خاص

المشاريع الصغيرة والمتوسطة في «النفط»... صعبة التطبيق

نفطيون لـ الجريدة•: تحتاج إلى فترة تثقيف طويلة ولا تعني بالضرورة خصخصة الشركات

نشر في 25-02-2021
آخر تحديث 25-02-2021 | 00:06
أكد بعض خبراء النفط أن المشاريع الصغيرة التي تتناسب مع القطاع النفطي المحلي هي توريد قطع غيار أو صناعتها، عن طريق العقود المباشرة، أو تقديم خدمات أخرى كالخدمات التقنية، مضيفين أن قطاع التصنيع من أهم قطاعات المشاريع الصغيرة التي يحتاج إليها القطاع النفطي، لكن لا يمكن البدء فيه كونه يحتاج إلى أبحاث لفترة طويلة وتشجيع من القطاع النفطي، وضخ استثمارات حكومية، أما التوريد فهو يعد من المشاريع المتاحة. وقال هؤلاء الخبراء، في تحقيق أجرته «الجريدة»، إن المشاريع الصغيرة في القطاع النفطي تحتاج إلى مؤتمرات تثقيفية، سواء للشركات المحلية أو الأجنبية، للتعريف بقوانين المشاريع الصغيرة، موضحين أن آلية الدخول للقطاع النفطي بالكويت حاليا يشوبها نوع من الصعوبة، في ظل التنافس الأجنبي وغياب خطة واستراتيجية وطنية واضحة لخلق شركات محلية تستطيع توفير احتياجات القطاع النفطي، والعمل من خلال آليات السوق للمنافسة المحلية والدولية.

وأشاروا إلى أن هناك صندوقا لدعم قيام مثل هذه المشاريع وخلق قيمة مضافة بدلا من تمويل مشروعات بسيطة وتقليدية لا تحقق أهداف التنمية طويلة الاجل، ولا تساهم في التقليل من الاعتماد على النفط في الإيرادات والصادرات، وفيما يلي التفاصيل:

بداية، قال الخبير والاستشاري النفطي د. عبدالسميع بهبهاني إن الدولة استحدثت الشركة الوطنية لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة (SME) بملياري دينار لتشجيع التنوع الاقتصادي، ومنذ ذلك الحين ونظامها الاداري المبني على المردود السريع لم يسعف الا مشاريع المطاعم والمقاهي، فانتهت بها بـ83 في المئة من مشاريعها

خطة التنمية

ولفت بهبهاني إلى أن ذلك انعكس سلبا على خطة التنمية، من خلال طبيعة المشاريع، فمن ضمن الملاحظات أن القطاع الخاص يعتمد على 77 في المئة من مشاريع الحكومة التي تستحوذ عليها شركات "الميجا" (Mega) التي لا تتعدى 5 شركات رغم قانون الاحتكار المقر، وعادة ما تشمل هذه مشاريع النفط والبنية التحتية الضخمة، مضيفا انه في القطاع الخاص شركات يطلق عليها "ماكرو" (macro) وهي ايضا محدودة وتشارك الحكومة فيها بنحو ملياري دينار، وتشمل مشاريعها في البنية التحتية بعض الخدمات الطارئة.

وأشار إلى أنه تبقى فرصة الجيل الصاعد في شركات "المايكرو" (Micro)، وهي فرصة للمستثمرين الصغار ومحرك اساسي للحركة الاقتصادية ومصدر ابتكار للشباب والمستثمرين الصغار والتحكم في نشاطها أسهل للمراقبة، مبينا أن مؤسسة البترول ركزت على دور جزئي لشركات المشاريع، ويبدو أن ذلك التحديد هو بسبب طبيعة القوانين الإجرائية لنظام المشاريع، وأهمها مدد جني المردود المالي وشرطها السنة الثانية من الموافقة.

وأوضح أن العلاقة بين شركات المشروعات وشركات المؤسسة، بالنظام الحالي، لا تتعدى عن تسويق منتجات شركات المؤسسة وتوفير لقيم مصانعها وخدمات صغيرة أخرى كتوفير المؤن الغذائية، وفي المقابل هناك الكثير من أبناء القطاع، ممن فرض عليه تقاعد مبكر، رغم امتلاكهم عقولا وخبرة كبيرة في مختلف مجالات الصناعة والخدمات النفطية، وبإمكانهم توفيرها من الاستشارات والتكنولوجيا والصيانة للآبار والمنشآت وخدمات أخرى، مضيفا ان تفعيل المشاركة لشركات الصندوق المتوسطة لا يعني خصخصة القطاع ولكنها الشراكة التي هي من مصلحة المؤسسات الحكومية كرقابة شعبية ومحرك "للمحتوى المحلي" للاقتصاد.

مواصفات الجودة

وأعرب بهبهاني عن اعتقاده بأنه لا داعي لتغيير جذري لقوانين المناقصات لمشاركة المشروعات المتوسطة، فمواصفات الجودة ضرورية، حيث إن هناك اخطارت مصاحبة للصناعات النفطية، وتحتاج الى دقة في تصميمها، موضحا ان هناك عقبتين تعرقل المنافسة لشركات "المايكرو"، وهي طول الدورة المستندية واجراءات تقييم الخبرة لشركات المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعادل الخبرة التراكمية لمؤسسي المشروعات الشركات الكبرى، بل في كثير من الاحيان تفوقها من حيث المعرفة المباشرة.

وأشار إلى أن المجلس التشريعي السابق تنبه لذلك، فوافق في عام 2019 على الزام الوزارات والمؤسسات الحكومية بتضمين ما لا يقل عن 10 في المئة؜ من مناقصات الدولة للشركات الصغيرة والمتوسطة، مضيفا أن هذا المشروع مازال في حاجة إلى قرار تنفيذي، وهناك ايضا مشروع لربط مصالح الشركات الكبيرة مع الشركات الأقل حجما والمزودة للخدمات، بحيث لا يمكن الاستغناء عن تلك الشركات خاصة المزودة منها لخدمات التكنولوجيا وخدمات الاتصالات والاستشارات وغيرها.

وشدد على ضرورة ان تقوم الحكومة بعرض مميزات وحوافز لتلك الشركات كإسقاط الرسوم او زيادة عدد سنوات الرخص التجارية او تسهيل ملف العمالة، ضاربا المثل بما يحدث في الصين، حيث تقوم الحكومة بتشجيع الشركات الكبيرة للتعامل مع الشركات الصغيرة بالشراء منها او إدخالها بسلسلة الامدادات، وفي مقابل ذلك تحصل تلك الشركات على منح واعفاء من الضرائب ومزايا اخرى عديدة. وأفاد بأن الكثير من القوانين محفزة، ولكنها قيد المزاج الشخصي وليس الفني والتجاري في تطبيقاتها، لافتا الى عدم تأييده لمشروع دمج الشركات النفطية في الوقت الحالي، حتى تثبت جدارتها في الكيانات الصغيرة، وأضاف: "لا أرى اختلافا في آلية التعاون بين شركات الدمج وشركات المشروعات الصغيرة والمتوسطة".

وأشار إلى أنه في الإطار العام، تواجه استراتيجية تطوير المحتوى المحلي في القطاع النفطي عقبات لا تدخل ضمن تفويض مؤسسة البترول الكويتية، حيث تعتبر هذه العقبات حاجزا امام التنفيذ الفعال للاستراتيجية كونها تعمل على ابطاء وتيرة الإنجازات.

عقود مباشرة

من جانبه، ذكر أستاذ هندسة البتـرول في جامعـــــــة الكـــــويت د. أحمد الكوح أن من المشاريع الصغيرة التي تتناسب مع القطاع النفطي المحلي توريد قطع غيار او صناعتها، عن طريق العقود المباشرة، او تقديم خدمات اخرى كالخدمات التقنية.

واضاف الكوح ان قطاع التصنيع من أهم قطاعات المشاريع الصغيرة التي يحتاج اليها القطاع النفطي، إلا أنه لا يمكن البدء فيه كونه يحتاج الى أبحاث لفترة طويلة وتشجيع من القطاع النفطي وضخ استثمارات حكومية، أما بالنسبة للتوريد فهو يعد من المشاريع المتاحة، مبينا أن المشاريع الصغيرة في القطاع النفطي تحتاج إلى مؤتمرات تثقيفية، سواء للشركات المحلية أو الأجنبية للتعريف بقوانين المشاريع الصغيرة.

وعما إذا كانت خصخصة القطاع النفطي تخدم فكرة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، نفى أن تكون المشاريع الصغيرة مرتبطة بذلك التخصيص من بعيد أو قريب كون أموال تلك المشاريع تصب في مصلحة الناتج القومي للدولة، معربا عن اعتقاده بأن الدولة لا يوجد لديها أي توجه لخصخصة القطاع النفطي حتى الآن.

الدمج غير مطروح

وأشار الكوح إلى أن شركة نفط الكويت على سبيل المثال لديها نوعان من تأهيل الشركات، وهي الشركات العالمية والشركات المحلية، مضيفا أن الشركة تضع شروطا أقل حدة عند التأهيل، ولابد من تعزيز ذلك التوجه في كل المشاريع الصغيرة المحلية.

وعما إذا كانت عمليات الدمج قد تساهم في تعزيز دور المشاريع الصغيرة في القطاع النفطي، أفاد بأن عمليات الدمج غير مطروحة في ظل ارتفاع اسعار النفط التي لامست 60 دولارا للبرميل، وفي حال تمت عمليات الدمج فإن ذلك لن يؤثر في تأهيل القطاع للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بل قد تخدم عمليات الدمج المشاريع الصغيرة في القطاع لوجود مظلة واحدة تدار بشكل منتظم.

ولفت الى ان شرط رأس المال في المشاريع الصغيرة ليس له تأثير كبير على تأسيس أي شركة في البداية، وعموما رأس المال المخصص لإقامة مشروع صغير مشروط بألا يقل عن 500 الف دينار.

التركيبة السكانية

من ناحيته، قال نائب مدير إدارة البرامـــــج الاكاديميـــــة في الكــــلــــيـــــة الأمــــيركيـــــــــة الــــدولـــــــيـــــــة د. عواد النصافي إن المشكلة في المشروعات النفطية المتوفرة بالكويت للمشاريع الصغيرة تعتبر صغيرة نسبيا، وتركز بشكل كبير على توريد العمالة وبعض أعمال الصيانة، وهذه الأعمال رغم أهميتها لا تعالج التركيبة السكانية، بل تزيد من نسب العمالة الاجنبية.

واضاف النصافي ان "ما نحتاج اليه في القطاع النفطي للمشروعات الصغيرة والمتوسطة هي في الصناعات الخفيفة والمتوسطة التي يحتاجها القطاع، وهذا لن يكون بمقدورنا الوصول اليه الا من خلال القطاع النفطي نفسه، والتزامه به بالتنسيق مع صندوق دعم المشاريع الصغيرة"، لافتا الى أن هناك مشاريع متعلقة بالقطاع النفطي من الممكن ان نعول عليها مثل الصناعات البلاستيكية وتطويرها عبر المشروعات الصغيرة والمتوسطة.

وأشار الى ان ذلك لا يعني بالضرورة خصخصة القطاع النفطي، وإنما خلق سوق فاعل ومتخصص مرتبط بالصناعة النفطية يدعم هذا القطاع ويحقق نموا صناعيا ويخلق فرصا وظيفية بدلا من الاعتماد على شركات أجنبية.

وبين أنه من الواضح أن آلية الدخول للقطاع النفطي في الكويت حاليا يشوبها نوع من الصعوبة خاصة في ظل التنافس الاجنبي وغياب خطة واستراتيجية وطنية واضحة في خلق شركات محلية تستطيع توفير احتياجات القطاع النفطي، والعمل من خلال آليات السوق للمنافسة المحلية والدولية، خاصة ان هناك صندوقا لدعم قيام مثل هذه المشاريع وخلق قيمة مضافة بدلا من تمويل مشروعات بسيطة وتقليدية لا تحقق اهداف التنمية طويلة الاجل ولا تساهم في التقليل من الاعتماد على النفط في الايرادات والصادرات.

ضغط التكاليف

وأفاد النصافي بأن دمج الشركات النفطية حاليا هدفه الاساسي ضغط التكاليف وتقليل المصروفات خاصة أن أسعار النفط ليست بالمستويات المطلوبة، لافتا إلى أن القضية ليست مرتبطة بالدمج بقدر ما هي مرتبطة بالحاجة الى التوسع في قيام شركات، ومدى أهمية اشراك القطاع الخاص بمشاريع القطاع النفطي الاساسية، والتي تحتاج الى المعرفة الفنية والتقدم التكنولوجي الذي يخلق قيمة مضافة في الاقتصاد، ويوفر فرصا وظيفية للمواطنين، ويقلل من الاعتماد على التوظيف الحكومي لمخرجات التعليم.

وفيما يتعلق بحجم رأس المال المطلوب للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، أوضح أن تلك القضية تحتاج تفاصيل فنية وادارية لكل نوع من أنواع الشركات، إذ إن شركات التكنولوجيا لا تحتاج التوسع في رأس المال بقدر وجود رأسمال بشري يحقق ثورة تكنولوجية في القطاع ويحقق تنمية اقتصادية مستدامة.

وأشار إلى أن بعض المشروعات التي تحتاج إلى استثمار مالي وصناعي من الممكن أن تتحقق من خلال الشراكات الاستراتيجية التي تحقق هدف قيام شركات محلية متخصصة، ومن خلال البنك الصناعي وصندوق دعم المشروعات.

أشرف عجمي

الكثير من القوانين محفزة لكنها قيد المزاج الشخصي وليس الفني والتجاري .... بهبهاني

قطاع التصنيع النفطي أهم قطاعات المشاريع الصغيرة لكنه يحتاج إلى أبحاث لفترة طويلة .... الكوح

المشاريع النفطية الصغيرة تركز بشكل كبير على توريد العمالة وبعض أعمال الصيانة وهو ما يزيد العمالة الأجنبية .... النصافي
back to top