درس للمشرعين

نشر في 27-09-2022
آخر تحديث 27-09-2022 | 00:18
 حسن العيسى أصبحت العقوبة على جريمة الإساءة للذات الإلهية والأنبياء والذات الأميرية مطلقة زمانياً وشبه مقدسة بعد حكم المحكمة الدستورية الأخير بتحصين الفقرة المطعون ضدها من بعض المرشحين الذين أضحوا هم وغيرهم من نواب سابقين مدانين بالمساس بالذات الأميرية، محرومين من ممارسة تلك الحقوق السياسية، هذا الحرمان والإعدام السياسي لمن تمت إدانتهم سابقاً، سواء رد إليهم اعتبارهم أو لم يرد، هو أبدي لا يمكن أن يتغير دون تشريع لاحق من المجلس، ينص صراحة على إلغاء هذه العقوبة، التي اعتبرتها المحكمة ليست تبعية بل شرط دائم لممارسة الحقوق السياسية.

تلك الحقوق السياسية باجتهاد المحكمة ليست من الحقوق الطبيعية، بل هي حقوق مصدرها الدستور والقوانين، هنا يمكن تصور أن الحقوق الطبيعية ومصدرها القانون الطبيعي ومبادئ العدالة، وتلك أفكار عامة مجردة، تولد من تجارب وخبرات البشرية المتحضرة، وتكرس في نصوص كتلك التي ترد في كثير من دساتير العالم المتقدم وفي المواثيق الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الوارد في ميثاق الأمم المتحدة، وبالتالي يمكن اعتبار حقوق المشاركة السياسية وحرية التعبير من الحقوق الطبيعية للإنسان، وتتغير وتتطور بتغير الزمان والمكان.

هل هناك أي درس يمكن أن نتعلمه بعد حكم المحكمة الدستورية بعد أن استنفذ القضاء ولايته بالقطع رفضاً لأي دعاوى مستقبلية بالطعن بعدم دستورية تلك المادة العقابية؟! الدرس القاسي هو خطاب وتنبيه للمشرعين في ممارستهم لعملية التشريع أن يتأنوا في أعمالهم، وألا تطغى عليهم العاطفة والحماسة التشريعية وتغيب عنهم بالتالي الرؤية المستقبلية لما قد يسفر عنه تطبيق مثل تلك النصوص العقابية، فعدد من النواب الذين صوتوا للمادة المجرمة «الإساءة» بالأمس هم الذين اكتووا بنارها اليوم، فقد أزاحوا حكم العقلانية المنطقية ليحلوا مثل تلك النصوص الاستعراضية الاندفاعية، فهل اتعظوا؟... لننتظر ونراقب.

حسن العيسى

back to top