مكياج الكلام

نشر في 15-07-2022
آخر تحديث 15-07-2022 | 00:00
 د. محمد عبدالرحمن العقيل إن التلاعب بالألفاظ وإشاعتها بين الناس لتسويغ الخطأ، من أمكر الحيل في التاريخ، والتي لا يزال تأثيرها قويا إلى يومنا هذا... وقد جاءت الإشارة إلى هذا في القرآن الكريم بعبارة «زخرف القول»، ولا تزال هذه الحيل والمكياج اللفظي من أهم الأدوات التي تحترفها السياسات الغربية في غزوها الفكري والثقافي للعالم.

ولكن للأسف؛ مازلنا نحن العرب ننخدع بمصطلحاتهم الجديدة في كل مرة، حتى صرنا نأخذ توصيف المعاني بمنظورهم وكأنه الحقيقة بعينها، ثم نشقى بعدئذ في البحث عن الردود المناسبة لشبهاتهم الماكرة!

عندما خلق ربنا آدم عليه السلام كان أول ما علّمه الأسماء كلها، هل تعلمون لماذا؟ لأن عظمة هذا المخلوق الضعيف تكمن في عقله وذكائه وتمييزه، فمن الذكاء أن تعرف ما حولك وتعطي كل شيء وصفه الصحيح.

يقول النبي عليه الصلاة والسلام: «ليكونن في أمتي أقوام يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها»، لاحظ عزيز القارئ كيف ربطَ النبي صلى الله عليه وسلم بين تسميتها بغير اسمها واستحلالها، وفي هذا الحديث دليل على وجوب الحفاظ على تسمية الأمور بأسمائها الصحيحة وعدم التلاعب بها؛ لأن تحريفها قد يجرّنا لما لا تحمد عقباه.

وكذلك الحال في المؤتمرات العالمية التي قد تُعقد أحيانا فقط لمناقشة وتوصيف واعتماد مصطلح معين، وهذا ليس ترفاً ومضيعة للوقت، بل ليأخذ الموضوع مساره السليم منذ البداية، وحتى لا يحدث لبس وتشويه حول وصفه فيما بعد.

لقد وصل شياطين الإنس لمرحلة متقدمة في تزيين وصف المنكرات والخبائث، حتى غيروا مثلاً وصف المخنثين بالمثليين! فأول خطوة تحوير المسمى وتجميله، ثم ترويجه ليتقبله الناس، وتعتاده الألسن، ثم يسنّون له قوانين ليدافعوا عنه ويُجرّموا من يرفضه ثم يفتخرون به!

هل تعتقدون أننا سنصبح متحضرين عندما نسمي المخنثين بالمثليين أو الجنس الثالث؟! نحن في الحقيقة نرفع من قدر هؤلاء بإقرار بهذا الوصف، ونضفي شيئاً من الرسمية على هذا الشذوذ الأخلاقي... فكيف نقبل أن نتستر على الباطل ونسميه بغير اسمه؟!

أقل ما يمكن أن نتمسك به اليوم للحفاظ على مجتمعنا وأبنائنا من هذا الوباء الأخلاقي المعدي أن نلتزم جميعا بتسمية الأشياء بأسمائها، وألا نعطي مجالاً للمنظمات الشيطانية بترويج هذه المصطلحات! فإذا وافقناهم على صحة هذا المعنى المضلل من البداية صار الحوار كله مغلوطاً، كما خدعونا بمسميات كثيرة، لا أود ذكرها حتى لا يَكْثُر أعدائي... وباتت من المُسلّمات المعتمدة في الشرق الأوسط!

أعزائي القرّاء؛ هذه دعوة لإعادة النظر في كل المصطلحات المغلوطة المنتشرة لا في هذا الموضوع فقط.

* د. محمد عبدالرحمن العقيل

back to top