موظفو القطاع العام ليسوا كائنات خلاف الطبيعة

نشر في 17-09-2021
آخر تحديث 17-09-2021 | 00:05
 ناجي الملا عندما صرح أحد الشيوخ قائلا: هناك موظفون مخلصون ويؤدون أعمالهم على أكمل وجه لكنهم قلة قليلة بالنسبة إلى الموظفين الكسالى الذين مبدؤهم في الحياة "عطني ولا تاخذ مني شيء"، ومسؤولوهم يشاركونهم هذا التقاعس والأعمال بعدم عقابهم.

وفي ظل قطاع عام شامل لكل الأنشطة الخدمية، ويبتلع 80% من العمالة الوطنية، وتحكمه بطالة مقنعة تتراوح بين 60% و80%، وفي ظل تسعير الشهادات وغياب برنامج العمل الحكومي المؤسَّس على أهداف كمية وزمنية، وفي ظل تفشي الواسطة والتعيينات البراشوتية وغياب معايير الأداء المحكوم بأهداف محسوبة كمياً وزمناً، في ظل هذه الآفات وبيئة العمل المهترئة وسيادة الفوضى العارمة سيكون من غير الطبيعي عدم وجود الموظفين الكسالى وغير المنتجين الذين يطالبون بالحقوق قبل أداء الواجبات.

لأنه لو وجد موظفون مخلصون وفعالون في ظل وجود ما سبق لكانوا كائنات بشرية خلاف القوانين الطبيعية وعكس فطرة البشر، وكانوا كما قال عنهم الكاتب لستر ثرو صاحب كتاب "تناطح القمم" الشهير، مثل الماء الذي يجري من الأسفل إلى الأعلى، أو يتدفق من السفوح إلى القمم، كما في المجتمع الوظيفي الياباني الذي تنصهر ولاءات الموظفين في المؤسسة التي يعملون بها حتى تصل حد التقديس والعبادة، فيؤدون النشاط نفسه مع انعدام نظام الحوافز للمتميزين ويداومون حتى في مرضهم، إنها روح الساموراي مما اعتبره الكاتب الاقتصادي لستر ثرو خلاف الطبيعة البشرية.

فالسبب في خلق مواطن غير منتج واتكالي ويتفنن في المطالبة بالحقوق دون أن يدفع ما يقابلها من أداء الواجبات هو تولي الحكومة قيادة وإدارة واستملاك القطاع الإنتاجي الخدمي والسلعي: كهرباء، ماء، استخراج وتكرير وتصنيع النفط، تعليم، صحة، سكن، مخابز، مطاحن، هاتف ثابت، بريد، مطارات، موانئ، زراعة، مع غياب برنامج عمل حكومي فتكون النتائج خدمات رديئة وبطالة مقنعة متورمة وصل انتفاخها إلى 80% وتراجع وتخلف بكل المعايير، فكلام هذا الشيخ صحيح، ولكن عندما يصدح به من يعتقد الناس بأنه ابن القطاع الحكومي فستقاذفه حمم الاستنكار والاستهجان والنقد اللاذع، بحسب ما رأينا، وستذوب أي مصداقية مهما كانت، ويطفح على السطح العويل والصراخ والغوغائية.

انظروا إلى الموظف الكويتي ذاته عندما ينغرس في بيئة القطاع الخاص، كيف يتحول إلى شخصية أخرى في سلوكه الوظيفي وتعامله مع الزبائن، وكيف يتبرمج عصبيا فتكون ابتسامته وطريقة كلامه، وقبل هذا إنتاجيته، في الذروة والجمال، إنه كائن آخر، فالحل ببساطة في الخصخصة الرشيدة، فهي الرحم الذي يعاد فيه تخليق الموظف الفاعل المنتج المبتسم.

ناجي الملا

back to top