«كورونا» والتصعيد السياسي

نشر في 26-04-2021
آخر تحديث 26-04-2021 | 00:20
 أ.د. غانم النجار في رمضان الماضي كنا تحت إغلاق كامل، والآن إغلاق جزئي. ولا نعلم شيئاً عن رمضان القادم.

لم تعد أزمة كورونا أزمة صحة عامة فحسب، بل انتقلت إلى تهديد الحياة العادية للناس، بكل مناحي الحياة، حتى صار شعوراً محاصراً للناس، اليوم وبعد مضي أكثر من سنة يكاد لا يخلو بيت منها. أما في العلاقات الدولية فقد دخلت في موازين القوى بشكل سافر.

نقوم ضمن فريق دولي بدراسة عالمية واسعة للعديد من الدول لفحص الآثار الناجمة عن وباء كورونا، على سلوك البشر وعلاقاتهم بمحيطهم، وبالآخر، وبالسلطة، وبالانتخابات، والتضامن الدولي، الضحية البارزة لكورونا.

تمر الكويت هذه الأيام بأزمة فريدة من نوعها، مع أننا مدمنو أزمات، نقتات عليها، وصفتها سابقاً بأنها "الإدارة بالأزمات"، هذه المرة تبدو أكثر حدة.

وتعد "الثقة بالسلطة" محوراً مهماً في الدراسة، فما إن جاءت "كورونا"، حتى بحث الناس عن أمرين؛ الأول إجابات وتفسيرات، والثاني السياسات والإجراءات. تداخلت التفسيرات، وانقسم الناس حولها، فإما جزء من مؤامرة كونية، ودخل فيه متطرفون، ورؤساء دول كبرى، كما فاقمتها وسائل إلكترونية، زادت من فداحة التهديد، فاختلط الحابل بالنابل، وضاعت الصورة لتصبح أكثر تهديداً للإنسان. أما الجانب الآخر فهو انتظار الفعل من الحكومات، وصار اختبار الثقة مبنياً على إجراءات الحكومة، ونجاعتها. كان لافتاً أن أغلب الدول التي أجادت في إدارة ملف كورونا كانت قياداتها نسائية، ولكن لذلك حديث آخر.

أما في الكويت فشاهدنا حدثاً تاريخياً في بدايات كورونا، حين وقف نواب المجلس يصفقون للحكومة استحساناً لأدائها تجاه كورونا، وعلى الأخص وزير الصحة. أما الآن فيتسابقون على استجوابه.

قلنا في بداية كورونا إنه على الحكومة الجديدة أن تتيقن بأن معركتها هي معركة ثقة، لإصلاح حالة التردي العام في الدولة. فإن كسبتها كسبت الجولة وقطعت الطريق على خصومها. لم تنجح الحكومة في ذلك لأسباب كثيرة، ومنها ربما "كورونا"، فتراجعت الثقة إلى حد كبير، لدرجة أنه لم يحظ حبس وإحالة شخصيات نافذة في الأسرة، منهم رئيس الوزراء السابق، بالاهتمام المفترض.

بطبيعة الحال، لكورونا أثر على حالة التصعيد غير التقليدية ضد الحكومة، وهو أمر لا حل له إلا بالاعتراف بالعجز، والبدء بفتح حوار جاد لكيفية الخروج من أزمة الإدارة العامة للدولة، ربما انتظاراً لأزمة أخرى.

ستذهب "كورونا" يوماً ما، وستبقى معنا الحالة المتردية للإدارة العامة، وهي تحتاج إلى ما هو أكثر فعالية من لقاح فايزر أو أكسفورد أو جي آند جي.

أ.د. غانم النجار

back to top