سدانيات: من سرق المصحف؟!

نشر في 15-10-2021
آخر تحديث 15-10-2021 | 00:02
 محمد السداني في كل كلمة أخطها في مقالي هذا تراجعت ألف مرة، وأنا أعلم خطورتها ووقعها على المتلقي، ولعل الكلمة التي أخاف وقعها هي الكلمة التي خاف الكثير من قولها أو البدء بها أو حتى التفكير فيها، إننا نجلس على ضفاف هذا الوقت المتسارع، في عالم متغير ومتحول يفرض علينا كل يوم قوانينه وأحكامه، وما زلنا في الكويت نظن أننا نمتلك الوقت لكي نفكر ونخطئ ونتعثر، لقد ولَّت سنوات كثيرة كان المال فيها يستر الفساد، ويخبئ الفشل، ويداوي الجراح، لتأتي سنوات عجاف تطل برأسها علينا كل يوم، دون أن نعلم من المسؤول عن تسريع مجيئها، في هذا المقال لا أود أن ألقي لوما على مجهول ولا على مسؤول، فالجميع شركاء في هذا التقهقر الذي وصلنا إليه.

ودعوني أقسم المشهد إلى ثلاثة أقسام:

أولها الحكومة، أو إذا صح التعبير «جهاز تنفيذ التوجيهات والرغبات»، فلا يمكن أن نسمي ما يدور في مجلس الوزراء وقراراته المضحكة عملا تنفيذيا أو إداريا يقوم على التخطيط، فنحن نملك في كل مرة فريقا غير متجانس متفرق الرؤى لا يملك رؤية ولا رغبة ولا قدرة على الإصلاح، وهذا ما يثبت العجز تلو العجز في تنفيذ خطط إصلاحية حقيقية تحول بلدا كان يوزع ثروته على شكل رواتب وأراضي ومناقصات، إلى بلد حقيقي يملك اقتصادا متنوعا، خطط حقيقية في مجالات التعليم والاقتصاد والصحة والبنية التحتية والتوسع الحضري. أما ثاني مشهد فهو مجلس الأمة الذي قدر له أن يكون متنفس ممثلي الأمة، وفيه يقدمون أسئلتهم، ويرفعون صوتها، وينتفخون غضبا لما يخدم شرائحهم الانتخابية، إلا من رحم ربي، وهم قلة جدا جدا جدا، لقد أصّل النواب على مر السنوات قدرة السلطة على اللعب بالعملية الديموقراطية دون أن يكون لهم تحرك حقيقي في إعادة بنائها على أساس صحيح، فكلما تقدمنا سنة في عمر الديموقراطية رجعنا سنوات وسنوات في الممارسة والمضمون، فكأن السلطة أعطتنا سيارة فارهة وسحبت منا مفتاحها، وتركت لنا المنبه نلهو به إذا ما شعرنا بالملل، فمؤسسة مثل مجلسنا هذا لا يمكن أن يحاسب أو يشارك في تشريع حقيقي لبناء دولة لأنه، وبكل أسف؛ غارق في صراعات وتجاذبات محركها الرئيس المصلحة الخاصة، وقضايا شعبويةز أما المشهد الثالث فهو الشعب الذي لا بد عليه أن يؤمن بأن السماء لن تمطر ذهبا ولا دنانير، وأن زمن الرفاهية الذي قيل إنه سينتهي انتهى فعلاً، وأننا سندفع ثمن سكوتنا وتقصيرنا واختياراتنا من جيوبنا لأننا لم نقف فقط موقفا حقيقيا من الإصلاح، وجاملنا على حساب مستقبل بلد كان من المقدر أن يكون جنة على هذا الكوكب.

خارج النص: في كل مشاهد النقد والامتعاض أتذكر قول أبي حنيفة: «كلكم يبكي فمن سرق المصحف؟».

محمد السداني

back to top