الخلوة مع النفس وأهميتها

نشر في 29-01-2021
آخر تحديث 29-01-2021 | 00:02
 د. نبيلة شهاب الخلوة مع النفس من أجمل الهدايا التي يمكن أن يهديها كل منا لنفسه، فترة مسروقة من لحظات العمر يقضيها بكل هدوء وحب وراحة مع ذاته يحادثها ويفكر معها ويحاول أن يتخلص من كل ما يزعجها ويؤلمها، يراجع طريقته في التوافق مع ظروف الحياة ويقيمها ويقومها، عزلة في داخل الذات يقضيها أحياناً بين حلم وخيال، والخلوة كذلك أوقات نستقطعها لنبتعد عن الآخرين لفترة وبشكل طبيعي بكل هدوء ورقي.

لا تخلو أي مرحلة عمرية من فترات الخلوة مع الذات، وإن اختلفت الطرق والمدة الزمنية، فالمراهق إذا لم يكن مع رفاقه فهو يحب أن يعيش مع خياله في خلوة جميلة غالباً ما يسيطر عليها الخيال الرحب بكل جماله أو العكس، والراشدون الكبار يحبون الهدوء والتفكير والتفاعل بروية والبعد عن الصخب والاندفاع في التصرفات وردود الأفعال، فلا ينقذهم من كل ذلك إلا الخلوة مع الذات، والجميع دون استثناء يحتاج بعض الوقت مع ذاته فقط.

الخلوة تنشط الذهن وتعيد توازنه وتوازن كل الحواس إن قضاها الفرد بهدوء وجو نفسي تغلب عليه الإيجابية والتفاؤل، فصخب الحياة الذي لا يترك وقتاً لراحة الذهن وإعادة نشاطه يقودنا إلى أن نخلو بأنفسنا ولو لوقت قليل. قد تمتد الخلوة بالنفس ساعات طويلة بسبب طبيعة شخصية الفرد، فالبعض نشأ على أن يقضي وقتاً طويلاً بمفرده سواءً كان ذلك يشعره بالسعادة أو الأمان أو قد يكون سلوكه عبارة عن هروب من التواصل مع الآخرين، فالظروف والمواقف تؤدي دوراً مهماً في ذلك أيضاً.

الخلوة مع النفس ليست انسحاباً من الحياة الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين إلا إذا كانت لمدد طويلة وعزوف عن مشاركة الآخرين أنشطتهم وتفاصيل حياتهم، والخلوة مع النفس يجب أن يصحبها تقبل وتفهم من قبل الآخرين، واحترام لرغبة الفرد بأن يكون بمفرده في الوقت الذي يختاره والمكان الذي يحبه، دون أن يكون فيه ضرر على الآخرين أو تقصير في حق من لهم حق عليه.

لا تعتبر الخلوة مع النفس خطراً أو حتى سلوكاً سلبياً إلا إذا ظهرت علامات الاكتئاب أو الانغلاق على الذات وكره الاختلاط مع الآخرين بصورة متكررة.

كلنا يحتاج أن يخلو بنفسه ولو لدقائق يسرقها من برنامجه اليومي خصوصاً إذا كان مزدحماً مليئاً بالمسؤوليات والأعمال، ودون أن يشعر بالذنب أو الاستياء من ذلك.

د. نبيلة شهاب

back to top