ألمانيا تفوز وميركل تخسر

نشر في 25-11-2017
آخر تحديث 25-11-2017 | 00:03
السؤال الأهم الذي يطرح نفسه في هذه الاثناء هو : ماذا سيحل بميركل نفسها؟ قد يسِم هذا بداية نهاية مسيرتها كمستشارة لألمانيا، ففي الأيام الماضية، بدا واضحاً أن جزءاً كبيراً من السلطة التي كانت تتحلى بها قد تبخر.
 شبيغل يشكّل انهيار مفاوضات الائتلاف في برلين انتصاراً للوضوح السياسي في ألمانيا، فما كانت الأحزاب المعنية لتتمكن من الحكم بفاعلية معاً، لكن هذا يسم نهاية أسلوب المستشارة ميركل في الحكم.

أولاً- إليك الخبر الجيد: أنقذ انهيار مفاوضات الائتلاف في برلين البلد من حكومة في حالة جمود، حكومة لا رؤية لها ولا طموح، فلو نجحت المستشارة أنجيلا ميركل في التوصل إلى ائتلاف بين حزبها الاتحاد الديمقراطي المسيحي، والاتحاد الاجتماعي المسيحي البافاري، والحزب الديمقراطي الحر الداعم للشركات، والخضر، لواجه البلد (والقارة كلها) أربع سنوات من الركود، ولكان محور هذا الركود حكومة ألمانية يفوق ما يباعدها ما يجمعها ويوحدها، ما كانت الأحزاب الأربعة المعنية لتكمّل بعضها بطريقة بناءة، وعلى العكس، كان كل منها سيعترض طريق الآخر.

حتى لو ادعى سياسيون ألمان كثر العكس خلال شهر المفاوضات الماضي، لم تكن مشيئة الناخبين تشكيل ائتلاف من أحزاب لا انسجام بينها، وهكذا بانسحابه من المحادثات، ساهم الحزب الديمقراطي الحر في الوضوح السياسي في ألمانيا، وإن لم تكن هذه نيته.

ميركل... إلى أين؟

ولكن مع انهيار المحادثات أخيراً ونية الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني الانتقال إلى المعارضة، لا نرى أي ائتلاف ممكن في الأفق، نتيجة لذلك، يصطدم النظام السياسي الألماني بأزمة، وتشبه الدعوة إلى انتخابات جديدة إرغام الناخبين على البقاء قيد الاعتقال إلى أن يقدّموا نتيجة تناسب الجهاز السياسي، وإذا حدث ذلك، يبدو أن حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي سيكون المستفيد الوحيد بين الأحزاب، لذلك يبقى الخيار البديل تشكيل حكومة أقليات. خاضت الولايات الألمانية أحياناً هذه التجربة من دون التسبب بضرر كبير، إلا أنها لم تُطبّق على الصعيد الفدرالي. في المقابل، لا تُعتبر الحجة المؤثرة بشأن أن الاقتصاد الأقوى في أوروبا لا يتحمّل حكومة غير مستقرة مقنعةً جداً.

أما السؤال الأهم الذي ينشأ، فهو: ماذا سيحل بميركل نفسها؟ قد يسِم هذا بداية نهاية مسيرتها كمستشارة لألمانيا، ففي الأيام الماضية، بدا واضحاً أن جزءاً كبيراً من السلطة التي كانت تتحلى بها قد تبخر، وعلى سبيل المثال، عندما تخطت محادثات الائتلاف المهلة الأخيرة التي حددتها يوم الجمعة الماضي، لم نشهد أي عواقب مطلقاً، ومساء يوم الأحد، لم تنتهِ المفاوضات فحسب، بل أيضاً كل أسلوب ميركل في الحكم.

طوال سنوات، قضت ميركل على العقد في السياسة، ولو نجحت في تشكيل ائتلاف مع الحزب الديمقراطي الحر والخضر، لشكّل ذلك الإنجاز الأبرز في هذه المقاربة، ولتحوّل إلى دليل يثبت أن البيئيين ومهووسي التجارة الحرة يستطيعون العمل معاً مادامت يد ميركل الصارمة حاضرة لتبقي كل المسائل في مسارها. لكن هذا بات اليوم من الماضي. تُعتبر هذه الأزمة أزمة ميركل، ومن المثير للاهتمام أن نرى كيف ستحاول التعاطي معها وما إذا كانت ستخسر فيها.

لكن الأمر عينه ينطبق على كل مَن استثمروا رأسمال سياسياً في هذا الائتلاف المشوّه، فقد بدا قادة الخضر مستعدين لتقديم تنازلات كبيرة، ولا شك أنهم سيواجهون انتقادات حادة داخل حزبهم، أما الاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا، فكان قد بدأ بالتفكك قبل انهيار المفاوضات يوم الأحد، ومن المؤكد أن هذا الحزب سيندم لأنه لم ينهِ المفاوضات بنفسه.

كذلك سيراقب الحزب الديمقراطي الحر نتائج استطلاعات الرأي بتوتر، ساعياً لمعرفة حجم العقاب الذي سيواجهه، وماذا عن حزب ميركل، الاتحاد الديمقراطي المسيحي؟ سيحتشد أنصاره حول زعيمتهم وسيواصلون إثارة مسألة القناعة الريفية التي وعدت بها المستشارة، إلا أن هذه الرسالة فقدت اليوم كل مصداقيتها.

* أولريخ فيشتنر

* (دير شبيغل)

back to top