هل من نهاية للشيخوخة؟

نشر في 19-06-2022
آخر تحديث 19-06-2022 | 00:03
ممارسة الرياضة تبطئ الشيخوخة
ممارسة الرياضة تبطئ الشيخوخة
الشباب الأبدي هو مادة تحدثت عنها الخرافات والأساطير، ولكن ماذا لو كان في إمكاننا التمتع به مدة إضافية؟ ماذا لو طورت حبوب يمكن أن تبطئ زحف أخاديد الزمن، فنشعر بأننا أكثر شباباً فترة أطول. يبدو الأمر مجرد وهم، ولكن هناك مجموعة متزايدة من الأبحاث التي تراهن على جعله حقيقة واقعة.
تخيل المشهد. بعد إجراء تحليل دم روتيني، تقصد طبيبك للحصول على النتائج. «كل شيء جيد»، يقول الطبيب مطمئنا. «المشكلة الوحيدة هي أنك تكبر في السن». ثم، وهو يكتب على دفتر الوصفات الطبية، يضيف الطبيب: «لكن يمكنني مساعدتك. تناول هذه الأقراص. سوف تبطئ عملية الشيخوخة وتساعدك على البقاء بصحة جيدة. وقد تمد في عمرك أيضا.

دواء يطيل عمرك، ويبطئ الشيخوخة، ويحميك من المشكلات التي تجلبها معها بما في ذلك الوهن؟ يبدو الأمر رائعا جدا إلى درجة يصعب معها تصديقه، ومع ذلك تشير الأدلة المتزايدة ليس فقط إلى أن هذه الأدوية في متناول اليد، ولكن ربما تكون موجودة بالفعل. يمكن العثور على بعضها فوق الرفوف في متجر المكملات الصحية المحلي، في حين أن البعض الآخر عبارة عن أدوية طورت لحالات مثل مرضى السكري والسرطان، ويعاد استخدامها لغايات أخرى. لقد أثبتت الدراسات التي أجريت على الحيوانات إمكاناتها، وقد بدأت حاليا تجارب إكلينيكية لتقييم ما إذا كان ما تعد به يسري على البشر. إذا تبين أنها كذلك يمكن لمن هم في منتصف العمر حاليا أن يصيروا الجيل الأول الذي يستفيد من استخدامها. تخيل شخصا يبلغ من العمر 80 عامة، لكن تركيبته البيولوجية وقدرته على «النهوض والانطلاق» هي لشخص أصغر منه بـ 30 عاماً، كم هو ممتع ألا تشعر بثقل عمرك عليك!

العيش حياة أفضل فترة أطول

في العقدين الأخيرين، انتقل علم مكافحة الشيخوخة من كونه موضوعاً يعالجه الخيال العلمي إلى علم أكاديمي صارم قائم على الأدلة ويخضع لمراجعة الأقران. لا يتعلق الأمر بتحقيق الخلود أو حفظ الدماغ عن طريق التبريد أو أي من المقترحات الغريبة الأخرى التي طرحت. يقول د.نير برزيلاي Nir Barzilai، مدير معهد الشيخوخة في كلية ألبرت آینشتاين للطب Institute for Ageing at the Albert Einstein College of Medicine في نيويورك: «هناك كثير من الناس الذين يبيعونك زيت الثعبان ويخبرونك أنك ستعيش إلى الأبد، وبعد ذلك عندما تموت، لا أحد يقاضيهم». خلافا لذلك يتعلق الأمر بتحسين ما يسميه العلماء «متوسط العمر الصحي المتوقع» Healthspan، أو عدد السنوات التي يمكن للناس أن يعيشوا خلالها أصحاء من دون مرض. إن مد المدى العمري Lifespan قد يكون من الآثار الجانبية العرضية المجيدة، وكذلك تأثيراته في الاقتصاد.

في الوقت الحالي يعاني 80 في المئة من البالغين في العالم الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما أو أكثر مرضاً مزمناً واحداً على الأقل، في حين يعاني 68 في المئة مرضین أو أكثر. المعاناة الإنسانية هائلة، وفي الثلاثين سنة المقبلة، من المتوقع أن يتضاعف عدد الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً إلى 1.5 بليون شخص. سيكون هذا مكلفا. يقول جيم ميلون Jim Mellon، رئيس مجلس إدارة شركة Juvenescence التي تعنى بمسألة طول العمر: «لو توافر لدينا دواء يضيف عاما أو عامين صحيين إلى المدى العمري، فسيكون لذلك تأثير يقدر ببلايين الدولارات في الاقتصاد العالمي، لأن الناس سيبقون منتجين فترة أطول ولن يعانوا كل هذه الأمراض التي تكلف أنظمتنا الصحية كثيرا».

ليس من قبيل المصادفة أن العمر هو أكبر عامل خطر للإصابة بأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والتنكس العصبي. إذ تنطوي عملية الشيخوخة على مجموعة كاملة من التغييرات البيولوجية التي تدفع باتجاه تطوير هذه الأمراض. يطلق العلماء على هذه التغييرات اسم العلامات المميزة Hallmarks وقد وردت تسع منها تقريبا «انظر العلامات المميزة للشيخوخة»، وتتضمن تراكم الطفرات الجينية وتفكك الكروموسومات والخلل في القدرة الوظيفية لحزم الطاقة الخلوية الصغيرة المسماة الميتوكوندريا، وفقا للنظرية، إذا تمكنا من تصحيح هذه المشكلات، فإننا لن نبطى الشيخوخة فحسب، بل ستتحاشى أيضا عديدة من الأمراض المرتبطة بالشيخوخة أو نؤخر ظهورها.

في ديسمبر 2021، كشف باحثون من جامعة الأكاديمية الصينية للعلوم University of the Chinese Academy of Sciences في شنغهای أن مركبة طبيعية موجودة في بذور العنب يمكن أن يطيل عمر فئران متقدمة في السن بنسبة 9 في المئة ويحسن من لياقتها البدنية أيضا. يعمل المركب، المسمى البروسيانيدين (سي1) Procyanidin C1 من خلال استهداف سمة مميزة أخرى للشيخوخة تتمثل في تراكم الخلايا المتعبة والمتهالكة التي توصف بأنها «شائخة» Senescent.

في سنوات شبابنا، يزيل الجهاز المناعي الخلايا الشائخة من الجسم قبل أن تصبح سببا في حدوث مشكلة، ولكن مع تقدمنا في العمر، وتعثر جهازنا المناعي، تتجول هذه الخلايا وتفرز جزيئات التهابية تصيب الأنسجة المحيطة. يقول مينغ شو Ming Xu الذي يدرس الشيخوخة في مركز الشيخوخة التابع لجامعة كونيتيكت University of Connecticut›s Centre on Ageing: «إنها كالنار في الهشيم.. إنها خلايا قليلة جدا، ولكن لها تأثيرا كبيرا جدا ومدمرا جدا». الأدوية التي تبحث عن هذه الخلايا الشائخة وتقتلها، وتعرف باسم مدمرات الشيخوخة Senolytics، هي من بين العلاجات الواعدة لإبطاء الشيخوخة.

أظهر شو وزملاؤه أنه عندما تزرع أعداداً صغيرة من الخلايا الشائخة في الفئران، فإنها تجعلها تتقدم في العمر. ثم عندما تعالج هذه الفئران، ليس بالبروسيانيدين سيد، ولكن بمزيج من عقارين مختلفين للشيخوخة، يجري تدمير الخلايا المارقة وتصير الفئران أكثر قوة. فهي تطور عضلات أقوى وتصير أكثر نشاطا وتعيش فترة أطول. وحصل الباحثون على النتائج نفسها لدى الفئران التي تقدمت في العمر بنمط طبيعي.

هذا الأمر لافت لأن الفئران تلقت الأدوية في وقت متأخر جدا من حياتها، عندما كان عمرها عامين. يقول شو: «إنها تعادل أن يبدأ شخص العلاج عندما يبلغ من العمر 70 أو 80 عاما، ثم يمتد بعد ذلك عمره الصحي من خمس إلى ست سنوات». ومن الأمور المشجعة أيضا أن هذه الأدوية معروفة بالفعل بأنها آمنة للاستخدام البشري. يباع الكرسيتين Quercitin، وهو صبغة نباتية توجد في عديد من الفواكه والخضراوات، كمكمل غذائي، في حين جرت الموافقة على استخدام دواء داساتينيب Dasatinib كعقار لسرطان الدم.

* د. هيلين بيلتشر

د. هيلين بيلتشر

المصدر: مجلة مدار سلسلة مقالات تنشر بالتنسيق مع التقدم العلمي للنشر.

تابع قراءة الموضوع عبر الموقع الإلكتروني: www.aspdkw.com

back to top