ماذا وراء إلغاء التدريبات العسكرية بين كمبوديا والصين؟

نشر في 24-02-2021
آخر تحديث 24-02-2021 | 00:00
 ذي دبلومات في وقتٍ سابق من هذا الشهر، أعلنت حكومة كمبوديا نيّتها تعليق تدريبها العسكري الممتد على أسبوعَين مع الصين في الشهر المقبل، نظراً إلى ضرورة الحد من الإنفاق في ظل تفشي فيروس كورونا.

كان يُفترض أن يمتد تدريب «التنين الذهبي» بين 13 و27 مارس، وكان سيضمّ نحو 3 آلاف جندي كمبودي وصيني ويشمل عمليات بالذخائر الحية، بما في ذلك التدرّب على استعمال الدبابات والمركبات المدرّعة ومعدات إزالة الألغام.

تعليقاً على هذه الخطوة، صرّح وزير الدفاع الكمبودي، تيا بانه، بأن تدريب «التنين الذهبي» السنوي الرابع أُلغِي هذه السنة بسبب الفيضانات الغزيرة التي قضت على البنى التحتية المحلية والإمدادات الغذائية في أواخر عام 2020، كما أنه تكلم عن معركة البلد المستمرة ضد فيروس «كوفيد19» و»مشاكل متعددة أخرى» تواجهها الحكومة.

يشبه تعليق هذه التدريبات إلغاء تدريب عسكري آخر مع الولايات المتحدة في عام 2017. انطلق تدريب «أنغكور سنتينل» المشترك للمرة الأولى في عام 2010، ثم ألغته حكومة كمبوديا بطريقة غير متوقعة في ديسمبر 2017، وبعد مرور شهرَين، انطلقت تدريبات «التنين الذهبي» مع جيش التحرير الشعبي الصيني للمرة الأولى في شهر مارس.

كان إلغاء تدريب «أنغكور سنتينل» حدثاً مفصلياً في مسار تدهور العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة وكمبوديا، في شهر مارس من السنة نفسها، اعتقلت الحكومة كيم سوخا، رئيس «حزب الإنقاذ الوطني الكمبودي»، قبل شهرَين من حظر الحزب بالكامل. انتقدت الولايات المتحدة وحكومات غربية أخرى هاتين الخطوتَين بقوة، ثم تعرّضت الانتخابات الوطنية الهزلية في يوليو 2018 للانتقادات نفسها بعدما فاز «حزب الشعب الكمبودي» الحاكم بجميع المقاعد (عددها 125) في المجلس الوطني.

أدت حملة القمع التي أطلقها رئيس الوزراء هون سين إلى إبعاد حكومته عن الديمقراطيات الغربية، ثم بدأ سين يتكل بوتيرة متزايدة على دعم الصين، وقد ظهرت تقارير وشائعات مفادها أن كمبوديا كانت تستعد لتقبّل وجود عسكري صيني، وسرعان ما أصبحت كمبوديا جزءاً من سياسة خارجية أميركية عدائية وأكثر ميلاً إلى اعتبار حكومة هون سين جهة عميلة للصين ومعاملتها على هذا الأساس.

في هذا السياق، يمكن اعتبار إلغاء تدريب «التنين الذهبي» بمثابة رسالة ضمنية إلى الإدارة الأميركية الجديدة مفادها أن حكومة كمبوديا ليست مجرّد دولة راضخة لبكين، بل إنها مستعدة لإعادة ضبط علاقاتها مع واشنطن، ولا شك أن هذه الخطوة ستصبّ في مصلحة هون سين، نظراً إلى اتكاله المفرط على الصين في الوقت الراهن واحتمال أن يجد البلد نفسه مجدداً تحت وطأة الاضطرابات القائمة بين القوى العظمى.

قد تكون هذه القراءة لقرار حكومة كمبوديا بتعليق تدريب «التنين الذهبي» مبالغاً فيها، لكن قدّمت هذه الحكومة عذراً مشابهاً حين قررت إلغاء التدريبات العسكرية مع الولايات المتحدة في عام 2017. في تلك الفترة، أعلن متحدث باسم وزارة الدفاع أن البلد كان منشغلاً بالتحضير للانتخابات المحلية في يونيو 2017، لكن لم تتجدد التدريبات منذ ذلك الحين.

بغض النظر عن حقيقة الوضع، يتوقف أي تحسّن في العلاقات على أحد الخيارَين التاليَين: إما أن تضطر حكومة هون سين لتطبيق الإصلاحات الديمقراطية اللازمة لإرضاء الولايات المتحدة والحكومات الغربية الأخرى، وإما أن تضطر الحكومة الأميركية لتبني مقاربة أكثر براغماتية تجاه كمبوديا.

يبدو الخيار الأول مستبعداً نظراً إلى تردد هون سين في اتخاذ أي خطوة تُهدد سلطة «حزب الشعب الكمبودي»، وفي المقابل، من المستبعد أن تتساهل إدارة بايدن في ملف حقوق الإنسان وجهود نشر الديمقراطية في كمبوديا، لكن مثلما تتنازل واشنطن عن جزء من قِيَمها في جنوب شرق آسيا لمحاولة بناء شراكات قادرة على كبح الطموحات الصينية، من المتوقع أن تترسّخ مكانة كمبوديا كمحورٍ لجهود نشر الديمقراطية في المرحلة المقبلة.

سيباستيان سترانجيو - دبلومات

back to top