اقتراح ميمون من النائب الميموني

نشر في 02-09-2022
آخر تحديث 02-09-2022 | 00:09
 د. محمد بن عصّام السبيعي شهد الفصل التشريعي قبل الماضي تقدم النائب ماجد مساعد المطيري باقتراح جريء لم ينل حقه من الدراسة واستشفاف النتائج الإيجابية، الاجتماعية والاقتصادية، المترتبة عليه لو كتب له عبور آلة التشريع. مؤدى ذلك الاقتراح منح ربة البيت مكافأة شهرية نظير انصرافها إلى أعباء البيت وتربية النشء، وتتدرج المكافأة بحسب المستوى التعليمي من 500 إلى 700د.ك.

ورغم النتيجة الاجتماعية الواعدة لمثل هذا الاقتراح والمتمثلة ببعث دور الأم والزوجة في إدارة الاقتصاد المنزلي وتربية النشء بعد عقود من هيمنة الغرباء على بيوت الكويتيين فإن أعظم ما ناله هذا الاقتراح من رفض قد عبرت عنه ناشطات نسائيات على حد زعمهن، وقد كان من فحوى ذلك أن تدبير المنزل ليس بالعمل، وأن من شأن ذلك القانون، إن رأى النور، أن يحجم طموحات المرأة!

وبعيداً عن طموحات لا تُعرف ولا يُعرف مداها فألا يكون تدبير المنزل عملا، مع ما يعنيه ذلك من مجهود ضخم وتخطيط قصير وطويل الأمد، لا يقول به إلا حديث نعمة لم يألف العمل إلا في مرافق الحكومة. على أية حال الأدبيات الاقتصادية تقول أكثر من ذلك، فأحد الانتقادات الموجهة لمؤشر الناتج المحلي الإجمالي، وهو مقياس يحصي عمليات خلق القيمة في اقتصاد ما، هو إهماله للمجهود الضخم لربات البيوت ومن في حكمهن، والذي يفوق كثيرا ما يقوم به شاغلو المكاتب في أروقة الحكومة، وهذا الإهمال ليس بالمناسبة إنكارا للقيمة الاقتصادية المضافة في القطاع المنزلي ولكن لصعوبة القياس ليس إلا، وآية ذلك أنه حين يوكل الأمر للآخر، أي لخادم، هنا يسهل احتساب القيمة المنجزة المتمثلة براتب الخادم لقاء ذلك، ويتيسر من ثم إدراجها في عداد الناتج المحلي الإجمالي.

فالعائد الاجتماعي لتشريع هذا الاقتراح غني عن البيان، أما الاقتصادي فيتمثل بتحقيق وفورات سنوية هائلة في ميزانية الدولة، ولعله يعاب على الاقتراح وضع مكافأة مغالى فيها، تتجاوز أحيانا راتب من هو على رأس عمله، كما تتدرج بحسب الشهادة، وهو بالمناسبة تكرار لسياسة حكومية مدمرة، نشرت الفساد في دافع تحصيل العلم، بل في الجهات التعليمية في الداخل والخارج.

فالأحرى هو الدفع للوظيفة لا الشهادة، وما دامت الوظيفة واحدة وهي تدبير المنزل فلمَ التفرقة على أساس الشهادة؟ بل ما نفع الشهادة هنا؟ بل إن التمحيص يكشف عن جانب الإجحاف في هذه الجزئية: فالانشغال لسنوات لتحصيل الشهادة يستتبع انصرافا عن مقصد الاقتراح وهو تدبير المنزل، فهل يكون التدرج في المكافأة جائزة لذلك؟!

لذلك يبدو لي أن مبلغا مقطوعا بقيمة 500 د.ك شهريا يفي بالغرض وينسجم مع اعتبارات العدالة بين تكاليف العمل في المنزل وخارجه، وبافتراض أن ربع عدد العاملات الكويتيات في الجهاز الحكومي البالغ نحو 220 ألفا اخترن إدارة المنزل، فباعتماد المبلغ المقطوع المشار إليه تكون تكلفتهن على الخزانة العامة 315 مليون د.ك سنويا، مما يعني خفضا عظيما في عبء حالي يصل إلى 819 مليون د.ك بناء على متوسط أجر شهري للعاملات يصل إلى 1300 د.ك، أي تحقيق وفورات سنوية تتجاوز نصف مليار د.ك.

ولا يُغفل من ذلك خفض كثير من التكاليف الجارية لإدارة الأفراد في الجهاز الحكومي، أضف إلى ذلك اكتفاء في الحاجة إلى عاملي المنازل سواء كانوا خدما أو سائقين، نتيجة تفرغ ربة البيت لمثل هذ الأعمال، ومنه إلى خفض في كثافة المرور وتكاليف صيانة الطرق، وكل ذلك نحو ارتقاء بجودة الحياة!

د. محمد بن عصّام السبيعي

back to top