كيف خدم بوتين الغرب بحرب أوكرانيا؟

نشر في 23-05-2022
آخر تحديث 23-05-2022 | 00:20
 أ.د. غانم النجار لا جديد في حرب أوكرانيا من المنظور العسكري، فهي تسير كالمعتاد، انتصارات هنا وهزائم هناك، وحجم هائل من الحرب الإعلامية، كما أن تأثيراتها على أسعار الطاقة والمواد الغذائية كانت متوقعة.

الجديد في المسألة ليس البعد التكتيكي التقليدي، ولكن البعد الاستراتيجي، وبالذات في إحياء المنظومة الغربية، وخصوصاً حلف شمال الأطلسي (ناتو).

أُسس "ناتو" عام 1949 بُعيد الحرب العالمية الثانية، من 12 دولة أوروبية وأميركا وكندا، ثم انضمت تركيا (1952) وإسبانيا (1982). وبعد تفكك الاتحاد السوفياتي ومنظومته، زادت العضوية إلى 30 دولة، أغلبها إما جمهوريات أوروبية سابقة بالاتحاد السوفياتي، أو دول أوروبية أخرى، فنحن في زمن زيادة الدول لا نقصانها واختفائها.

في مقابل "ناتو" خلال الحرب الباردة، كان المعسكر الاشتراكي (حلف وارسو)، وهو حلف عسكري أسس عام 1955، بقيادة موسكو و7 دول دائرة في فلك موسكو، والتي كان يطلق عليها دول الساتلايت.

تفكك الاتحاد السوفياتي، وانسحبت ألمانيا الشرقية لألمانيا الموحدة، فاضطرت قيادات الحلف إلى حله نهائياً في فبراير 1991، فبدأ الأعضاء يجهزون أنفسهم للانضمام إلى "ناتو"، بل إنه حتى روسيا الاتحادية كان هناك تفكير في انضمامها إلى "ناتو"، وكأنها حكايات ألف ليلة وليلة.

بعد فقدان حلف وارسو، تراجعت فعالية "ناتو"، وصار يعاني ما يشبه "الفراغ العاطفي"، وتسللت أفكار عن جدوى استمرار الحلف، وموته، من مؤسسيه كالرئيس ماكرون مثلاً، أما الرئيس ترامب فقد بذل ما بوسعه لتفكيك الحلف، وكانت أفغانستان نموذجاً.

وفجأة، ومن دون مقدمات، وحين كان السائد هو الاتكاء على أريكة أحاديث اندثار الحلف وموته، يظهر لنا الرئيس بوتين على حصانه الأبيض، فيغزو أوكرانيا، فتتحول حالة "ناتو" من شبه موت سريري إلى عودة حياة في المنظومة الغربية. أما المفاجأة فكانت قرار فنلندا والسويد الانضمام إلى الحزب.

من الطبيعي أن يتم التركيز على الحرب وتطوراتها اليومية، وتداعياتها الداخلية والخارجية، إلا أنها في حدود المسألة التكتيكية، أما في الجانب الجيواستراتيجي فهي أن ما حدث كان عكس ما أراده بوتين، فقد أعاد إحياء حلف ناتو وتضامن المنظومة الغربية، التي كانت في أسوأ حالات الفرقة والتشتت، بل وأحدث معجزة بانضمام دولتين محايدتين للحلف، إحداهما فنلندا التي لديها 1300 كلم مع موسكو، وأحد أقوى الجيوش الأوروبية، فأي سوء تقدير هذا؟

أ. د. غانم النجار

back to top