آراء النخبة المصرية في «حزب الله»

نشر في 24-03-2021
آخر تحديث 24-03-2021 | 00:08
 خليل علي حيدر تضمن كتاب "ثائر من الجنوب" عن حياة الأمين العام لحزب الله اللبناني، فصلا بعنوان "كيف ترى النخبة المصرية حسن نصرالله وحزبه: الدور- التحديات- سبل الدعم"، وقد شارك في إعداد الاستطلاع لجنة لمساندة المقاومة الإسلامية في لبنان وكانت لجنة مصرية مستقلة برئاسة د.رفعت سيد أحمد نفسه (مؤلف الكتاب).

واستعرض د.رفعت في الفصل "آراء خمسين قيادة وشخصية سياسية وإعلامية واستراتيجية مصرية"، وقد تضمن الفصل آراء شخصيات وقيادات حزبية مختلفة عام 2006، وكان من بين من عرض الكتاب آراءهم المرشد العام للإخوان المسلمين، فقال في تقييم دور حزب الله ما يلي: "كل صاحب حق وكل الذين يرفعون لواء الإسلام ويقولون كلمة الحق في وجه الباطل تشن عليهم حرب شرسة لأنهم يدافعون عن الديمقراطية والأرض والوطن، وحزب الله حزب مجاهد يقود لواء المقاومة الإسلامية، ورغم اختلافنا معه في بعض الأمور فإننا نعتبره ثروة قومية يجب الحفاظ عليها من الهجمة الإمبريالية الصهيونية الشرسة التي تتعرض لها هذه الأمة".

وأضاف مرشد الإخوان آنذاك الأستاذ مهدي عاكف: "نحن ندافع عن الحق وحزب الله يدافع عن الحق وتحول دفاعه إلى نضال ومقاومة، وصار رمزا يحتذى به للمقاومة العربية والإسلامية، لذلك مطلوب حمايته ودعمه ومساندته والحفاظ على سلاحه، كذلك مطلوب تحرك شعبي عربي وإسلامي من المغرب العربي حتى الهند وباكستان، وبالتالي فالتعويل الآن على الجماهير العربية والإسلامية للدفاع عن حزب الله والمقاومة العربية والإسلامية بشكل عام لأنها جميعا تتعرض للمؤامرات".

(ص262-263، ثائر من الجنوب).

دعم مرشد الإخوان لحزب الله كان للأسف "كلاما في كلام"، لم يقل شيئا عن المساندة المالية للشعب اللبناني من خزائن الإخوان التي تنوء مفاتحها أو مفاتيحها "بالعصبة أولي القوة" بشركاتها ومصارفها وبنوكها اللا ربوية أو من جيوب دهاة المال في صفوفها، بل لم يشر المرشد إلى قيام الإخوان في مصر وخارجها كالدول الخليجية بتغطية مصاريف القتال والتعمير والتعويض.

فالمهم أن "حزب الله" انتصر وكان انتصاره باهرا والفواتير ستدفع من خزائن الجمهورية الإسلامية مهما رفض الشعب الإيراني ذلك في مظاهراته، وقد تجد الدول الخليجية نفسها بحكم الشد والجذب السياسي في المنطقة مضطرة كذلك لدفع بعضها استعداداً للمنازلة القادمة.

وفي كلام المرشد قدر كبير من المجاملة والتورط السياسي، وكذلك في اعتبار المرشد لحزب الله "ثروة قومية يجب الحفاظ عليها"، وأنه "صار رمزا يحتذى للمقاومة العربية والإسلامية"، أما دعوة المرشد عاكف حزب الله إلى الاحتفاظ بسلاحه فنتساءل مرة أخرى: هل استشار الإخوان المسلمون في هذا النداء بقية أبناء الشعب اللبناني أم أنه كما يفعل الكثير من الساسة والمثقفين والإسلاميين مجرد تدخل في شؤون الآخرين؟ وهل كان المرشد عاكف أو الآخرون يرضون لأي حزب في مصر مقاوم أو مجاهد أن يرفض تسليم سلاحه للدولة حتى لو كان قد حرر سيناء؟!

المهندس إبراهيم شكري، رئيس حزب العمل المصري، أشاد كذلك بحزب الله، وقال إنه "يمثل المقاومة الوطنية"، وطالب حزب الله "بحفظ سلاحه"، ثم هاجم المحكمة الدولية قائلا: "إن ما نسمعه من حين لآخر من تشكيل محكمة دولية لمحاكمة مسؤولين سوريين وكذلك محاكمة مسؤولين لبنانيين وبعض رموز حزب الله أمر لا يقبله وطني ولا قومي لأن المحكمة الدولية شكل من أشكال التدخل الأجنبي والهيمنة، سواء بالنسبة إلى لبنان أو سورية تحت عباءة الشرعية الدولية، وما دامت سورية قد تعاونت بشكل تام". (ص 26).

وقال آخر من أعضاء اللجنة المصرية، "نحن أمام مؤامرة دولية لعمل خريطة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، وهناك محاولة أميركية للقضاء على الحزب (حزب الله) كهدف استراتيجي لصالح الكيان الصهيوني".

وقال السيد البدوي سكرتير عام حزب الوفد المصري "إن حزب الله يمثل المقاومة في لبنان، ولذلك هو مستهدف من الولايات المتحدة". ثم شن السيد البدوي هجوما كاسحا على الدول والأنظمة العربية لأنها "غير قادرة أو مؤهلة لحماية حزب الله". (ص263).

"شوف" تفكير ونضج أقدم حزب ليبرالي عربي! وواصل الهجوم قائلا: "هؤلاء الحكام لا يمثلون شعوبهم ولم يتم اختيارهم وفق الإرادة الشعبية". (ص263) ولكن هل البديل الأفضل للبنانيين والشعوب العربية حزب الله الذي يقول الناطق باسمه علناً: "نحن إيران في لبنان"؟.

ولم يفت هذه النخبة أن تشيد كذلك بما اعتبرته "المقاومة العراقية" ضد القوات الأميركية، وقد ثبت لاحقا للعراقيين وللجميع، أنها مقاومة بلا برنامج وطني أو كفاءة إدارية أو رؤية تنموية، وأنها ذات توجهات سياسية مضطربة ووسائل إرهابية دامية، لم تجد بأسا في التعاون مع تنظيم "القاعدة" ثم "داعش"، كما تسببت في تدمير مصالح أهل السنة في العراق، وأنهكت قواتها، وأضرت أشد الضرر بالقوى العشائرية، وخلطت كل الأوراق الوطنية والطائفية، في حين كان الإعلاميون العرب خارج العراق يصفقون لها إعجابا بجهادها وتفجيراتها المروعة!

الأستاذ حسين عبدالرازق الأمين العام لحزب التجمع المصري أشاد كذلك بالحزب قائلا: "حزب الله هو أصلا حزب مقاومة لتحرير الجنوب اللبناني"، وأشار عبدالرازق إلى تعقيدات أوضاع لبنان في علاقته بسورية: "فسورية رغم خروجها من لبنان مازالت لاعبا أساسيا، وحزب الله ما زال قريبا من دمشق وإيران، وله وجهة نظر تعترف بالدور السوري في لبنان، لكن على أي حال من الأحوال لا يمكن تجاهل حزب الله ودوره المقاوم ضد إسرائيل"، وأضاف أن "على كل الأحزاب العربية مسؤولية الضغط على حكوماتها لكي لا تكون صدى للسياسة الأميركية، ويجب أن يكون هناك نوع من الحماية الشعبية لحزب الله وللمقاومة عموماً". (ص264).

وأشار أبو العلا ماضي وكيل مؤسسي حزب "الوسط المصري" أشار إلى أن "حزب الله له مؤيدوه وله جذور شعبية داخل لبنان وله تعاطف شديد داخل الوطن العربي والإسلامي، ولكن لابد من توحيد الجهود والصفوف اللبنانية خلف حزب الله والمقاومة".

أبدى المهندس أحمد بهاء الدين شعبان القيادي في حركة (كفاية) أبدى تعاطفه مع ما يحدث في سورية، وأضاف "القضية رسم خريطة للمنطقة من جديد وللتغطية على الفشل الأميركي والمخطط الأميركي في المنطقة بفبركة قضايا، والذين لهم مصلحة في اغتيال الحريري وتويني هم خصوم سورية، وبالتالي فالمنطقة مقبلة على حروب لا يعلم مداها إلا الله".

هؤلاء جميعا ممن أوردنا بعض كلامهم وتحليلاتهم لنتائج معارك حزب الله تحدثوا عن مصير حزب الله، وواجب بقية العالم العربي في الوقوف صفا واحدا يساند حزب الله، بينما لم يحللوا بعض أوضاع لبنان وشعبه والحياة اليومية ومعاناتها في ظل "الحروب غير المتوقعة" والقرارات المصيرية التي تتخذها دول أخرى دون أن تخبرك أو تحذرك، فمصير الشعب اللبناني عندما تقع الحرب ترسمها قوى إيران وإسرائيل وحزب الله وسورية، ولا تستطيع المؤسسات اللبنانية والسلطات الثلاث فيها أن تتحكم أو تتصارع مع أي منها!

كل الحزبيين والمفكرين والكتّاب والمثقفين يهتمون بمصير "المقاومة العربية" و"الصمود" و"دحر العدو" و"الوقوف مع حزب الله لأنه يمثل رمز القوة والانتصار". وقال الأستاذ فاروق العشري أمين التثقيف العربي الناصري المصري بعد أن حذر من أن "الولايات المتحدة تسعى إلى حل حزب الله ونزع سلاحه"، وأضاف محللا أسباب عداء أميركا لحزب الله فقال: "ولأن حزب الله إشعاع ونور قوي للمقاومة اللبنانية ضد الرغبات الأميركية الصهيونية التي تستخدم أدوات التركيع والهيمنة فلابد من القضاء عليه، نحن مع حزب الله لأنه يمثل رمز القوة والانتصار على المخططات الصهيونية... سورية أصبحت حاليا القلعة الأخيرة للصمود والتحدي وبالتالي مطلوب إسقاطها لأنها تدعم حزب الله". (ص297).

بعض المشاركين من أعضاء اللجنة، ومنهم الخبير الاستراتيجي المصري اللواء عثمان كامل عارض أي تغيير في طبيعة "حزب الله" ووسائله، وقال إن هناك رغبة مشتركة بين أميركا وإسرائيل في أن يتحول حزب الله إلى حزب سياسي و"هذه القوى تريد مسح حزب الله من الوجود.. الحزب له عدد من النواب في البرلمان وعدد من الوزراء في الحكومة اللبنانية، وهذا دعم آخر لخطه الاستراتيجي في مقاومة المحتل".

وأضاف: "هناك رغبة لبنانية جامحة في الحفاظ على حزب الله ودوره وسلاحه رغم هذه الضغوط الأميركية والإسرائيلية والشعب اللبناني سيكون له دور في حسم الأمر لأن الحزب عمليا هو الذي يتولى حماية الأمن القومي اللبناني، وهو عامل التوازن والردع الوحيد ضد إسرائيل". (ص269).

وأكد الباحث العسكري اللواء محمد عبدالغني الحصري أن "حزب الله لديه قدرات خاصة، حيث لديه عقول استراتيجية لديها فكر تخطيطي وتكتيكي وسياسي هام، والحزب سيحاول الوصول الى حل وسط، خصوصا أنه متكاتف مع سورية وإيران، وأي موقف غير مدروس من قبل أميركا وإسرائيل ضد حزب الله والملف السوري اللبناني سيكلفهم كثيراً جداً... الثمن سيكون فادحا".

ويقول: "حزب الله يسعى حاليا إلى الخروج بسورية من مطب الحريري "الملفق" وهو يعلم تماما أن كوادره يدها نظيفة من أي دماء لبنانية". (ص269).

سنعرض في المقال القادم وهو الأخير بعض ما جاء في كتاب الباحث الإيراني د.مسعود أسد اللهي عن حزب الله وهو بعنوان "الإسلاميون في مجتمع تعددي"، بيروت 2004، تحدث د.أسد اللهي عن العلاقة المتداخلة بين سورية وإيران وحزب الله، فقال: "في الواقع أدرك حزب الله جيداً أن دعم إيران له هو مصدر مشروعيته الدينية، وأن انسجام الحزب مع السياسات السورية في لبنان، هو عامل تسهيل لنشاطاته، لذلك أظهر حزب الله مرونة أكبر في علاقته بسورية بعد اتفاق الطائف، لكن هذه المرونة لم تكن بالتأكيد موضع تأييد الجناح الراديكالي في حزب الله، إلا أن تدخل إيران دفع أعضاء الحزب إلى تغيير نظرتهم إلى سورية. يقول أبو سعيد الخنساء بهذا الخصوص إن بعض أصدقائنا كانوا ينظرون إلى سورية كعدو، ولو لم يتدخل السيد القائد آية الله الخامنئي مباشرة لما صححت هذه النظرة، بعد هذا التحول رسم حزب الله لنفسه خطين أحمرين في ما يخص القضايا اللبنانية الداخلية:

1- المحافظة على السلم الأهلي في لبنان.

2- عدم المساس بالعلاقة مع سورية". (ص413).

خليل علي حيدر

back to top