لعبة «الخثاق»

نشر في 21-10-2021
آخر تحديث 21-10-2021 | 00:08
 د. سلطان ماجد السالم اجتاح المسلسل الكوري الجنوبي (لعبة الحبار) العالم بأسره، وأصبح بين ليلة وضحاها حديث الساعة بين الناس، فتصدر قوائم البرامج ليحطم الأرقام القياسية ويدر الخيرات (والليرات والنيرات) على المنصة الرقمية الشهيرة (نتفلكس) في أكثر من تسعين دولة حول العالم، تتلخص قصة المسلسل حول أحداث دراماتيكية لحياة رجل قليل الحظ كثير العادات السيئة البذيئة لينضم إلى مجموعة من المتسابقين في جزيرة ليتنافسوا على مبلغ ملياري في سلسلة ألعاب صغار شاعت في المجتمع الكوري، لكن وفي رأيي المتواضع أن الصراع الحقيقي كان ما بين النفس البشرية ونوازعها ضد اتخاذ القرارات السليمة الخيرة من جهة أخرى وصولاً الى آخر لعبة من المسابقة، ألا وهي لعبة الحبار أو كما درج اسم هذا الحيوان باللهجة الكويتية (الخثاق).

ما لم يعلمه القائمون على المسلسل أننا ها هنا في الكويت وبشكل يومي نلعب (كما هي الحال مع أبطال المسلسل) بأرواحنا وحياة الناس في كل صباح ومساء حين نعتزم أن نرتاد شوارعنا المهترئة المحطمة رغم توافر وتجديد عقود الصيانة لها، ورغم انتشار أعمال الطرق حول خريطة الدولة وعلى مدى سنين طويلة كذلك.

يخرج المواطن من منزله ذاهبا الى عمله أو لقضاء حاجياته والتزاماته اليومية ولا يعلم إن كان سيتطاير عليه غطاء مجرور حديدي (منهول) أو يثقب زجاج مركبته شيء من حصى أو معدن، أو أضعف الإيمان وبسبب استهتار البعض أو عدم تنظيم السير ورسم الخطوط الأرضية، تتهشم سيارته من شاحنة على الطريق أو حمولتها!!

نعم، نحن في الكويت وفي كل يوم نلعب (لعبة الخثاق) مع شوارع مهترئة وقوانين مرورية مترهلة لا يلتزم بها البعض وحصى يتطاير وأغطية حديدية تودي بأرواح الناس، ولعل أقرب مثال كان في الأسبوع الماضي حين خسرت الكويت شاباً يافعا في مقتبل العمر بسبب تطاير غطاء حديدي على أحد الطرق السريعة، رحم الله ذاك الشاب وألهم ذويه الصبر والسلوان.

كما تقتضي الآن المسؤولية السياسية على الوزيرة ورئيس الحكومة وحتى قبل إحالة الأطراف المسؤولة عن الطرق الى التحقيق، أن يتقدموا باستقالاتهم من بعد ذاك الحادث الذي يشهد على سنين من الأعمال الرديئة على الطرق المترهلة، وبغض النظر عن تشكيل الحكومة الجديد فأنا هنا أتكلم عن المسؤولية السياسية إثر الحادث الأليم، ومن جهة أخرى وفي أسبوع الشؤم نفسه كذلك يصاب شاب بقطعة حديد هشمت زجاج مركبته وأدمت جبينه، طبعا هذا كله ناهيك عن الطرق التي تتصدع بعد استكمالها بأشهر بسيطة، والحفر المتفرقة عليها، وعدم التزام المركبات الثقيلة بحمولتها، و... و....

على الأقل فإن اللعبة في المسلسل تبقى حبيسة التلفاز والخيال لكن (لعبة الخثاق) حقيقية وواقعية والأرواح التي تزهق بها ثمينة وغالية على مواطن شريف يحب هذا البلد.

على الهامش:

من لا يفرح بـ"العفو" ففي قلبه مرض يصعب علاجه.

د. سلطان ماجد السالم

back to top