لبنان: معارك سياسية عنيفة بنكهة رئاسية... ولا ترسيم في عهد عون

تقديم فرنجية نفسه مرشحاً توافقياً للرئاسة يُدخِل باسيل وميقاتي في حرب كلامية

نشر في 08-08-2022
آخر تحديث 08-08-2022 | 00:14
جندي يواجه محتجاً أمام البرلمان وسط بيروت الخميس الماضي (أ ف ب)
جندي يواجه محتجاً أمام البرلمان وسط بيروت الخميس الماضي (أ ف ب)
بنكهة رئاسية يأتي الخلاف المستعر بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، والفريق المحسوب على رئيس الجمهورية ميشال عون. معركة كلامية لم يسبق لها مثيل استُخدِمت فيها عبارات نابية بين الطرفين، في مؤشر على الصراع الكبير بينهما، وعدم إيجاد رؤية موحدة أو قواسم مشتركة.

وما يسري على السياسة الداخلية، على ما يبدو، يسري على قاعدة ملف ترسيم الحدود الذي تأجّل بفعل عوامل متعددة، أبرزها الحرب الإسرائيلية على غزة، وعدم رغبة الإسرائيليين في إنجاز أي اتفاق قبل انتخابات الكنيست أول نوفمبر المقبل، فضلاً عن عدم رغبة أطراف لبنانية في إنجاز هذا الملف بعهد الرئيس ميشال عون كي لا يُنسب الإنجاز إلى عهده، وأنه أدخل لبنان في نادي الدول النفطية.

لم تعد الملفات اللبنانية ينفصل بعضها عن بعض، فكلها متداخلة، ويبقى الأساس فيها معركة انتخاب رئيس جديد للجمهورية، الذي سيكون نتاج تأثير استحقاقات إقليمية ودولية، ونتاج تأثير مباشر لعملية ترسيم الحدود.

في الاستحقاق الرئاسي، كُثر يتقدّمون إلى خوض المعركة، أبرزهم سليمان فرنجية الذي يعتبر نفسه صاحب الحظ الأوفر في حال حظي بدعم رئيس مجلس النواب نبيه بري، و«حزب الله»، بالإضافة إلى اعتبار نفسه مقبولاً من الحزب التقدمي الاشتراكي والدروز، ومن الرئيس ميقاتي وعدد من النواب السنّة، وبالتالي يقدّم نفسه مرشحاً توافقياً للرئاسة، ويعتبر أنه قادر على الوصول إليها بشروط التوافق، لا سيما أنه يؤكد في مجالسه أنه لا يريد أن يكون مرشح مواجهة مع أحد.

وبحسب مصادر متابعة، فإن الحملة الشرسة التي يخوضها التيار الوطني الحرّ ضد ميقاتي تأتي على خلفية توفر معلومات لدى العونيين بأن ميقاتي يعمل على دعم فرنجية للرئاسة، ومحاولة تأمين الأصوات اللازمة له، لا سيما على الساحة السنية، مما استفز رئيس التيار جبران باسيل، الذي لم يستسلم بعدُ في معركته للرئاسة، ولم يوافق على السير بفرنجية؛ لأنه يضع شرطاً أساسياً وهو أن يكون الرئيس الذي يُفترَض انتخابه متمتعاً بتمثيل شعبي واسع، وهذا لا ينطبق على فرنجية، بحسب باسيل.

وهاجم التيار الوطني ميقاتي ببيان جاء فيه: «كيف لك أنت الذي أمضيت سنواتك بالصفقات والسمسرات والعمولات، أن تتناول من قضى عمره في الساحات دفاعاً عن الوطن واستقلاله والدولة ومؤسساتها في مواجهة المحتلين والطامعين والفاسدين؟ أنت بنيت مسيرتك السياسية على استرضاء الخارج، في حين بنى التيار مسيرته على التصدي لمؤامرات الخارج، أنت جعلت من بطاقة الائتمان المصرفي هوية لك، بينما هوية التيار الوحيدة هي لبنان».

في المقابل، ردّ ميقاتي ببيان قال فيه: «إن بيان التيار يعكس نظر صاحبه في مرآة منزله. ولأننا نتبع القاعدة المعروفة التي تقول إن الضرب في الميت حرام، لن نضرب في ميت التيار مكتفين بهذا القدر، ومستلهمين بتصرّف قول الأديب سعيد تقي الدين، ما أفصح حامل العقوبات الدولية على فساد موصوف، عندما يحاضر بالعفّة والنزاهة والاستقامة».

ويعكس هذا الصراع حجم المشكلة السياسية التي ستتوالى فصولها من الآن وحتى موعد الانتخابات الرئاسية، في حين يترقّب لبنان تداعيات معركة غزة وانعكاسها على الوضع في المنطقة، لا سيما في ظل استنفار «حزب الله» وإعلانه تضامنه مع فصائل المقاومة هناك، ويربط الحزب مجريات المعركة ونتائجها بانعكاساتها على الواقع الإقليمي، وهو بلا شك سيسعى إلى استثمارها، خصوصاً في حال أراد الإسرائيليون تأجيل البحت في ملف ترسيم الحدود إلى ما بعد انتخاباتهم، وعندئذ سيصبح هذا الملف له تأثير كبير في مجريات معركة رئاسة الجمهورية في لبنان بالاستناد إلى موازين القوى التي ستنجم عنه.

* بيروت - منير الربيع

back to top