شراكة الوطن... والحوار المطلوب

نشر في 03-11-2021
آخر تحديث 03-11-2021 | 00:18
 محمد المقاطع نعم، لقد تمت لقاءات تنسيق وتشاور ومفاوضات، وربما مساومات بين أطراف محدودة، لم تتعدّ الثمانية أشخاص، وقد أُطلق عليها دون وجه حق اسم "الحوار الوطني"، وحقيقتها ليست كذلك، ولا يمكن أن يصدق عليها هذا المسمى تحت أي أساس ممكن معقول ومقبول عقلاً ومنطقاً وسياسياً.

نعم، اجتمع الثمانية وبحثوا بعض الموضوعات، التي نعرف معلومات متناثرة عنها، لكنها لم تكن معلنة، ولا محددة، ولا تمثل التطلعات الكاملة التي يتمناها الكويتيون.

نعم، اجتمع الثمانية بلقاءات أحاطت بها السرية والتكتم والغموض، مع غياب كامل للمصارحة والشفافية عن مجريات الحوار وموضوعاته، وتحديد واضح لمساراته ونتائجه، وخرج المتحاورون من تلك اللقاءات بغموض أكبر، وتكتم أشد، وصرح كلٌّ من طرفه بوصف عام له، وأنه إيجابي، وزاد البعض ببعض التعهدات والتطمينات، وصرح آخرون بأنه لم يتضمن لا تراجعاً، ولا تنازلات، ولا مساساً بالدستور، غير أن منطلقات ومجريات ما سمي قسراً، حواراً، لم تلتزم بأساسيات ومسلمات الحوار الوطني والسياسي، فأطرافه إما مفروضة أو انتقائية، وغُيب عنه أطراف كانت مشاركتها لازمة ليستقيم عوده، كما أنه لم يكن على مستوى التمثيل المتنوع للقوى السياسية والاجتماعية والثقافية، التي كانت طرفاً في الاختلاف، فلا يمكن أن يوصف بأنه وطني، وأحاطته سرية تتنافى وطبيعة نظامنا الدستوري والسياسي الذي يقوم على العلنية والشفافية، واكتنفه غموض محزن، ومازال، وجاءت مجرياته مقلقة، لعدم وجود جدول أعمال له، أما نتائجه فإنها لم تخرج بوثيقة، ولا بمقررات محددة، وبجدول زمني منضبط، بل بنتائج غير معروف كنهها أو طبيعتها، أو أي تفصيل عنها، مما زاد المشهد غموضاً وتخوفاً لا يمكن أن يلام من يبدي عدم ارتياحه بشأنه بكل مجرياته ومخرجاته، وإلى أن يستبين الأمر فيحق لكل شخص أن يراه من ناحيته، وقلنا ونقول إن العبرة بالخواتيم، ولا خواتيم يمكن تلمُّسها حتى الآن، فرويدكم، لا تأخذوا الناس بشراع وميداف، فلم يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود فيما أطلق عليه "الحوار".

نعم، تحققت انفراجة وقتية تحقق من خلالها عقد جلسة الافتتاح لدور الانعقاد الثاني لمجلس الأمة.

نعم، تبدلت الأدوار والمواقف والرأي لدى عدد من النواب، فقد تفككت كتلة ما يسمى بالـ 31، وانتفخت كتلة التحالف الحكومي، التي تعدت الـ 33 نائباً من غير الوزراء.

نعم، تم تكليف رؤساء السلطات بوضع شروط العفو وضوابطه، وهو ليس بالأمر الجديد، ولا يمكن اعتباره اختراقاً تحقق بالحوار.

نعم، كسبت بعض الشخصيات السياسية مديحاً، وما رأته إنجازاً، وتم عزل شخصيات سياسية أخرى، وتم معاقبة البعض الآخر في مجريات الجلسة الافتتاحية.

نعم، كسبت الحكومة والكتلة البرلمانية الجولة، وهيمنت على لجان المجلس المهمة، وتمكنت مؤقتاً من تكوين كتلة أغلبية بـ"التلزيق"، أي هشّة.

نعم، تم ما سمي حواراً وطنياً، لكنه لم تحل القضايا الملحة والمؤرقة للبلد قبل انطلاقه، فمازالت الأمور كما هي إلا من بعض الفقاعات الإعلامية والدعائية، ومازال الناس ينتظرون، قبل إطلاق رصاصة الرحمة على ما سمي حواراً وطنياً.

والأهم أننا فعلاً بحاجة إلى حوار وطني يؤكد الشراكة بين الكافة في هذا المجتمع، على غرار حوار مؤتمر جدة، إن كنا نبحث عن انفراجه سياسية، وإصلاحات سياسية، فلا نفع لأي حوار لا تلحق به إصلاحات سياسية على كل المستويات، لتتبعها الإصلاحات الأخرى في جميع المجالات.

محمد المقاطع

back to top