خطة أوباما لدعم موقف الأسد

نشر في 03-01-2014
آخر تحديث 03-01-2014 | 00:01
سوف تكون روسيا في حاجة إلى واشنطن أيضاً من أجل دفع قرار عن طريق مجلس الأمن للموافقة على عملية الاحتيال الدبلوماسي التي أعدت في جنيف، وبينما يمتلك الروس فكرة واضحة تماماً عما يريدونه من مؤتمر جنيف، يفتقر الأميركيون إلى استراتيجية ما عدا ملء ألبوم صور كيري وتغذية حلمه بنيل جائزة نوبل للسلام.
 نيويورك بوست في إطار السعي الحثيث الذي يبذله الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري من أجل الحفاظ على وتيرة الجهد الدبلوماسي، فإنهما يضغطان عبر مناورات تهدف إلى عقد مؤتمر آخر في جنيف في شهر يناير.

وتتمثل المشكلة بأن المؤتمر- وهو خدعة روسية لإبقاء دكتاتور البعث بشار الأسد في السلطة- سوف يسهم فقط في إطالة أمد المأساة السورية في حين يلحق المزيد من الضرر في موقف الولايات المتحدة المتراجع أساساً في الشرق الأوسط.

أداء أوباما- كيري الترادفي أفضى في الأساس إلى تنازلات عدة في مقابل وعد روسي بحضور المؤتمر المذكور، وفي الشهر الماضي أوقفت الولايات المتحدة المساعدة الهزيلة التي يعرف باسم "غير الفتاكة" التي كانت تقدمها الى الثوار المناوئين للأسد. ومضت واشنطن حتى إلى ممارسة ضغط على الحلفاء الأوروبيين للقيام بالإجراء ذاته، ونجحت حتى الآن مع بريطانيا التي قطعت أيضاً مساعداتها إلى مقاتلي الحرية السوريين، والأسوأ من ذلك أن إدارة أوباما أثارت خلافاً علنياً من حلفاء إقليميين مثل تركيا والسعودية اللتين يعتبر دعمهما مهماً جداً في أي تسوية للنزاع السوري.

وهكذا عندما يتوجه كيري إلى جنيف لجولة أخرى من التقاط الصور فإنه سوف يمثل الولايات المتحدة التي تخلت عن كل حلفائها الإقليميين. وفي الوقت ذاته لن تتمكن الولايات المتحدة من الاعتماد على أي من المعسكرات الثلاثة العريضة التي تمثل معاً الائتلاف المناوئ للأسد، وحقيقة الأمر أنه ما من أحد في سورية يثق بالولايات المتحدة في هذه الأيام، ويبدو من غير المحتمل بصورة متزايدة أن يذهب أي من مجموعات الثوار الرئيسة إلى جنيف.

وفي المقابل، سوف تحضر روسيا المؤتمر على رأس تحالف متحد يضم ملالي طهران والأسد وعصابته في دمشق ومجموعة من الشخصيات والجماعات المناوئة لأميركا في لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية. وسوف تكون لدى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف سلطة التحدث باسم معسكره، لكن كيري لن يتمكن من تحقيق زعم مماثل إزاء التحدث باسم معسكره لأنه لا يملك أحداً.

ولم يكن مفاجئاً أن موسكو كانت تحاول إملاء أجندة مؤتمر جنيف، ويقول لافروف إن التجمع سوف يعمل على تحقيق "صيغة انتقالية"، لكن المشكلة أنه يصر أيضاً على أن أي شكل للانتقال وهوية من يقوده سوف تتوقف على "الحكومة السورية". ونظراً لأن الأسد قال في الأساس إنه يجب أن يقود أي مرحلة انتقالية يتم الاتفاق حولها، فإن صيغة لافروف سوف تعني "انتقالاً من الأسد الى الأسد".

وفي ذلك السياق، قد يكون كيري مفيداً من حيث منح عملية انتقال بقيادة الأسد سمة اعتراف دولة عظمى، إن لم نقل شرعية، وسوف تكون روسيا في حاجة إلى الولايات المتحدة أيضاً من أجل دفع قرار عن طريق مجلس الأمن الدولي للموافقة على عملية الاحتيال الدبلوماسي التي أعدت في جنيف.

وبينما يمتلك الروس فكرة واضحة تماماً عما يريدونه من مؤتمر جنيف، يفتقر الأميركيون إلى استراتيجية ما عدا ملء ألبوم صور كيري وتغذية حلمه بنيل جائزة نوبل للسلام.

فات الوقت طبعاً بالنسبة الى الولايات المتحدة من أجل تطوير استراتيجية حول سورية قبل مؤتمر جنيف، وهكذا لدى أوباما وكيري خياران فقط: لعب الدور الذي أعده فلاديمير بوتين لهما، أو التخلي عن الخطة الفاسدة برمتها.

وربما يتوافر خيار ثالث شريطة أن ينظر أوباما وكيري بدرجة أكبر من الجدية إلى رسم السياسة الخارجية لدولة ديمقراطية عظمى، وفي ذلك الخيار سوف يتعين عليهما الإصرار على أن يركز مؤتمر جنيف على نقطتين هما:

• تطبيق الاتفاقات التي تم التوصل اليها في "مؤتمر جنيف- 1" والمتعلقة بسورية، خصوصاً إنهاء القصف العشوائي للمناطق الحضرية من قبل القوات الحكومية الجوية.

• حشد جهد دولي بقيادة هيئة الأمم المتحدة من أجل إيصال مساعدات إلى الشعب السوري، وسبق أن أعلنت المنظمة الدولية أن سورية تمثل أضخم التحديات الإنسانية التي يواجهها العالم، ويوجد ما يقارب العشرة ملايين شخص، حوالي نصف عدد سكان سورية، إما أنهم لاجئون وإما مهجرون داخل سورية.

وفي وسع الولايات المتحدة الاضطلاع بدور قيادي في حشد الموارد اللازمة لمواجهة هذه المأساة الإنسانية، وإرغام الروس على  تقرير ما إذا كانوا يرغبون في تعميق المأساة أو وضع حد لها.

ويتعين على كيري أن يبلغ لافروف بأن الولايات المتحدة لن تسمح بأن يتم استخدامها على شكل موافقة روتينية من أجل عملية "انتقالية من الأسد إلى الأسد".

قد يساعد الموقف الأميركي الواضح، الذي لا يندرج ضمن الخطة الروسية، على استعادة بعض الصدقية التي فقدتها الولايات المتحدة بين حلفائها في المنطقة، وضمن الائتلاف المناوئ للأسد في داخل سورية.

* أمير طاهري | Amir Taheri

back to top