يوسف شعبان... نجم الدراما المصرية (5-6)

نقيب الممثلين يكتفي بمسلسل واحد كل عام

نشر في 28-04-2022
آخر تحديث 28-04-2022 | 00:05
استمرت رحلة الفنان المبدع يوسف شعبان، وتعامل مع أجيال من المخرجين، وفرض موهبته بحضوره المتفرد، وحقق نجوميته في جميع أدواره، وتألق في تقمص شخصيات متعددة، واستطاع أن يغيِّر المفاهيم السائدة عن البطل السينمائي، وصار من عمالقة التمثيل في مصر والعالم العربي.

انطلق شعبان إلى سينما التسعينيات، وفي أرشيفه الفني رصيد هائل من الأفلام، ورغم تقدم العمر به، استفاد من التجارب السابقة لزملائه، ورفض أن ينساق إلى أعمال دون المستوى، وانتقى أدواره بحذر شديد، برغبة قوية في تحقيق طموحه كممثل، والمشاركة في أعمال جيدة، والحفاظ على توهج موهبته، ومكانته لدى الجمهور.

وبات ظهور شعبان في أي فيلم سينمائي، يضفي على العمل قيمة فنية كبيرة، وتحوَّل من مرحلة الانتشار إلى الانتقاء، ورغم دراسته الأكاديمية، وتجربته الطويلة أمام الكاميرا، ارتضى بدوره كممثل، ولم يفكر في ممارسة الإخراج المسرحي أو السينمائي، وظل يمارس هواية الرسم والقراءة في أوقات فراغه، وفيما يلي تفاصيل الحلقة الخامسة:

اقرأ أيضا

كان شعبان من الفنانين القلائل الذين تُدرس أدوارهم في معهد التمثيل، سواء كان دور بطولة أو ضيف شرف في بعض الأفلام، وجذبت طريقته في الأداء بعض الممثلين، وقاموا بتقليده، لا سيما تجسيده أدوار الشرير والانتهازي، ورغم ما قدمه من إسهامات فنية كثيرة خلال 70 عاماً، ظل متواضعاً ويشعر بأنه لم يقدم شيئاً، ولديه شغف دائم بالتمثيل، والوقوف أمام الكاميرا.

العذراء والعقرب

قدم شعبان في عام 1990، دوراً من أهم أدواره في فيلم “قضية سميحة بدران” للمخرجة إيناس الدغيدي، وجسّد شخصية رجل الأعمال “يوسف” الذي تزوج من الصحافية سميحة بدران (نبيلة عبيد) المتخصصة في إجراء تحقيقات صحافية تدين الفساد بصورِه المختلفة، ولكنها تكتشف أنه تزوجها ليشغلها عن تحقيقاتها الجريئة في عالم المخدرات، وتتعاون مع الشرطة للإيقاع به.

وتكررت تجربة شعبان مع الأفلام المقتبسة في “قضية سميحة بدران” وطالت هذا العمل أصداء من الفيلم الأمريكي “سيئة السمعة” (1946) للمخرج الشهير ألفريد هيتشكوك، وقام ببطولته كاري غرانت، وأنجريد برغمان حول قيام جهاز الاستخبارات الأميركي بدس امرأة يحبها ضابط، كي تتزوج من رجل أعمال فاسد يريدون الإيقاع به، ويظل الضابط يرعاها حتى تتم المهمة وترجع إليه، وكتب نسخته المصرية السيناريست فيصل ندا.

وتقمص شعبان شخصية صاحب المقهى “سلطان” في فيلم “العذراء والعقرب” سيناريو عاطف رزق، للمخرج ناجي أنجلو، وبطولة صابرين ومحمود الجندي ومحسن سرحان، ودارت أحداثه في أجواء الحارة الشعبية حول “فاطمة” التي تعمل بأحد مصانع الملابس الجاهزة، وترفض الزواج من “سلطان” فيقرِّر الانتقام منها.

واصطدم شعبان مرة أخرى مع الرقابة في فيلم “نساء ضد القانون” (1991)، للمخرجة نادية حمزة، وجسّد شخصية “جلال مسعود” أمام نورا وعايدة رياض وإبراهيم نصر وسوزان صالح، وعلي الشريف، وبات هذا الشريط السينمائي ممنوعاً من العرض لتناوله قضية شائكة حول ثلاث فتيات يعانين القهر الاجتماعي، ويحاولن شق طريقهن في الحياة.

«الحب الكبير» طريق يوسف إلى زواجه المتعدد
تعددت حالات زواج يوسف شعبان، وبدأت عام 1962 أثناء تصوير المسلسل التلفزيوني “الحب الكبير” حين قرّر الاعتراف علناً لفريق العمل، بزواجه من الفنانة ليلى طاهر، وتناقلت الصحف والمجلات خبر زواجهما، والتقطت لهما الصور داخل القفص الذهبي، ولكن زواجهما استمر أربع سنوات فقط، وحدث خلالها الطلاق ثلاث مرات، ما أدى إلى الانفصال النهائي، وظل الاحترام يسود علاقتهما.

وبعدها تزوّج السيدة نادية إسماعيل شيرين، ابنة الأميرة فوزية بنت فؤاد الأول شقيقة الملك فاروق، وأنجب منها ابنته “سايناي” وتزوج بعدها السيدة إيمان خالد الشريعان، وأنجب منها ابنته زينب وابنه مراد المقيمين حالياً بالكويت.

موعد مع الذئاب

وشارك شعبان في بطولة “موعد مع الذئاب” (1991) إخراج كمال عيد، وفيه قدَّم دور رجل الأعمال الشرير “سعيد بك” أمام هياتم ومحمود الجندي، وفي العام التالي تقمص دور طبيب جراح في “همس الجواري” للمخرجة نادية حمزة، وبطولة ميرفت أمين وفاروق الفيشاوي، كما قدّم دوراً مميزاً في “درب الجدعان” للمخرج أحمد ثروت.

والتقى مع المخرج حسام الدين مصطفى في فيلم الأكشن “جريمة في الأعماق” ولعب دور “الضابط أدهم” الذي يلتقي صديقه محسن (يحيى الفخراني) بعد أن أصبح يمتلك شركة ملاحة، ويخسر محسن أمواله على مائدة القمار ويبدأ في سحب رصيد زوجته عفاف (هالة صدقي) ويسرق عقدها الثمين وعندما تعلم بذلك تثور عليه، وتتصاعد الأحداث.

وفي نفس العام، قدّم شعبان الفيلم التلفزيوني “أحوال شخصية”، تأليف عاطف بشاي وإخراج شفيق شامية، ودارت أحداثه في إطار دراما اجتماعية حول زوجين يعيشان في خلافات مستمرة، وبعد انفصالهما يتصارعان على حضانة طفلتهما الوحيدة.

«رجال بلا ثمن»

وكان شعبان على موعد مع أدوار مهمة في عام 1993، حيث جسد شخصية أستاذ جامعي في فيلم “رجال بلا ثمن” للمخرج عبدالهادي طه، وبطولة إلهام شاهين وسعيد صالح، وتدور القصة خلف أسوار أحد السجون، ورغبة “الدكتور خالد” في القيام بدراسة عملية عن السجناء، وينجح في الاتفاق مع الجهات المعنية على دخوله السجن كمسجون حقيقي، ويتعرف على نماذج مختلفة من المجرمين وتتطوّر الأحداث ليصبح مهدداً بأن يتحوَّل إلى مجرم حقيقي!

وبعد مرور 6 أعوام على لقائه الأول بالمخرج عاطف الطيب في “الدنيا على جناح يمامة”، عاد ليخطف الكاميرا بظهوره ضيف شرف في فيلم آخر للطيب بعنوان “كشف المستور” (1994) وجسّد دوراً مميزاً هو “اللواء المتقاعد طلعت الحلواني”، أمام نبيلة عبيد وفاروق الفيشاوي وشويكار وعايدة عبدالعزيز ونجوي فؤاد.

وفي نفس العام، جسد شخصية “الوزير أحمد ثابت” أمام نبيلة عبيد في فيلم “هدى ومعالي الوزير” للمخرج سعيد مرزوق، وشارك في البطولة محمد هنيدي وعلاء ولي الدين وأحمد بدير، ويتناول الفيلم رحلة صعود فتاة فقيرة من قاع المجتمع إلى قمته، وإدارتها لبعض الأعمال بطرق غير قانونية، وتعترضها عقبات كثيرة.

«آخر ليالي الشتاء»

وبعد سنوات بدأ الانسحاب التدريجي للفنان يوسف شعبان من السينما وكان ذلك تحديداً في عام 1996، حين قدّم الفيلم التلفزيوني “آخر ليالي الشتاء” للمخرجة مجيدة نجم، وفي العام التالي احتجب عن الشاشة الكبيرة بعد الفيلم اللبناني المصري “هروب مع سبق الإصرار” إخراج يوسف شرف الدين، وبطولة كريستين شويري وجيلان ومحمد مشموشي وفكري أباظة.

وأثار اختفاء أيقونة التمثيل من السينما، تساؤلات كثيرة، وتناثرت شائعات عن اعتزاله، وكان جلوس فنان بحجم شعبان في المنزل بمثابة الحكم عليه بالإعدام، فلا يمكن أن يتخيل أحد كيف يعيش الفنان بعد أن كان نشيطاً وقادراً على تقديم أعمال تمتع الناس، ليجلس بعدها من دون عمل، وقد اعتاد طوال حياته العطاء وحب الفن.

كان شعبان حالة استثنائية بين نجوم كثيرين، فأغلبهم تفرغ لشؤونه الخاصة من دون النظر إلى زملائه، بينما ظل نجم الدراما على علاقة جيدة بفنانين انحسرت عنهم الأضواء، وحانت لحظة فارقة في حياته، حين قرر الترشح لمنصب تقيب الممثلين، وراودته الفكرة منذ سنوات طويلة، وتحمل مسؤولية مهامه الجديدة، وكرّس جل وقته للارتقاء بدور النقابة في رعاية فنانيها.

وقرّر شعبان الاكتفاء بتمثيل مسلسل واحد أو اثنين فقط في السنة للتركيز على مهمته الجديدة كنقيب للممثلين المصريين، وبدأ مشواره مع النقابة في عام 1997 ونجح في انتخابات منصب رئيس النقابة، واستطاع خلال فترته تسديد جميع الديون المتراكمة على النقابة، وأنشأ نادياً كبيراً في القاهرة ليلتقي فيه جميع الممثلين، وتكفلت النقابة مع الجهات المعنية بدفع مصاريف علاج بعض الفنانين ممن لا يقدرون على تحمل تكاليف العلاج الباهظة.

ومارس شعبان عمله التطوعي مع أعضاء مجلس إدارة النقابة، ومنهم الفنانون أشرف عبدالغفور وفاطمة مظهر وأحمد عبدالوارث، وأشرف زكي سكرتير النقابة ـ آنذاك ـ واتخذوا قرارات حازمة لمنع الدخلاء من ممارسة المهنة، وإعطاء الأولوية لخريجي معاهد أكاديمية الفنون المصرية.

واستطاع شعبان أن يستمر في منصبه دورتين متتاليتين قبل أن يخسر في انتخابات 2003 أمام الفنان أشرف زكي، ولكنه ترك حزمة إنجازات غير مسبوقة، ومهّد الطريق لعمل نقابي يحفظ حقوق الفنانين في العمل والرعاية الصحية والاجتماعية.

مسيرة درامية

وقد حقق شعبان حضوراً كبيراً في الدراما المصرية، حيث قدّم نحو 130 مسلسلاً، بدأها عام 1962 بمسلسل “الحب الكبير” إخراج محمود مرسي وبطولة ليلى طاهر وصلاح قابيل وعبدالرحيم الزرقاني، ومسلسل “سعدية” 1964، للمخرج أحمد توفيق وشارك فيه ميمي شكيب وعبدالرحمن أبوزهرة ونعمت مختار، وفي العام التالي “عواصف” إخراج إبراهيم الشقنقيري، ويدور العمل في إطار دراما نفسية حول فتاة تعاني اضطراباً عصبياً.

وفي عام 1968، شارك في ثلاثة أعمال درامية، أولها “مفتش المباحث” للمخرج حسن الإمام، وبطولة محمود المليجي وتوفيق الدقن وزهرة العلا، والمسلسل الثاني “لعبة الرجال” مع عماد حمدي وصلاح منصور ونادية سيف النصر، وأخيراً المسلسل الكوميدي “نوادر جحا المصري” إخراج محمد فاضل وبطولة عبدالمنعم مدبولي وعقيلة راتب وبدرالدين جمجوم ومديحة حمدي.

«بالحب هنعدي» مشروع سينمائي لم يكتمل
كان شعبان في حالة بحث دائم عن التميز، ورغم أرشيفه الفني الحافل بمئات الأعمال، ظل هناك العديد من المشروعات الفنية المؤجلة، ومنها فيلم “بالحب هنعدي” مع الفنانة سميرة أحمد التي احتجبت عن السينما منذ سنوات طويلة، واكتفت بالظهور على فترات متباعدة في الدراما التلفزيونية.

بدأت قصة “بالحب هنعدي” حين استقرت الفنانة سميرة أحمد على العودة من جديد إلى الشاشة الكبيرة، وهاتفت زميلها يوسف شعبان، لتعرض عليه مشاركتها بطولة هذا الفيلم، وحينها كان نشاطه السينمائي متوقفاً تماماً، ويعيش عزوفاً عن الوقوف أمام الكاميرا، ورفض الكثير من السيناريوهات التي اعتبرها دون المستوى.

واستطاعت سميرة أن تقنعه بالعودة إلى السينما، وبدأ التحضير للعمل على مدار عامين ونصف، وتوقف المشروع في ظروف غامضة، رغم حماس شعبان للمشاركة ، ومعه نجوم آخرون، منهم حسين فهمي ورانيا فريد شوقي.

وكان شعبان قد التقى بالفنانة سميرة أحمد في أعمال كثيرة منها فيلم “أم العروسة” (1963)، قصة الأديب عبدالحميد جودة السحّار وإخراج عاطف سالم، وبطولة عماد حمدي وتحية كاريوكا وحسن يوسف، واختير هذا الشريط السينمائي ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية، وكان آخر لقاء بينهما في مسلسل “امرأة من زمن الحب” (1998)، للكاتب أسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبدالحافظ.

«الرجل الثالث»

ودخل شعبان دراما السبعينيات مع “الرجل الثالث” (1972)، وجسّد لأول مرة شخصيتين “توأم” ودارت أحداث المسلسل في إطار تشويقي حول مقتل فتحي (يوسف شعبان) على يد صديقه رضا (إبراهيم خان) بغرض الانتقام، ويتمكن من إبعاد الشبهة عنه بحجة مقنعة، فتبدأ تحقيقات الشرطة حيث توجه أصابع الاتهام لجميع أصدقائه، وشقيقه التوأم “مرسي” وفي أثناء التحقيق تتكشف العديد من الأسرار حول حياة المجني عليه.

وفي واحد من أهم أدواره الدرامية، جسّد شعبان شخصية القائد الفرنسي “كليبر” في مسلسل “سليمان الحلبي” (1976) تأليف محفوظ عبدالرحمن وإخراج عباس أرناؤوط، وبطوله عدد كبير من نجوم الدراما، منهم عبدالله غيث ومحسنة توفيق وأحمد مرعي، ودارت الأحداث في إطار يجمع بين التاريخ والخيال، وينتقل البطل “سليمان الحلبي” من مدينته “حلب” لنجدة أقرانه في مصر الذين عاش بينهم أثناء دراسته في الأزهر من نيران الاستعمار الفرنسي.

الفارس الأخير

وشارك شعبان في بطولة مسلسل “الأفعى” وجسد شخصية طبيب أمام مديحة كامل ومحمود المليجي وعمر الحريري وسعيد عبدالغني، وإخراج حسن حامد وتأليف محمد كامل، ودارت قصته حول فتاة تعاني اضطراباً نفسياً، وتتملكها رغبة في إلحاق الأذى بمن حولها، وهذا العمل حقق نسبة مشاهدة عالية عندما عرض على شاشة التليفزيون المصري عام 1977.

وفي نفس العام خاض تجربة درامية مهمة من خلال المسلسل الكويتي “الزير سالم” وجسّد شخصية هذا البطل الشعبي أمام مجموعة من النجوم الكويتيين والمصريين منهم جاسم النبهان وأحمد الصالح وأحمد عبدالحليم وأسمهان توفيق ومريم الصالح وعلي البريكي وفوزية عزت، والمسلسل من تأليف محفوظ عبدالرحمن وإخراج حسين الصالح.

والتقى شعبان الكاتب أسامة أنور عكاشة والمخرج فخر الدين صلاح في مسلسل “الفارس الأخير”، وشارك في البطولة معالي زايد وأبوبكر عزت وأشرف عبدالغفور وسناء مظهر ومحمود الحديني، ودارت الأحداث في إطار درامي، حول الشاب المصري عمر (يوسف شعبان) العائد من الخارج، ويحمل رؤية مثالية للواقع، ويتطلع لمساعدة أصدقاء عمره وتغيير حياتهم للأفضل، ويحذره صديقه “طاهر” منهم، وبالفعل يتعرض لخيانة من هؤلاء الأصدقاء، ويلصقون به التهم، ويحاول إثبات براءته.

أحمد الجمَّال

«الزير سالم» مسلسل كويتي يجمعه بأبرز نجوم الدراما

ضيف الشرف يخطف الكاميرا من أبطال «كشف المستور»

«قضية سميحة بدران» تكرر تجربته مع الأفلام المقتبسة

بطل «نساء ضد القانون» يصطدم مجدداً مع الرقابة

أيقونة التمثيل يختفي بعد «هروب مع سبق الإصرار»
back to top