وجهة نظر: تكلفة التأخير... انهيار

نشر في 30-06-2021
آخر تحديث 30-06-2021 | 00:30
 أحمد حامد الملا في بداية عام 2020، ومع انتشار فيروس كورونا المستجد، ظهرت على السطح أزمة مالية كانت تعانيها الدولة منذ 7 سنوات، وكان من أهم أسباب تلك الأزمة الهبوط الحاد في أسعار النفط، نفاد صندوق الاحتياطي العام وانعدام الرؤية المستقبلية للاقتصاد، بالتزامن مع زيادة مستمرة في بند المصروفات.

ونتيجة لهذه الأسباب، خفضت وكالة Standard & Poor’s في منتصف شهر مارس 2020 التصنيف الائتماني السيادي للكويت من مرتبة "AA" إلى "-AA"، مع نظرة مستقبلية مستقرة، وفي شهر يوليو من العام نفسه، تغيّرت النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، أما في شهر سبتمبر 2020 فقد خفضت وكالة "Fitch" التصنيف الائتماني السيادي للكويت من "Aa2" إلى "A1"، بانخفاض درجتين وبنظرة مستقبلية مستقرة.

يتكرر هذا الوضع السيئ دائماً مع انخفاض اسعار النفط، وبالتحديد منذ بداية السنة المالية 2014 – 2015 والحكومة لم تقم بإصلاحات أو محاولات فعلية للمحافظة على الأموال المتوافرة في صندوق الاحتياطي العام التي تزيد

على 43 مليار دينار (142 مليار دولار) في السنة المالية 2014/ 2015 التي استنزفت بسبب العجوزات المتتالية لميزانية الدولة، فلم تستثمر هذه الأموال بالطريقة الصحيحة والمثالية، إضافة إلى عدم تحصيل الأموال المحتجزة في المؤسسات والهيئات الحكومية وإعادة استثمارها لدعم صندوق الاحتياطي العام.

بعد استماعنا إلى آخر المستجدات لرؤية المملكة العربية السعودية 2035، وبعد مرور 5 سنوات من إطلاقها، وسباق المملكة في تحقيق أهدافها التنموية في جميع قطاعات الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة الفساد؛ ألا يجب على الحكومة التحرك أولاً بشكل جدّي لمحاربة الفساد وتنفيذ المشاريع التنموية المهمة حتى نواكب التنمية في بعض الدول المجاورة؟

من المنطق "أن من أفسد لا يمكن أن يُصلِح"، فالفساد كمرض السرطان، لا بدّ من استئصاله من جذوره، فبقاؤه يزيد من انتشاره. وكما قال فقيد الكويت الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح (يرحمه الله) "محاربة الفساد معركة تبدأ بتطهير مؤسسات الدولة من فاسديها ومن ارتبط بهم من دون تمييز، خصوصاً في ظل ظروف اقتصادية صعبة، فلا تنمية ولا عدالة في الدولة بوجود الفاسدين في مؤسساتها. وغير ذلك لا يكون سوى إفساد فوق إفساد".

برأيي يأتي دور الحكومة والأجهزة الرقابية في تفعيل عملها بمكافحة الفساد وسرّاق المال العام، واسترجاع الأموال المسروقة الى خزينة الدولة، وإقصاء كل فاسد من منصبه. ويجب ألّا يقتصر دور هيئة مكافحة الفساد في التحقيق بقضايا الفساد، إنما يجب عليهم المبادرة في البحث عن منابع الفساد والمفسدين الحاليين والسابقين دون تمييز، وتقديمهم للعدالة، بدلا من الانتظار لأيّ بلاغ يقدّم.

بعد فضيحة جرائم غسل الأموال عام 2020، يجب تفعيل دور "وحدة التحريات المالية" لمنع هذه الجرائم، وعدم جعل الكويت مستنقعا لغسل الأموال، ومصيبة كبرى أن منصب رئيس وحدة التحريات المالية شاغر منذ عام 2018.

معايير القيادات في الدولة

من أهم أسس الإصلاح المالي والاقتصادي وجود قيادات ذات كفاءة وقادرة على الإصلاح والتطوير، ويجب وضع معايير لاختيار الوزراء والمناصب القيادية، تتلخص في الخبرة السابقة بمشاريع منجزة، والقدرة على تقديم الحلول العملية، وتنفيذ رؤية الكويت 2035، والابتعاد عن المحسوبيات السياسية والاجتماعية.

الإصلاحات المالية والاقتصادية

مع بداية العجز المالي للدولة في السنة المالية 2014 – 2015، الذي أدى الى استنزاف الاحتياطي العام لـ 7 سنوات متعاقبة، فإن الحكومة بحاجة إلى ضبط مالي جاد وإصلاحات هيكلية، حتى تتمكن من المحافظة على الأموال المتبقية، ومن أهم هذه الإصلاحات المالية:

- تأسيس مجلس أعلى للاقتصاد، تكون مهمته وضع خطة لانتشال الدولة من الوضع الاقتصادي السيئ ومتابعتها.

- تنويع مصادر الدخل لتقليل الاعتماد على النفط.

- التركيز على القطاعات المنتجة.

- إلغاء الدعوم عن أصحاب الدخول العالية.

- زيادة الإنفاق على المشاريع التنموية.

- رفع الرسوم على الشركات المستفيدة من مناقصات الدولة.

- ترشيد الإنفاق الحكومي.

تكلفة التأخير

كلنا نعلم أن الكويت تزخر بالعقول المميزة والقادرة على انتشال الدولة من هذه المرحلة السيئة، وعلى الحكومة أن تُحسن اختيار قيادتها ووضع خطة واضحة وفعّالة لاستدامة الاقتصاد.

يجب على سمو رئيس مجلس الوزراء أن يقوم بالإصلاحات المالية والاقتصادية في وزارات الدولة والهيئات والشركات التابعة لها، حتى لا يتحمّل الجيل الحالي والأجيال القادمة ثمن البطء في هذه الإصلاحات.

نعلم أن ضريبة محاربة الفساد كبيرة، لكن لا يمكننا الإصلاح في بيئة يقودها فاسدون ومتسببون في هذا الوضع، فأيّ تأخير في محاربة الفساد وتنمية الاقتصاد هو اتجاه سريع نحو الانهيار الاقتصادي.

* أحمد حامد الملا نائب رئيس الجمعية الاقتصادية الكويتية

أحمد حامد الملا

back to top