افتتاحية : مدنية الدولة لا رجعية الوصاية

نشر في 31-03-2022
آخر تحديث 31-03-2022 | 00:15
No Image Caption
ها هم يعودون بنا، والعود هنا غير أحمد، إلى تلك الهوة السحيقة التي يبدو أننا سنظل طويلاً قابعين داخل سجونها، فالضوء خافت بعيد، والظلمة محتدمة والمعركة حامية الوطيس، وكلما ظننا أننا خرجنا من تلك المتاهة إذا بنا نتخبط مجدداً في جنباتها.

إلى متى تقوم الدنيا ولا تقعد، وينتفضون منتفخي الأوداج، كلما سمع أحدهم عن حفل سيقام أو موسيقى ستعزف أو أغنية ستغنى أو كاتب سيلقي محاضرة لا تروق لذائقتهم أو اتجاههم؟!

إلى متى سنظل متدثرين بعباءة الخوف من أن يتهمنا أحد في عقيدتنا أو إيماننا لمجرد أنه يخالفنا الاتجاه وطريقة النظر إلى ثوابت الأشياء وديناميكيتها، ليلقي على مسامعنا وأبصارنا وعقولنا بل على حياتنا كلها ظلاً كثيفاً من التوجس والخوف والترقب، فإذا بالكثير يستسلمون ليقعوا في ربقة الوصاية التي فُرِضت عليهم قسراً وجبراً وبمباركة من حكومتنا الموقرة أو بالأحرى المؤطرة المؤدلجة التي صارت طوع بنانهم؟.

إلى متى ستظل حكومتنا «الشجاعة» في مرحلة إمساك العصا من المنتصف، بلون ضبابي غير محدد المعالم، خوفاً من هذا أو ذاك أو أولئك، لتخرج علينا الفتاوى بين الحين والآخر تطعن في عقائد الناس ونواياهم وتسبغ عليهم من الأوصاف ما لا يليق ومن التقييد ما لا يحق؟ فهل الكويت الآن في هذا التوقيت من عمر البشرية في عام 2022 دولة مدنية أم رجعية؟!

إلى متى ستظل المرأة في نظرهم كائناً من الدرجة الثانية فاقدة الأهلية، لا محل لها إلا بيتها، فلا حق لها في طموح مهني أو أكاديمي أو مستقبل علمي، وكأنها لا تصلح إلا للبيت وتربية الأولاد وإعداد الطعام وتنظيف الأثاث؟.

العالم يتقدم، ونحن نتراجع، يبني ونحن نهدم، يسارع الخطى لمواكبة الزمن، ونحن نحث على السير إلى الخلف، غير عابئين بقافلة الحضارة التي تبتعد عنا سنوات ضوئية… فإلى متى سنبقى قابعين في أوحال التخلف في وقت سبقتنا كل دول الخليج التي كانت يوماً مثلنا لتتركنا في سباتنا العميق وتلحق هي بركب الانفتاح والتقدم والتنمية والتعليم بعد أن كنا مضرباً للمثل في كل ذلك؟.

في الكويت دستور ومؤسسات، وفيها قانون وحريات، وفيها عقول وطموحات، فلنتجه إلى المستقبل متفتحين، شعارنا الحرية وميزاننا العدالة وخدمة الوطن والارتقاء به، بعيداً عن الوصايات والإفتاءات والاتهامات.

back to top