«إذا أنت مو معاي إذاً أنت ضدي»

نشر في 16-04-2021
آخر تحديث 16-04-2021 | 00:00
 د. نبيلة شهاب مومعاي، يعني أنت ضدي!!

أحيانا عند البعض لا يوجد منطقة محايدة في المفاهيم والمبادئ والتصرفات، إما يمين أو شمال، المنطقة المحايدة غالباً ما تكون مهمشة ومهجورة من الكثيرين في مجتمعاتنا العربية، حتى حين يكون الفرد مع الجانب الآخر فهذا من حقه حسب قناعاته وميوله.

وإلغاء حرية الفرد في الاختيار أو التصرف أو عدم احترامها لا يكون على مستوى المجتمع فقط، بل حتى داخل الأسرة الواحدة أحياناً نجد ذلك، فإذا مال أحد الوالدين أو كليهما لابن أو ابنة فإن بعضهم يشعرون بالحزن والتفرقة، ويصعب عليهم فهم أن ما يقوم به الوالدان سلوك مرتبط بما يرونه مناسباً لموقف معين أو حسب سلوك معين أو حتى تبعاً لشخصية أو احتياج بعض الأبناء دون غيرهم، إلا إذا وصل إلى درجة التفرقة الصريحة المؤذية بلا سبب فيكون هنا مرفوضاً.

سوء فهم حرية الآخرين في الاختيار والتصرف سلوك خطأ لا يستهان به، ففيه من الخطورة الشيء الكثير، حيث تبنى على هذا الفهم الخطأ قناعات وتترتب عليه سلوكيات قد تضر صاحبها وتضر الآخرين، فذلك الذي يعتقد أن صديقه أو زميله لم يقف معه ويناصره في موقف معين لأنه يكرهه قد يتعامل مع صديقه أو زميله بعداء، ويتفاوت هذا العداء من مقاطعة التواصل والبعد النفسي الى محاولة إنزال الضرر النفسي أو حتى الجسدي بهذا الصديق أو الزميل!!

ولا يقف الوضع عند ذلك فقط، بل قد يجيش آخرين ممن يماثلونه في الفهم والشخصية ويخلقون جواً سلبياً مزعجاً وأحياناً خطراً على ذلك الذي يرون أنه خذل صاحبهم، وقد يصل بهم الأمر الى اتهامه بالخيانة!! وقد يكون ذلك فرصة لشخص يحمل ميولاً عدائية وبغضاً للآخرين فلا يرى سعادته إلا بشقاء الناس، أو شخص يغار بشدة ويحمل كرها لذلك الصديق أو الزميل.

المشكلة قد تكمن في الإدراك الخطأ لتصرفات الآخرين، فسوء الإدراك يتبعه تصرفات وردود أفعال مغلوطة، والإدراك الخطأ له أسبابه التي تتعلق بالموقف أو بمن يسيء الفهم أو حتى ذلك الذي يساء فهمه، وأحياناً لا يوجد أي سوء فهم أو التباس، إلا أن الشخص المتسلط لا يريد من يخالفه في شيء ولا يعرف كيف يحترم حرية الآخرين، وبكل صفاقة يفرض رأيه الخاص وقناعاته على الآخرين مهما كان الأمر.

وقد ينتج عن فرض الرأي والقناعات على الآخرين وخصوصا من يخالفه الرأي الشعور بالاضطهاد وقلة الحيلة والحزن الشديد ممن فرض عليه الرأي، لأنه يتصرف ويقول خلاف قناعاته ورغبته، مما يولد غالباً في داخله صراعاً نفسياً يسبب له شعوراً سلبياً وقهراً وحزناً قد ينعكس على سلوكياته وقد يطول الضرر من يعيش معه.

فرض الرأي والتسلط على الآخرين يخلق داخل المجتمع جواً يخلو من الهدوء والراحة النفسية التي تنبع في الأوضاع الطبيعية من المودة والاحترام بين أفراد المجتمع، وتقدير خصوصية الفرد واختلافه وعدم التعدي على حدود وخيارات وقناعات الآخرين.

د. نبيلة شهاب

back to top