الصراخ وسيلة الضعيف

نشر في 12-02-2021
آخر تحديث 12-02-2021 | 00:03
 د. نبيلة شهاب عندما نسمع الأطفال يتحدثون بصراخ أو صوت عال فمن الطبيعي أن نقول لهم "لا تصرخون دوختونا"، لكن لو كان الذين يتحدثون بصراخ راشدين فمن البدهي أن يعرفوا أن الصراخ عيب ويقلل من احترام الآخرين لهم.

البعض ينفعل ويرتفع صوته، وقد يصل إلى العصبية ويصبح كل حديثه صراخا مزعجا دون سبب، وللأسف هذا ما يقوم به بعض النواب في المجلس!! وهناك فارق كبير بين الحديث بحزم وجدية مطلقة مطلوبة وبين الحديث بصوت عال وصراخ، وقد يكون محتوى الحديث شيئاً أقل من العادي في الأهمية.

والمسؤول الذي لا يعرف توجيه الأوامر لموظفيه إلا بالصراخ لا يقل عن ذاك النائب!! والأم والأب والمعلم والمعلمة وحتى الأصدقاء إن وجد من لا يعرف كيف يقوم بدوره بصورة طبيعية ويتحدث بكل اتزان ونبرة هادئة دون صراخ فهو قبل أي أحد آخر يحتاج للتوجيه والمساعدة، والسبب أن الصراخ دليل على ضعف في الشخصية ونقص في القدرة على القيام بالمسؤوليات. وكثيراً ما تباينت التفسيرات لذلك السلوك من قبل العلماء النفسيين، ولكن اتفق الجميع على وجود مشكلة تحتاج الى التخلص منها واستبدالها بسلوك إيجابي مقبول عند الجميع، فالصراخ غالبا ما يؤدي دوراً مخادعاً في التغطية على شخصية ضعيفة لا تستطيع التعامل مع الظروف المحيطة بها بكل عقلانية وهدوء فتتبنى الصراخ الذي تعتقد أنه يعطيها قوة لتصمد أمام تلك المسؤوليات وأمام الأفراد الآخرين في التعامل.

وقد يكون الصراخ ناتجاً عن شخصية متحكمة متعالية عدائية ترى الآخرين دونها، ولا سبيل إلى التعامل معهم إلا بالصراخ عليهم وتحقيرهم بالتعامل والحديث! والانطباع الأول عن هذه الشخصيات هو عدم الاحترام وعدم تقبل ما تقوله، لأن الحديث الهادئ المهذب هو الذي يرسم لنا صورة جادة جيدة عن صاحبها، ومن ثم يصبح ما يقوله مقبولاً ومقنعاً عكس من يمارس الصراخ في نقل فكرة أو حدث معين.

المؤسف في الأمر أنه في عالم الراشدين هناك فئة يعجبها هذا الصراخ كالمقربين من النواب والمسؤولين ومن يماثلهم ومجموعتهم لسبب ما، والسبب الأقرب هو مصالح شخصية أو تشابه شخصيات، وتشجع على استمرار ذلك بإيهام من يتحدث بصراخ بتميزه وأنه البطل المغوار حامي حمى الديار! وحقيقة الوضع هو صوت فارغ وكلام بلا فعل وشخص يقتل احترام الآخرين له بطريقة كلامه وحديثه.

في النهاية على كلٍّ منا الابتعاد كلية عن الصراخ والتشنج في الحديث مهما كان الوضع، لراحة الفرد وراحة الآخرين، ومن يشأ طرح موضوعاً مهماً جاداً فعليه أن يتحدث مع الجميع دون استثناء بلباقة وهدوء ورقيّ واحترام.

د. نبيلة شهاب

back to top