ألوان «الإرهاب»!

نشر في 23-03-2021
آخر تحديث 23-03-2021 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم لم يحدث في التاريخ أن ترددت كلمة "الإرهاب" مثلما يحفل بها الزمن الحالي، ولقد بحثت في قواميس اللغة عن المعنى الذي يحدد لي طبيعة الإرهاب، فلم أجد غير الخوف، والفزع، والرعب، والتهديد، ولكن لم يكن يخطر لي أن ألوان الطيف قد ارتبطت هي الأخرى بالإرهاب، ونظراً لطرافة هذا الموضوع، كان هذا المقال:

***

• في مصر القديمة، وتحديداً في عصر إخناتون، كان كهنة أتون يضربون كل من يتعبد إلى أمون بفرعٍ من الشجر الأخضر، لم يكونوا يقصدون قتله، أو إيذاءه جسدياً، إنما بقصد التحقير والإهانة، ولهذا كانوا يطلقون على مثل ذلك العقاب "الإرهاب الأخضر".

***

• أما "الإرهاب الأصفر" فهو ينسب لمادة نباتية صفراء ذات لونٍ داكن، ورائحة نفاذة تثير شهية الأسود والنمور، وكان الرومان يطلون بها أجساد المسيحيين إبان المسيحية الأولى، فتنطلق الحيوانات بوحشية مروعة في وسط الملاعب، لتلتهم الضحايا، لكي يستمتع الأباطرة الرومان، والحشود التي تكتظ بهم الملاعب، وكان يطلق على مثل هذه العروض الدموية "الإرهاب الأصفر".

***

• أما ما عُرف بـ"الإرهاب الأسود" فهو إرهاب محاكم التفتيش، الذي ظهر في الأندلس، وطُبق على المسلمين الذين كانوا يُرغَمون على ارتداء الثياب السوداء، ويقادون رجالاً ونساء وأطفالاً إلى المحارق الجماعية، ثم امتد نشاط تلك المحاكم ليشمل معظم دول أوروبا لتحكم بحرق كل من لا يعتنق الكاثوليكية.

***

• عندما نأتي على مسمى "الإرهاب الأحمر"، سنجده عند اليعاقبة أثناء الثورة الفرنسية، وقد أخذ ذلك الاسم، لكثرة ما أريق من دماء على مقصلة باريس، ومنصات الإعدام في الأقاليم.

***

• وظهر في فرنسا -أيضاً- ما سُمي بـ"الإرهاب الأبيض"، ويتميز هذا الإرهاب بأنه بدون إراقة دماء، حيث سادت فترة صار يتم فيها الاحتكام إلى القانون، والاكتفاء بعقوبات السجن، ومصادرة الأملاك، والحرمان من الحقوق السياسية، فأطلق على تلك الحقبة "الإرهاب الأبيض".

***

• أما الإرهاب الذي استوطن منذ عقود في مناطقنا، فمن الصعب أن نجد له لوناً، أو شكلاً، أو تعريفاً، لأنه تمكن من قلب المعادلة رأساً على عقب، فبعد أن كُنا -قياساً بغيرنا- الأكثر مسالمةً، وإنسانيةً وثراءً، غدونا بفضل الإرهاب، نحتل رقماً قياسياً في التخلف، والجهل، والفقر.

د.نجم عبدالكريم

back to top