كيف يمكن للمرأة أن تكسر التحيز؟

نشر في 18-05-2022
آخر تحديث 18-05-2022 | 00:00
قد لا يؤدي كسر التحيز إلى وقف فوري للعنف داخل الأسر، ولكن مع وجود المزيد من النساء في مناصب القيادة على كل المستويات وفي كل القطاعات، سنزيد تدريجيا وصولنا الجماعي إلى التعليم، والعمل المربح، وجميع الموارد الأخرى اللازمة لمساعدة النساء على التخلص من العنف.
 بروجيكت سنديكيت منذ عام 1911 والمجتمعات في جميع أنحاء العالم تخصص أياما وشهورا، بل حتى عقودا (في حالة إفريقيا) للاحتفال بإنجازات المرأة، وتعزيز الحلول لمواجهة التحديات الجديدة والمستمرة، ولكن على مدار العامين الماضيين، وسعت جائحة كوفيد19 نطاق محنة النساء لتصل إلى أبعاد كبيرة، مما يبرز الضرورة الملحة لموضوع اليوم العالمي للمرأة لهذا العام وهو، «كسر التحيز».

إن المسؤولية تقع على عاتقنا، نحن نساء العالم، لنفي بهذه المهمة، وبالاعتماد على براعتنا، يجب أن نحول تركيزنا، ونجدد خطابنا العالمي، وندخل في حقبة جديدة من القيادة النسائية.

ولا شك أن النساء تحملن العبء الأكبر من تكاليف الوباء، إذ أُجبِرت الكثيرات منهن على الاحتماء من عدو صامت أصبحنا ندرك الآن أنه أقل فتكا من أقرب أقربائهن، فقد كانت العديد من النساء ضحايا لما تسميه هيئة الأمم المتحدة للمرأة «جائحة الظل»، حيث عانين الضرب والاغتصاب، وتعرضن للشتائم والصدمات النفسية في مكان كان ينبغي أن يكون ملاذا آمنا لهم من كارثة بيولوجية.

وتوثق إحدى الإحصائيات الصاعقة لهذه الفترة عدد النساء اللواتي لم يعانين أو يشهدن أي عنف منزلي: امرأة واحدة من كل عشر نساء. نعم هذا صحيح، ففي ليبيريا، أبلغ واحد فقط من كل عشرة مشاركين في الاستطلاع عن عدم مشاهدته للعنف الجنسي أو ذلك القائم على النوع الاجتماعي، وأفاد اثنان فقط من كل عشرة أنهم لم يعانوا من هذا النوع من العنف أثناء الإغلاق المرتبط بكوفيد19.

وهناك علاقة عكسية واضحة بين التعليم وقابلية التعرض للعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي، فالمجموعات الأقل تعليما أكثر عرضة للخطر عموما، لأنها غالبا ما تكون لديها فاعلية اقتصادية وسياسية ضعيفة، وتعاني نقصاً في الوصول إلى النظم الصحية التي يمكنها اكتشاف المخاطر ومعالجتها، وهؤلاء النساء يعانين وحدهن ولكن معا؛ إذ يستمع بعضهن إلى صرخات بعض عبر النوافذ والجدران.

وعلى الرغم مما نواجهه من عيوب هيكلية، فقد ارتقت النساء إلى مستوى التحدي، وفي الحكومة سرعان ما وضعنا تدابير غير شعبية ولكنها فعالة بلا شك للحد من انتشار كوفيد19، حيث إن رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا أرديرن، ليست سوى واحدة من بين العديد من القيادات النسائية التي مددت حدود البراعة والتصميم فيما يتعلق بإنقاذ حياة الناس، فقادت رئيسات الدول والحكومات الـ21 عبر العالم بما في ذلك إثيوبيا، وألمانيا، وسلوفاكيا، والدنمارك، وناميبيا، وفنلندا، اللواتي تولين مهامهن عندما اندلع الوباء حملة ضد الجائحة بشفافية ونزاهة من خلال سياسات فعالة لإدارة الصحة العامة، ليتجاوزن بذلك نظرائهن الرجال. واستفادت النظم الصحية أيضا من قيادة المرأة، فثابرت المديرة العامة لوكالة الخدمات العامة في ليبيريا، ماري بروه، بثبات وأنشأت أدوات تتبُّع على شبكة الإنترنت لتقييم حالات كوفيد19، ورصد العلاجات واللقاحات والإمدادات؛ وأطلقت حملة تنظيف على مستوى المدينة في (مونروفيا) قبيل احتفالات البلاد بالذكرى المئوية الثانية. لقد كسرت النساء الليبيرات البروتوكولات والتقاليد لإنقاذ أرواح الناس، وسد الفجوات بين الأنظمة العريقة واحتياجات اللحظة، ففي حين ركز بعضهم على الوباء فقط، اتخذت القيادات النسائية زمام المبادرة لإنشاء مراكز لرعاية الأمومة في نقاط رعاية المصابين بكوفيد19، مما قلل من وفيات الرضع، وحشدن أيضا دعم المجتمعات الدينية لإنشاء مراكز اختبار، مما أدى إلى توسيع شبكة نقاط السيطرة على تفشي المرض.

وطوال فترة الوباء، حطمت النساء الأسطورة القائلة إن الاستراتيجيات القائمة على التعاطف وبناء توافق الآراء ضعيفة وغير فعالة، فقد استخدمت القيادات النسائية قابليتها للتكيف وحساسيتها لمتطلبات اللحظة لبناء الوحدة ودعم السلوكيات المنقذة للحياة، وبدلا من استسلامنا للهزيمة أمام المعايير المزدوجة التي تواجهنا، ظلت القيادات النسائية متواضعة، ومثابرة، وجماعية؛ ولكن الأهم من ذلك أنها كانت متسقة وحاسمة.

وفضلا عن ذلك، فقد تعلمنا من تجاربنا أن نقيم بدقة التضاريس الاجتماعية والسياسية غير المتكافئة التي نعمل فيها، حتى نتمكن من التعامل مع ظروفنا على نحو أكثر استراتيجية، وبالإضافة إلى زيادة وعينا بالفرق بين الوباء الكاسح والمتوطن، كوفيد19، وبين الإنفلونزا، صوّبنا أيضاً المزيد من الاهتمام إلى العنف الجنسي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي.

ولطالما اعتبرت هذه المشكلة كارثة دورية تبدأ في شهر العسل وتنتهي في المستشفى، ويجب أن نتعامل معها الآن بالطريقة نفسها التي نتعامل بها مع الفيروس، وهذا يعني عزل الجناة وتقديمهم للعدالة، وإنشاء أنظمة للكشف عن حالات العنف ومعالجتها، والتعامل مع المجتمعات لوقف انتشارها، ويجب أن نبتكر تدابير علاجية ووقائية تشمل الرجال والفتيان، حتى يحدث تحول ثقافي دائم. إن الطريق نحو ما بعد الجائحة ما زال طويلا، ويتطلب اجتيازه مثابرة المرأة وفطنة استراتيجية، ويجب أن نستهدف العدالة والأنظمة الاجتماعية التي تركت النساء للذئاب ونصلحها، ويجب أن نسخر القوة غير المباشرة الضخمة التي يمكن للنساء المتمكنات سياسيا واقتصاديا استخدامها ضد العنف. ويجب أن نحشد الهيئات التشريعية والمكاتب الحكومية بالعنصر النسوي، لنخلق بذلك كتلة حرجة يمكنها تغيير نموذج العدالة، والسلام، والأمن، والصحة. وقد لا يؤدي كسر التحيز إلى وقف فوري للعنف داخل الأسر، ولكن مع وجود المزيد من النساء في مناصب القيادة على كل المستويات وفي كل القطاعات، سنزيد تدريجيا وصولنا الجماعي إلى التعليم، والعمل المربح، وجميع الموارد الأخرى اللازمة لمساعدة النساء على التخلص من العنف. وإذا كنت امرأة تقرئين هذا المقال، فنحن نشجعك على ممارسة دور قيادي عام، بدءا من مجتمعك، فنحن نتحداك ونؤمن بك، فالعالم خلق لتفوزي به.

* إلين جونسون سيرليف، الحائزة جائزة نوبل للسلام، والرئيسة السابقة لجمهورية ليبيريا، وليليان بيست، رئيسة قسم تطوير الأسواق المالية في البنك المركزي الليبيري.

* إيلين جونسون سيرليف وليليان بيست

Project Syndicate

back to top