نجاح واحترام وتقدير العالم لدولة الكويت، لكن يظل السؤال الأهم: هو قدرة العراقيين على استثمار ثرواتهم واستغلالها وتوجيهها التوجيه الصحيح نحو تطلعات ترضي شعبه؟

ودمتم سالمين.

back to top