حتى العلاجات العشبية لها جرعات محددة

نشر في 21-04-2017
آخر تحديث 21-04-2017 | 00:11
مقولة «اسأل مجرب ولا تسأل طبيب» لا تنفع إلا إذا كان المجرب أيضاً ينصح بتقوى وصدق بعد العودة إلى أهل الاختصاص، وذلك لأن الجرعة العشبية تزيد بالتركيز التراكمي خطورتها، ولا تظهر من الاستعمال الأول كالأدوية التقليدية.
 د. روضة كريز هناك مثل كويتي تعلمته من كبار السن الطيبين يقول "كل شي يزيد عن حده ينقلب ضده"!

مثل جميل عالمي ينطبق على كل شيء نقوم به من أعمال أو نتناوله من طعام أو دواء، وحتى الماء والمحبة، كل ذلك إذا زاد عن حده، انقلب في النتائج إلى العكس، فعندما نعطي من نحب كل ما يطلبه منا وننسى أنفسنا، ونتحمل ضيق الصبر وما يعترينا من المشقة حيال من أحببنا، خصوصاً أطفالنا في هذه الأيام أمام الوجبات السريعة، والسكاكر الضارة، والألعاب الإلكترونية القاتلة والعصير الصناعي بدل الماء، وكثير غير ذلك.

كذلك الأدوية العشبية لها مضاعفات في أخذها زيادة على جرعتها اليومية، أو استعملت مع الأدوية الكيميائية، وهذا المثل يضعني في كثير من الأحيان أمام مفاجآت صحية طبية ونظام حياتي غريب، مع كثير من المراجعين، خصوصا من يأخذون العلاج عن غير المتخصصين (توارث خبرته في العلاج العشبي عمن قبله)! فكل يطالع الإنترنت أو تصله معلومة على الواتساب، ويتثقف ولا يتحقق من المعلومة، ويفتي بالعشبة واستخدامها، دون أن يأخذ بالحسبان عمر المريض الذي أمامه ولا حالته، وربما يكون من كبار السن أو من مرضى الضغط أو السكر أو أمراض المناعة، وربما أخذ العشبة بجرعة عالية ومع أدويته التقليدية، ظنا منه أنه سيحصل على شفاء أسرع! ولا أظن أحدا يريد أن يؤذي أحدا، ولكن علينا الانتباه جيدا لمخاطر العشوائية مع الأعشاب أو الأطعمة، قبل أن ننشر ما جربناه منها و"المفروض أنها علاجية"!

وكما أن الأدوية الكيميائية التقليدية لها مضاعفات جانبية قد تكون مميتة، كذلك الأدوية العشبية أو الغذائية لها مضاعفات، وأحيانا لأقل جرعة منها، استنشاقا أو شرابا، قد تودي بحياة الشخص أو الطفل بسبب التحسس وهو لا يعلم، أو يصاب بإسهال مزمن كردة فعل تؤدي إلى التصاق الأمعاء من الجفاف! فما بال "المرشد الهاوي" إن خلط المريض بعض الأعشاب وأخذها دفعة واحدة، ولا يعلم نفسه بأي تفاعل عكسي سيقع؟!

وهنا لا تنفع مقولة "اسأل مجرب ولا تسأل طبيب"، إلا إذا كان المجرب أيضا ينصح بتقوى وصدق بعد العودة إلى أهل الاختصاص، وذلك لأن الجرعة العشبية تزيد بالتركيز التراكمي خطورتها ولا تظهر من الاستعمال الأول كالأدوية التقليدية، فتكون سميتها أكبر خاصة إذا أخذت على جرعات متقاربة ويومية، في حين إذا كانت الجرعات عادية أو قليلة ومتفاوتة، فشيء طبيعي أن يتعامل معها الجسم كأي مادة غذائية في تحللها والتخلص منها كباقي الأطعمة، وكأنها لم تكن مع توخي الحذر في المرات القادمة! ونسأل الله السلامة للجميع.

* باحثة سموم ومعالجة بالتغذية

back to top