رئاسة إيران محسومة لرئيسي... هل انتهت «الجمهورية»؟

● رضائي يفشل في نيل تأييد نجاد... وعائلة رفسنجاني تحت المراقبة بعد دعمها همّتي
● «الحرس الثوري» يحشد للتصويت بـ «صاروخ صوب المتآمرين»

نشر في 18-06-2021
آخر تحديث 18-06-2021 | 00:05
في اقتراع بات أشبه بتعيين، دُعي الإيرانيون للإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية أقصي عنها مرشحون بارزون لإتاحة المجال أمام فوز رئيس السلطة القضائية الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي، المدعوم من المرشد الأعلى علي خامنئي، وعشية الاقتراع انحصرت المتابعة بنقطتين: هل يفوز رئيسي من الدورة الأولى، وبأيّ نسبة مشاركة؟
تتجه الأنظار اليوم إلى إيران، حيث دُعي نحو 59 مليون مواطن للمشاركة بانتخاب رئيس جديد للبلاد، في اقتراع تحوّل إلى «استفتاء على شرعية الجمهورية الإسلامية»، بعد إقصاء جل المرشحين البارزين من خوض السباق الذي بات محسوماً لمصلحة رئيس السلطة القضائية الأصولي المتشدد إبراهيم رئيسي.

وجددت مختلف أجنحة النظام الإيرانية دعوتها، أمس، لمشاركة كثيفة في الانتخابات، التي يتوقع أن تشهد نسبة مشاركة لا تتجاوز 40 بالمئة، ستكون الأقل بتاريخ البلاد، في ظل تردي الأوضاع المعيشية وجائحة كورونا وغياب المنافسة الحقيقية مع انحسار فرص المرشح المعتدل رئيس البنك المركزي المستقيل عبدالناصر همتي بمواجهة رئيسي الذي يوصف بأنه المرشح المفضل للمرشد الأعلى علي خامنئي و»كاتم أسراره».

وخلافاً لتحذيره السابق من إجراء انتخابات «الجثّة الهامدة»، حثّ الرئيس المعتدل حسن روحاني الإيرانيين، أمس، على «تجاوز العتب على بعض الأمور والتصويت».

وأضاف متحدثاً عن استبعاد قائمة من المرشحين: «إذا لم يكن مرشحك موجوداً في المنافسة الانتخابية، فقم بالتصويت لأقرب خيار»، في إشارة على ما يبدو إلى المرشح المعتدل عبدالناصر همتي.

وقال روحاني: «إن الكثير من أعدائنا والمناهضين لنا في أنحاء العالم يريدون أن تكون صفوف الناخبين فارغة غداً، لذا علينا ألّا نسمح بأن تتحقق أحلامهم. ولنعمل على إقامة انتخابات مهيبة وتسجيل صفحة ذهبية أخرى في تاريخ الثورة».

وشبّه الرئيس الإيراني، ليلة ما قبل إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة، بـ «ليلة القدر». وتابع قائلا: «أطلب من الناس أن يقدّروا هذه الليلة، وأن يأتوا إلى صناديق الاقتراع غداً بشغف ومجد».

السيستاني لا يدعم أي مرشح

نفى مكتب المرجع الشيعي في العراق، السيد علي السيستاني، أمس، صحة ما تردد عن دعمه لمرشح في الانتخابات الإيرانية.

وذكر بيان لمكتب السيستاني في مدينة قم الإيرانية، أن "ما تداوله نشطاء في منصات التواصل الاجتماعي عن دعم مرشح للانتخابات الرئاسية الإيرانية، مزاعم وأكاذيب لا صحة لها".

وعادة ما يميل جواد الشهرستاني ممثل السيستاني وصهره، الذي يشرف على أنشطة مؤسسات المرجع الشيعي بالعالم، إلى التيار الإصلاحي والمعتدل في إيران.

في موازاة ذلك، دعا «الحرس الثوري» في بيان، الإيرانيين إلى المشاركة القصوى في الانتخابات بغضّ النظر عمّا وصفها بـ «الحرب الإعلامية والنفسية» على بلاده.

ووصف «الحرس الثوري» الانتخابات المقررة اليوم بالأمر المصيري في ظل الترقب الدولي لحجم المشاركة الشعبية بها.

واعتبرت المؤسسة العسكرية الموازية للقوات المسلحة أن «كل صوت في الانتخابات بمنزلة صاروخ دقيق صوب المتآمرين على إيران».

وجاءت دعوة «الحرس الثوري» بعد ساعات من تصريحات لخامنئي أكد فيها أن مقاطعة الانتخابات لن تحلّ المشاكل، محذراً من أن تراجع المشاركة «سيزيد ضغوط الأعداء، مثل العقوبات».

عزوف وزخم

ورغم أن الشارع الإيراني لم يشهد الحراك المعهود قبيل الدورات الانتخابية السابقة، إلا أنه خلال اليومين الأخيرين، سُجلت تطورات زادت سخونة المشهد، بعد تصاعد الدعوات إلى المشاركة في الانتخابات، خاصة من قبل قيادات وقامات إصلاحية، أمثال الرئيس الأسبق محمد خاتمي، ورئيس البرلمان الأسبق الشيخ مهدي كروبي، القابع حالياً تحت الإقامة الجبرية بعد أحداث عام 2009 على خلفية الاحتجاجات على نتائج الانتخابات التي جاءت بالرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

وتنحصر المنافسة في الانتخابات الرئاسية الـ13 في تاريخ البلاد بين 4 مرشحين، هم إضافة إلى رئيسي وهمتي، أمين مجمع «تشخيص مصلحة النظام» محسن رضائي، وأمير حسين زادة هاشمي.

رئيسي وهمتي

ولا يزال رئيسي، هو الأقوى حظاً للفوز، بعد انسحاب اثنين من المرشحين المتشددين لمصلحته، هما علي رضا زاكاني، وسعيد جليلي.

وأظهر آخر استطلاع لمركز الإحصاءات بجامعة طهران (إيسبا) أن 61 بالمئة من الذين أكدوا مشاركتهم في الانتخابات سيقترعون لرئيسي، في حين توزعت بقية النسب وبفارق كبير بين بقية المرشحين.

وفي المقابل يسعى همتي، الذي يُعد المرشح الأقرب للإصلاحيين، لحصد الأصوات الغاضبة من «التيار المتشدد».

وإضافة إلى إعلان 3 رؤساء سابقين دعم التصويت لهمّتي ضمناً، وجّه الرئيس السابق للبرلمان علي لاريجاني، رسالة إلى الشعب، طلب فيها الناخبين بالتعبير عن رأيهم في صناديق الاقتراع، في خطوة فسّرت على أنها دعوة للتصويت ضد رئيسي.

في موازاة ذلك، أفادت فائزة هاشمي رفسنجاني، ابنة الرئيس الراحل، عبر تطبيق «كلوب هاوس» بأنها وعائلتها يدعمون همّتي، ودعت أنصار رفسنجاني للتصويت له لـ «إفشال خطة النظام». وكشفت أنه فور كشف وزير الاستخبارات السابق معلومات عن إقصاء والدها من الانتخابات الرئاسية عام 2013، فإنّ الأجهزة الأمنية انتشرت حول منازل أبناء الرئيس الراحل.

وأمس الأول، أعلن المرشح المعتدل محسن مهر عليزادة، انسحابه من السباق لمصلحة همتي الذي أطلق وعودا لاستمالة الأقلية السنيّة والمرأة وأنصار وزير الخارجية الحالي محمد جواد ظريف.

رضائي ونجاد

من جانب آخر، أكد مصدر مقرّب من نجاد أن رضائي حاول الحصول على دعم الرئيس الشعبوي السابق وأنصاره من خلال وساطة قادها غلامحسين الهام المقرب جداً من نجاد، والذي كان يسعى في الأساس لتكوين ائتلاف مع الإصلاحيين.

وتبادلت مجموعات موالية لنجاد رسالة تؤكد أنه لا يدعم رضائي. وكشف المصدر أن الأجهزة الأمنية عادت لمحاصرة منزل الرئيس السابق والتضييق على زواره.

وبحسب المصدر، فإن رضائي استند في تبرير عدم استجابته لضغوط التيار الأصولي بالانسحاب من السباق، لمصلحة رئيسي، إلى الإحصاءات التي تؤكد أنه في المرتبة الثانية بعد رئيسي. ويرى رضائي أنه من الأفضل أن يتنافس أصوليين في الدورة الثانية، في حال لم يتمكّن رئيسي من حصد الأغلبية الكافية للحسم من الدورة الأولى، من أن يتنافس أصولي وإصلاحي.

نهاية الجمهورية

من جهة ثانية، قام أنصار الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي بتسريب مقطع مصور عن لقاء جمعه ببعض الشخصيات السياسية، يقول فيه إنه آن الأوان لائتلاف كل الاتجاهات السياسية المعارضة لخطة الأصوليين للسيطرة على النظام بشكل كامل، والعمل على إقناع الناس للتصويت ضد رئيسي. وفي الفيديو يقول خاتمي «إذا لم تتحرك الجماهير فهذه الانتخابات ستكون نهاية النظام الجمهوري، ويجب على الناس ألا يسمحوا لمجموعة صغيرة بالسيطرة على جميع مقدرات البلاد».

مفاوضات فيينا

من جهة أخرى، أكدت مصادر أوروبية في فيينا أن المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بوساطة مجموعة «4+1»، حول إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 مستمرة، ولن تتوقف بسبب الانتخابات الإيرانية.

وقالت المصادر إن الجولة السادسة ستختتم خلال بضعة أيام، وستعود الوفود إلى دولها.

وذكرت أنه ليست هناك ضغوط للتوصل إلى اتفاق قبل 24 الجاري تاريخ انتهاء التوافق التقني بين الوكالة الدولية للطاقة الذريّة وإيران، بشأن استمرار مراقبة المنشآت الذرية، لأنّ الإيرانيين أبدوا استعدادهم لتمديد الاتفاق.

«صيانة الدستور»: المنافسة «جدية»

دافع مجلس صيانة الدستور عن قراره استبعاد جميع المرشحين البارزين، مشدداً على أن المنافسة "جدية".

وقال المتحدث باسم مجلس "صيانة الدستور"، عباس علي كدخدايي، إنه أبلغ 4 مرشحين بأسباب استبعادهم من الانتخابات الرئاسية، بعد تقدمهم بطلبات خاصة، مضيفاً أن قانون الانتخابات الرئاسية لا يخول المجلس إبداء أسباب الاستبعاد. ولفت كدخدايي، خلال مؤتمر صحافي، إلى أن المجلس جهز رداً على خطاب الرئيس حسن روحاني، الذي تضمن التحذير من استبعاد المرشحين وإجراء انتخابات بـ"لا روح"، وقال إنه سيتم إرسال الرد إليه قريباً، مشدداً على أن "المناظرات التلفزيونية التي تم بثها" أظهرت أن "المنافسة السياسية جدية".

ولفت إلى أن "وسائل الإعلام والشعب العزيز شهدوا أن الأمر يتعلق بمنافسة جيدة"، مضيفاً أنه "في عملية الاقتراع هذه، وفي كل عمليات الاقتراع السابقة، فإن الأشخاص الذين منحوا الأهلية هم من كل المجموعات السياسية".

وأكد أن المجلس "لا يعطي رأيه أبدا بناء على الآراء السياسية للمرشحين"، قائلاً إن "رأي مجلس صيانة الدستور يرتكز على القانون الانتخابي".

هل يرفع بايدن العقوبات عن الرئيس الجديد؟

حذّر معهد الدفاع عن الديمقراطية الأميركي إدارة الرئيس جو بايدن من رفع العقوبات عن المرشح الرئاسي الأوفر حظاً في الانتخابات الإيرانية، إبراهيم رئيسي. وقال المعهد في تقرير إنه «لمواجهة سلوك النظام الإيراني السيئ خارجياً وداخلياً، يجب على إدارة بايدن الامتناع عن رفع أي عقوبات غير نووية عن إيران، وخاصة تلك المفروضة على رئيسي».

وأثار إعلان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأسبوع الماضي عن إمكانية قيام الإدارة برفع عقوبات غير نووية عن إيران، تساؤلات حول ما إذا كانت إدارة بايدن سترفع العقوبات عن رئيسي بعد فوزه في الانتخابات كمبادرة حُسن نية لإنجاح المفاوضات.

وعاقبت واشنطن رئيسي في نوفمبر 2019 بموجب أمر تنفيذي وقعّه الرئيس الأميركي الجمهوري دونالد ترامب، ويسمح بفرض عقوبات على المرشد الأعلى ومكتبه وأي مسؤول يعينه وأي شخص يتعامل معه.

كما يُصرّح هذا الأمر التنفيذي بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية التي تسهّل عن عمد أو تجري معاملة مهمة مع أي فرد أو كيان معاقب بموجبه. ويقول «معهد الديمقراطية» إن الأمر التنفيذي كان رد فعل على أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، وهو أمر ليس له صلة بالأسلحة النووية، وبالتالي فهو لا يتعارض مع العودة إلى الاتفاق النووي.

أرقام انتخابية

59.310.307 ناخبين

29.980.038 ناخباً

29.330.269 ناخبة

10.392.148 ناخباً يقترعون للمرة الأولى

18 عاماً سن الاقتراع القانوني

14 انتخاباً رئاسياً في ظل النظام الإسلامي

41 % نسبة المشاركة حسب استطلاعات رسمية

600 قدموا أوراق ترشحهم

4 مرشحين بعد الاستبعادات والانسحابات

67 ألف مركز انتخابي في أنحاء البلاد

38% من الأصوات نالها إبراهيم رئيسي في 2017

57% نسبة الامتناع في انتخابات 2020 التشريعية

● طهران - فرزاد قاسمي

مفاوضات فيينا النووية تتواصل بالتزامن مع الانتخابات
back to top