كن منصفاً يا سيدي «الفاضي»

نشر في 29-01-2021
آخر تحديث 29-01-2021 | 00:07
 عمرعلي العثمان في منتصف حوار بدأ يسخن على جهة بين (ربع) الديوانية، وأصوات ارتفعت في الزاوية الأخرى على طاولة الكوت، يدخل (فلان) يسّلم على الجميع من بعيد، الكل يرد السلام ويرجع إلى موضوعه، يتحرك صاحبنا برويّةٍ كالصياد من مكانٍ إلى آخر، يبحث عن منفذ يعبر من خلاله عن فراغه بآراء لم تطلب منه بالأساس، ينتبه للحوار الذي سخن هذه الأثناء، يتسمّر منتظراً الفرصة لينقض، حتى يقدم نفسه ضيفاً، فيتدخل بمعلومة يستحدث بها لنفسه وزنا (أوووه هلا بوفلان، قول قول)) بتهكم يقدمه أحدهم.

بدأ الحديث مفنداً التجارب العلمية المرتبطة باللقاح، حتى وصل إلى النتيجة الأسمى لهذه النوعية من النقاشات ألا وهي أن الفيروس مفتعل ومؤامرة أكبر منا.. طبعاً دون عرض أي دليل! احتدم النقاش، صرخ أحدهم هناك (باون) على طاولة الكوت، فانتقل اهتمام (فلان) وبمنتصف نقاشه لتلك الزاوية، دون مقدمات، أنهى مشاركته (العلمية) وهَمّ قائماً آخذاً على عاتقه قيادة صاحب الورق إلى الطريقة المثلى للفوز باللعبة.

هو ذاته الذي أقنعنا يوماً بالسوار المعدني الذي يجعلك متوازناً، وأكد لنا أن عملة البيتكوين ما هي إلا ابتكار مقرصنين يسعون للقضاء على تجار الورق، وأثبت أن العلكة عندما تبتلعها، تبقى بمعدتك سبع سنوات.

مع بريق مواقع التواصل الاجتماعي صنع هوس حب المشاركة والسعي للظهور والشهرة من بعض الناس أبواقاً تقول ولا تسمع. أصبح الشخص يريد الوجود والانتشار على حساب المعلومة وصحة الرواية دون أدنى اهتمام بمدى تأثيرها بمن هو أمامه.

الوصفة بسيطة: ملعقتان من فراغ ونصف ملعقة من غوغل تخلطها بقليل من النرجسية تقدم بتغريدات ساخنة، تتناولها دون خوف من السمنة فهي لا تغني ولا تسمن من جوع، انظر لمن هم حولك من أصدقاء أو زملاء وانتبه لمن (يهذر) بكل موضوع، وبين ذلك الذي يلتزم الصمت في أغلب الأحيان، وعندما يشارك يناولك ما يغذّيك ولا يشبعك! ثم انظر إلى إنجاز الأول وحياته، وقارنه بالآخر فستعرف من الخاوي بينهم!

جميل أن تكون (راعي سالفة) لكن الأجمل أن تكون صاحب حكاية!

صدق من قال الفاضي يعمل قاضي، وأنا أقول لهؤلاء الأحباء: أتفهم الرغبة بالانتماء وجلب الانتباه، لكن عند حديثك عن الناس، أو قيامك بنقل معلومة عن أحدهم بذكر اسمه أو عمله "كن منصفاً يا سيدي الفاضي"، فقد تقول كلمة بحق شخص، تهوي به وبنفسيته وحياته سبعين خريفاً، وأنت تجمع الورق على طاولة الكوت!

عمر علي العثمان

back to top