التشجيع والإلحاح

نشر في 01-07-2022
آخر تحديث 01-07-2022 | 00:02
 د. نبيلة شهاب في كثير من الأحيان تخوننا الشجاعة ونتردد كثيراً في القيام بعمل ما، قد يكون فيه فائدة كبيرة لنا أو لآخرين، ولكن نحجم عن القيام به، وفي هذه الحالة نصيحة من صديق أو أي إنسان قريب أو تشجيع بأي شكل من الأشكال قد يقلل من درجة الخوف والتردد، لكن من المهم بمكان أن تكون النصيحة أو التشجيع بطريقة إيجابية دون إشعارنا بمشاكلنا وقلة ثقتنا بأنفسنا، وذلك لأنه لو حدث العكس فردة الفعل من المتوقع أن تكون سلبية ويترسخ الخوف والتردد.

عملية التشجيع غالباً ما تناسب شخصاً أراد القيام بالعمل وهو قادر على ذلك لكنه متردد لسبب خاص به أو لسبب خارجي، أما إذا كان التردد لعدم الرغبة في ذلك أو بسبب عدم القدرة الفعلية على القيام به فهنا لا ينفع التشجيع ولا يؤتي ثماره، وعلى النقيض من التشجيع نجد أن الإلحاح والطلب من الشخص أن يقوم بعمل لا يريد القيام به أو لا يستطيع القيام به يعتبر تدخلاً في حرية الشخص وقناعاته، ويقترب جداً من الإجبار والتسلط نوعاً ما.

الإلحاح المستمر خصوصا إذا كان الفرد لا يستطيع القيام بما يطلب منه قد يسبب له الإحباط، وقد يؤدي إلى الحزن والشعور بالذنب وانخفاض الثقة بالنفس، في حقيقة الأمر لا يحق لأي فرد أن يجبر الآخرين على القيام بأي عمل مهما كان، حتى أطفالنا لا يحق لنا وليس مفيداً لهم أن نلح عليهم بالقيام بعمل أشياء لا يحبون القيام بها، فلن يشعروا بسعادة إذا ألححنا عليهم بالاختلاط بمن لا يرتاحون لصحبتهم، ولا يشعرون بالرغبة في القيام بذلك، وكثيراً ما يقع هذا الخطأ في أوقات أعياد الميلاد أو غيره من الحفلات، حيث يصر الأهل على سبيل المثال على دعوة أقرباء لا يشعر الطفل بالراحة أو السعادة معهم، وهو في الحقيقة يفضل ويتمنى أن يقضي هذا الوقت المميز مع أصدقائه ومع من يكون سعيداً بصحبتهم، فالإصرار والإلحاح يؤدي الى رضوخ الطفل وقبوله، وذلك يضعه في دائرة الحزن والإحباط أو حتى الغضب بسبب الأوامر والخطط المفروضة عليه.

وقد يبدأ الإلحاح من مرحلة مبكرة من حياة الطفل، حيث تمارس الكثير من الأمهات سلوك الحشو أو الأكل الإجباري وبعضهن تلاحق الطفل من مكان لآخر تلح عليه على إنهاء طعام هو لا يستسيغه، وتستمر عجلة الإلحاح وقد يصاحبه الغصب بالدوران، فيصبح إلحاحاً على القيام بعمل معين أو لبس معين، وأحيانا حتى الضحكة والابتسامة تكون نتيجة إلحاح مستمر، ومن البدهي أن الطفل يستطيع أن يتناول طعامه، ويلبس ما يناسبه ويبتسم ويضحك وبصورة أفضل بكثير وأجمل، حين تكون هذه الأشياء نابعة من رغبة داخلية ولا ضير من بعض التوجيه البسيط والتشجيع.

في الغالب من يقوم بالإلحاح يتمنى الخير للشخص الذي يمارس عليه نوعاً من الإجبار العقلي والنفسي (الإلحاح) ولكن يخونه الأسلوب أو الطريقة، ولا ننكر أنه قد يحمل داخله صفة التحكم أو حتى التسلط، حيث لا يرضى بأقل من الرضوخ لرأيه ورغبته، وإذا كان هذا الإلحاح يشبع رغبات داخل الفرد الملح فإنه قد يؤدي إلى ردة فعل عكسية أو سيئة داخل الفرد الذي يُمارس عليه الإلحاح أو الإجبار الموجه، فترك كل فرد يقوم بما يحب وبما يشعره بالراحة والسعادة هو القاعدة الأساسية في العلاقات الاجتماعية.

* د. نبيلة شهاب

back to top