الحصى المتطاير والمطبات حجتنا البالغة

نشر في 03-06-2022
آخر تحديث 03-06-2022 | 00:07
 ناجي الملا كثيراً ما يصدمك بعض المتخلفين بربط الفساد والتخلف الذي نعانيه بوجود مجلس الأمة، فتكون لديهم أُمنيات بتخريب التجربة الديموقراطية، ويعتقدون أن إنهاء الحياة البرلمانية سيلاقي القبول من دول قريبة منا لأن الديموقراطية ستنشر عدوى إثارة الفتنة في شعوبها والتراجع في تطور مجتمعاتها، حيث تقدم الكويت حسب زعمهم النموذج الواضح في التشظي القبلي والطائفي والفئوي مع أن الانتخابات الأخيرة أثبتت أن الشعب تجاوز كل هذه الحدود والتصنيفات ووضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار، كما يزعم هؤلاء أن البرلمان يسبب تعطيل التطور وخلق العقبات والتعطيل في اتخاذ القرارات وإنجاز المشروعات، وأنه بمجرد التخلص من الحياة البرلمانية سينفك البلد من كل هذه القيود وينهض نهضة تخترق جدار الخيال.

نقول ردا على هذه العقول والنفوس الضالة مهما أوغلتم في رسم الخيالات المريضة والحجج الركيكة فلن تصادف هذه الأضاليل قبولاً عند الناس لأن وضع الفساد المتفاقم والمفضوح الذي وصل إلى مفاصل الحكومة وبلغ أعلى المستويات يدحض كل هراء تنشرونه، ولأن مظاهر التخلف والتراجع الفاقع الشاخص على مختلف الصعد يذيب كل ما تشيعونه من أكاذيب في الوقت الذي تملأ عيون وعقول الناس حقائق صلبة باهرة لتطور دول الخليج العربي التي زحفت بفعالياتها على فرص الاستثمار والتطوير، حتى تلك التي كنا نحن من خططنا لها وعندما أهملناها في الأدراج تلقفتها تلك الدول وطبقتها بسرعة، فضلا عند انخراط هذه الدول في عملية تطوير كل شؤون الحياة والأخذ بأحدث الأنظمة، وإقامة المشاريع الاجتماعية في التعليم والصحة والمشاريع الاقتصادية الاستثمارية الضخمة في مجال الصناعة والزراعة والتجارة والسياحة التي تستقطب السياح والمستثمرين من مختلف مناطق العالم، هذا الوضع القائم والصادم للكويتيين يغرس في صميم يقينهم الإدراك بأن السبب يتركز في الحكومة بالدرجة الأولى والثانية والثالثة.

حكومة عجزت عن معالجة تطاير الحصى في الشوارع، حكومة عجزت عن معالجة المطبات غير المرئية في الشوارع التي تحطم المركبات، حكومة عجزت عن ردع من لم يتقيد بالسرعات المسموح بها في الشوارع، حكومة عجزت عن ردع وتطبيق العقوبات على من لم يتقيد بالحظر أثناء كورونا ولبس الكمامات، والقضاء على حوادث المرور التي يروح ضحيتها ما يفوق الـ400 قتيل سنويا فضلا عن الإعاقات، حكومة لم تقارب عملية تعديل التركيبة السكانية، والقائمة تطول، فما دخل البرلمان في هذه الأمور؟

وأنا هنا سأُرشد الكارهين للحياة البرلمانية إلى أفضل طريقة لإنهاء تضخم البرلمان وإخراجه من دائرة اهتمام الناس إلا في الحدود الطبيعية التي نجدها في المجتمعات المتقدمة وضمن السياق السياسي المتوازن والمثمر.

الطريق هو أن تأتي حكومة يحكمها ويقودها كما كررنا في مقالاتنا برنامج عمل يقلب الحياة رأسا على عقب أشرنا إلى ملامحه ومفاصله في مقالاتنا وآلية تصميمه.

هذا البرنامج سيجعل فعاليات البلد تنغمس في نشاط مكثَّف بفاعلية جبارة مخططة ومنظمة ومدعومة بكل إمكاناتنا المادية والعلمية والثقافية في إطار شبكة علاقات تجعلنا نبني وضعا يفوق الخيال.

هنا سيلهث المجلس خلف الحكومة وستنكمش موضوعات الفساد والتقصير التي تستهلك المجلس وتتيح للانتهازيين عملية الابتزاز والمساومة، ولينكمش معها بالتوازي الصراخ الفارغ وتطوى الاستجوابات الزاعقة، ويتكلم العقل والخبرة والإبداع فقط، حتى الاستجوابات إن وجدت فستكون في غاية الرصانة والرزانة.

ناجي الملا

back to top