«التحرش»... هل تم اختطاف قضايا المرأة؟

نشر في 17-02-2021
آخر تحديث 17-02-2021 | 00:10
تعرضت «قضية التحرش» لاختطاف النواب لها متحدثين بامتعاض عن تلك الظاهرة، متناسين استنفارهم لإعادة «الظواهر السلبية» إلى طاولة اللجان، فاتحين باب المزايدة على سنوات السجن والغرامة المالية، على غرار قوانين غرامة قطف الزهور، وترك المخلفات، وتلوث البيئة، وغيرها من القوانين التي مررها مجلس الأمة مكتفياً بغرامات مبالغ فيها.
 د. ندى سليمان المطوع هنا الكويت... ووسط غياب قواعد وقوانين السلوكيات في بيئة العمل بين الأفراد رجالاً كانوا أم نساء، وفي ظل طغيان الذكورية في تربية النشء وتعزيز مقولة "الريال ناقل عيبه" انطلقت أصوات نسائية وشبابية تطالب بردع المتحرشين، وقد اتخذوا من المتحرش في المكان العام مثالا.

وقد انطلقت أصوات نسائية قبل عدة أعوام في الولايات المتحدة طارحة موضوع فضح المتحرشين، وبسببه أطاحت الحملة النسائية رؤساء شركات ومؤسسات استنادا إلى مخالفتهم واختراقهم قواعد العلاقات المهنية في بيئة العمل، وامتدت إلى دول أخرى كاشفة استضعاف الرجل للمرأة واستدراجها تحت مظلة التحرش، وتفاعلت دول عربية آنذاك، فانتشر هاشتاق "افضح متحرش" ليردع آفة التحرش في الأماكن العامة.

وعودة الى الكويت، فقد طرحت القضية بقوة عبر ناشطات ومؤثرات، ومنهن آسيا الشمري، وبيبي حيات، عبر السوشيال ميديا، وقامت أخريات بإيصالها إلى الصحف والبرلمان، ولكن كما يحدث في أغلب قضايا المرأة فهي غير عابئة بدفع القضية إلى مراحلها النهائية.

لذا فقد تعرضت "قضية التحرش" لاختطاف النواب لها متحدثين بامتعاض عن تلك الظاهرة، متناسين استنفارهم لإعادة "الظواهر السلبية" إلى طاولة اللجان، فاتحين باب المزايدة على سنوات السجن والغرامة المالية، على غرار قوانين غرامة قطف الزهور، وترك المخلفات، وتلوث البيئة، وغيرها من القوانين التي مررها المجلس مكتفياً بغرامات مبالغ فيها، فتحولت عقوبة التحرش إلى "حالة" نتيجتها زج الشباب بالسجون وغرامات مبالغ فيها.

وهنا أستذكر مقالة للباحثة ليندا بابكوك نشرتها مجلة هارفارد بزنس ريفيو، حملت عنواناً ساخراً، متسائلة: "لماذا لا تلح المرأة لنيل حقوقها"، وتوضح فشل المرأة في التفاوض والدفع بقضاياها حتى النهاية، وتوضح كيفية اختطاف قضايا المرأة بسبب استسلامها السريع لمن يعدها بإيجاد الحلول، وهذا ما حدث، فقد استسلمت الناشطات بوضعهن الموضوع على طاولة المجلس.

وبعد ذلك كله ما علينا إلا استرجاع القضية وفتح باب النقاش مع علماء الاجتماع والقانون والمهتمين والنشطاء لتحديد أبعاد التحرش التي تمس الأطفال والشباب من الجنسين، وحماية جميع مراكز العمل بما فيها المؤسسات الأمنية والتعليمية أيضا من انتشار ظاهرة التحرش، وذلك عبر توفير الخط الساخن للإبلاغ عنها، وفي النهاية علينا التعامل بحذر مع تلك القضايا لحماية النفس البشرية من آفة استضعافها من قبل المتحرشين.

قضايا كثيرة بدأت بمطالبات نسائية، وانتهت بمكاسب تشريعية وبروز إعلامي لنواب اختاروا ركوب الموجة وتوجيهها لمكاسب انتخابية قادمة، فهل ستمسك المرأة بزمام الأمور؟ وهل ستدرك أنها كفيلة بتأدية دور قيادي لإيجاد حل لقضايا المجتمع؟ أتمنى ذلك.

وللحديث بقية.

د. ندى سليمان المطوع

back to top