صورة لها تاريخ : نجاشي الحبشة... «ملك لا يُظلم عنده أحد»

نشر في 21-04-2017
آخر تحديث 21-04-2017 | 00:05
No Image Caption
كلما تأملت في قصة الهجرة الأولى للمسلمين إلى بلاد الحبشة (في رجب من السنة الخامسة للبعثة النبوية)، أخذتني الدهشة والاستغراب، لأن المسافة بين مكة، موطن الرسول، صلى الله عليه وسلم، وصحابته الكرام، و"اكسوم"، التي كان يستقر فيها نجاشي الحبشة، بعيدة ويفصل بينهما بحر القلزم، الذي هو البحر الأحمر، أو بحر الحبشة سابقاً، طبقاً لبعض المصادر التاريخية. والبحر الأحمر بحر ضخم، طوله أكثر من 2000 كم، وأوسع مساحة له تزيد على 300 كم، ومتوسط أعماقه 490 متراً.

لكن ذلك لم يكن مانعاً من قرار الصحابة الفرار بدينهم، بعد أن سمعوا الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، يقول: "اذهبوا إلى الحبشة، فإن فيها ملكاً لا يُظلم عنده أحد"، فاستعد مجموعة من الصحابة والصحابيات للهجرة (عددهم 11 شخصاً)، وخرجوا من مكة سراً، واتجهوا إلى البحر، واستأجروا سفينة من ميناء الشعيبة نقلتهم إلى الساحل الحبشي، ثم ساروا على أقدامهم مسافات طويلة إلى مركز حكم النجاشي واستقروا هناك.

وكان على رأس هؤلاء المهاجرين عثمان بن عفان، رضي الله عنه، وزوجته رقية، بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، ومعهما جعفر بن أبي طالب وزوجته أسماء بنت عميس (أنجبا في الحبشة محمد وعون وعبدالله)، وغيرهم.

وأعقب ذلك، بعد سنتين تقريباً، هجرة أخرى وصل مجموع من شارك فيها أكثر من ثمانين صحابياً وصحابية. وعندما قدم كفار قريش للمطالبة بهم بعد الهجرة الثانية، استدعى النجاشي المهاجرين واستمع لهم، ووقف إلى جانبهم ضد ممثلي قريش الذين رجعوا إلى وطنهم خاسرين خائبين.

ولمن يريد قراءة التفاصيل الجميلة التي دارت بين النجاشي والصحابة، فإنني أنصحه بقراءة كتاب "رفع شأن الحبشان" للإمام جلال الدين عبدالرحمن السيوطي (المتوفى عام 911هـ/ 1505م)، الذي حققه د. محمد عبدالوهاب فضل، ونشره في كتابه الذي يحمل نفس الاسم عام 1991م، فسيجد فيه توثيقاً كاملاً لموقف النجاشي الصلب والعادل، والذي جاء بعد استماعه للصحابة، وخصوصاً ما قاله الصحابة عن عيسى عليه السلام وأمه مريم العذراء.

back to top