اللائحة الداخلية لمجلس الأمة... بين الجهل والمجاملة والحزم

نشر في 26-06-2009 | 00:00
آخر تحديث 26-06-2009 | 00:00
بين المجاملة وجهل أعضاء مجلس الأمة بمواد اللائحة ومسؤولية رئاسة الجلسة، تصبح لائحة مجلس الأمة وتطبيقها، بصفتها وليدة مواد الدستور، محل اختبار دائم لمدى التزام الأعضاء بالقوانين واللوائح والنظم التي تضبط عمل مجلس الأمة في الجلسات العامة واللجان.

تتكون اللائحة الداخلية المنظمة لعمل مجلس الامة والصادرة بقانون رقم 12 لسنة 1963 من 183 مادة، تتوزع على اربعة ابواب رئيسية، الاول يخص تنظيم المجلس وتكوينه وعضويته والحصانة النيابية وواجبات الاعضاء وهيكل المجلس المكون من الرئاسة ومكتب المجلس واللجان، والثاني يفصل مسألة الجلسات واجتماعات المجلس والمضابط، والثالث يشرح اعمال المجلس التشريعية وانواعها المختلفة والاسئلة والاستجوابات وطلبات المناقشة والشؤون المالية والميزانيات العامة.

أما الباب الرابع فهو عبارة عن مجموعة احكام عامة، وترتيب لشؤون الادارة الداخلية للمجلس، من خلال الامانة العامة وحرص المجلس واجتماعات اللجان ومكتب المجلس وعلاقته بالصحافة.

وقد برز في الآونة الاخيرة العديد من الملاحظات والسلوكيات التي لا تمت الى مواد هذه اللائحة بصلة في مخالفات صريحة وواضحة لموادها، ولان كان البعض قد شدد على ضرورة تشكيل لجنة للقيم لردع بعض النواب عن الاتيان بتصرفات خارجة عن العرف والقانون فإن مواد اللائحة الداخلية وخصوصا المواد من 86 الى 90 تفي بالغرض المنشود، لكن الاشكال دائما ما يتجه ناحية عدم الالتزام بتطبيق هذه المواد.

وقد شهدت العديد من جلسات المجلس واجتماعات عديدة للجان بذاتها مخالفات واضحة، يتطلب الامر وخطورته ايقافها بما هو متاح من مواد في اللائحة.

ويشار في هذا الصدد الى ظاهرة قيام اللجان البرلمانية بمناقشة قضايا غير محالة اليها من المجلس، وهو ما تمت معالجته أخيرا من خلال اجراءات رئيس مجلس الامة الواضحة والمكتوبة بعدم احقية اللجان في بحث اي موضوع غير محال اليها من المجلس.

لكنه لا يزال من المبكر الحديث عن تطبيق صارم للائحة في ظل تواتر العديد من السلوكيات والخروقات الواضحة للائحة الداخلية، وأبرز هذه المخالفات الطريقة التي يتم من خلالها معالجة الخطاب الاميري الذي يقدم الى المجلس بموجب المادة 104 من الدستور، وطريقة الكثير من النواب في الخروج الصريح عن نطاق مناقشة بنوده، وطرح نقاط اخرى بعيدة عن محاوره، وهو ما يساهم في ضياع جلسات المجلس القليلة المخصصة للخطاب الاميري.

وهناك ايضا التهديد باستجواب وزراء لم يعينوا بعد، وخصوصا في فترة الحملات الانتخابية، وهو سلوك ينم عن عدم فهم للدستور، لان المساءلة عن وقائع لوزارة لم تتشكل بعد يعد مخالفة بحد ذاتها، كما يشار في هذا المجال الى تعدي بعض النواب صلاحياتهم بإطلاق اوصاف سياسية على استجواب زملائهم النواب كالقول بأن الاستجواب انتقامي او يحمل نفسا قبليا او طائفيا، والى آخر هذه النعوت التي تنم عن جهل بأصوات العمل البرلماني، ويحدث ايضا ان تكثر المخالفات في اجتماعات اللجان من زاوية مناقشة قضايا مدرجة على جدول الاعمال من دون التدقيق في مسألة النصاب المطلوب للمناقشة، واتخاذ القرارات واصدار التقارير، وتتعرض كذلك نقاط النظام لتشويه وعبث، ففي كثير من الاحيان يخرج طالب نقطة النظام عن نطاق المادة اللائحية التي يريد الحديث عن الخروقات التي تمت بشأنها، ويدخل في حوارات ونقاشات اخرى غير قانونية، وفي واقعة لافتة حصل أخيرا ان عرض عضو نفسه على القضاء من دون الحصول على إذن من المجلس بموجب المادة 23 من اللائحة التي تنص بوضوح على انه لا يجوز للعضو ان ينزل عن الحصانة النيابية من غير إذن المجلس. ولاحظ من شهد الجلسة الافتتاحية لدور الانعقاد الحالي كيف تمت اضافة العديد من الكلمات والمقدمات الى نص القسم الوارد بالدستور، وهو ما أثار الشكوك في مدى صحة عضوية البعض في المجلس، الامر الذي أثار لغطا سياسيا وقانونيا كبيرا.

والسؤال الآن: ما الاجراء المطلوب للحد من هذه التجاوزات التي يسببها جهل باللائحة او تعمد المخالفة مع سبق الاصرار؟

فإن كان السؤال سهلا ممتنعا فإن الاجابة ستكون من جنس السؤال، وهي: ضرورة تطبيق اللائحة.

back to top