محركات بايدن الخارجية تعمل... فماذا سيبقى من إرث ترامب؟

مستشار الأمن القومي الجديد: سنبني على نجاح «اتفاق إبراهام»

نشر في 25-01-2021
آخر تحديث 25-01-2021 | 00:04
مع اطمئنانه إلى أخذ مساره الداخلي الطريق الصحيح بدعم القيادة الديمقراطية لمجلسي الشيوخ والنواب، ألقى الرئس الأميركي جو بايدن بثقله لإنفاذ أجندته الخارجية، محتفظاً ببعض سياسات سلفه الجمهوري دونالد ترامب.
عمل الرئيس الديمقراطي جو بايدن منذ الأيام الأولى لولايته على تأكيد القطيعة مع السياسة الخارجية الأحادية المتشددة بعودته إلى اتفاقات دولية وتصريحات ودية لحلفاء عانوا نهج سلفه الجمهوري دونالد ترامب وانتقاداته. لكن في الكثير من الملفات الأساسية وأبرزها المنافسة مع الصين، يبدو أن استمرارية السياسة السابقة هي التي ستحكم المشهد.

وعكست أول إجراءات بايدن ما تعهد به في حفل تنصيبه بترميم التحالفات، فانضم من جديد إلى اتفاق باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية.

وفي خطوة أثارت ارتياح المجتمع الدولي، فتح بايدن الطريق أيضاً أمام تمديد العمل باتفاقية "نيو ستارت" لخمس سنوات إضافية، وهي آخر معاهدة دولية كبيرة مع روسيا في مجال الحد من التسلح النووي.

وبعيداً عن مواقف القطيعة تلك ذات الرمزية، قد تكتفي إدارة بايدن في بعض الملفات بتغيير في النبرة والأسلوب، لا بتغيير تام للاستراتيجية.

وفي أولى مكالماته الرئاسية، أجرى بايدن محادثات مع قادة كندا وبريطانيا والمكسيك. وفي أول اتصال مع زعيم أوروبي، ناقش بايدن الجائحة الصحية وتغير المناخ والأمن مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، بعد أن وصفه عام 2019 بأنّه "مستنسخ جسديّاً وعاطفيّاً" من ترامب وانتقد سياسته المتعلّقة ببريكست.

وفي خطوة ينظر إليها على أنها دفعة مهمة للعلاقة الخاصة بين أميركا وبريطانيا، قدّم بايدن اتصاله بجنسون يومين وتعهّدا فيه "بترسيخ العلاقات والتحالف الوثيق".

في الأثناء، أجرى وزير الدفاع الجديد لويد أوستن مشاورات هاتفية مع نظيره البريطاني بن والاس ناقش وجهات النظر بشأن مواجهة القضايا الاستراتيجية والاستجابة للجائحة والمخاوف من تصاعد نفوذ الصين وتهديدات من روسيا، والعمليات الجارية في العراق وأفغانستان، بحسب بيان من "البنتاغون".

عنوان عريض

وفيما يتعلق بالصين وإيران وكوريا الشمالية، يبقى العنوان العريض لإدارة بايدن "التنسيق مع الحلفاء"، في تعارض مع ترامب الذي غالباً ما اختار اللعب وحيداً في تلك الملفات.

وبالنسبة إلى الصين، وصل الأمر بإقرار وزير الخارجية المقبل أنتوني بلينكن أمام مجلس الشيوخ بأن ترامب "كان محقاً في اتخاذ موقف حازم أكثر تجاه بكين"، معتبراً أنها تمثل التحدي الأخطر مقارنة بأي بلد آخر.

ويبدو أن سياسة بلينكن، الذي يتجه مجلس الشيوخ لتعيينه في الأيام المقبلة، تحظى حتى الآن بإعجاب الجمهوريين.

وفي تعليقه على السياسة الخارجية للإدارة الجديدة، قال السناتور ليندسي غراهام أبرز داعمي ترامب خلال فترة ولايته "إنها بداية جيدة".

وبعد أيام من تنصيب بايدن، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية نيد برايس أمس الأول أن واشنطن "تلاحظ بقلق نمط محاولات الصين المستمرة لتخويف جيرانها، بما في ذلك تايوان"، مطالباً بوقف ضغوطها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية عليها والدخول في حوار هادف مع ممثليها المنتخبين ديمقراطياً.

وإذ شدد برايس على أن دعم واشنطن لتايون "صلب كالصخر" وستواصل تعميق العلاقات لضمان دفاعها عن نفسها في مواجهة التهديدات الصينية، أدخل الجيش الأميركي أمس حاملة الطائرات تيودور روزفلت برفقة طراد الصواريخ الموجهة بانكر هيل والمدمرتين راسل وجون فين المسلحتين بصواريخ موجهة إلى البحر الجنوبي لتعزيز "حرية البحار".

ومع تصاعد التوترات قرب الجزيرة منذ تولي بايدن منصبه، أعلنت تايوان، أمس، أن طائرات تابعة لسلاح الجو الصيني، بينها 12 مقاتلة توغلت في منطقة الدفاع الجوي للجزيرة لليوم الثاني.

جمهوري يهدد بمحاكمة رؤساء ديمقراطيين سابقين

حذّر السيناتور الجمهوري البارز بمجلس الشيوخ، جون كورنين، من أن محاكمة الرئيس السابق دونالد ترامب في المجلس للمرة الثانية قد تؤدي إلى محاكمة رؤساء ديمقراطيين سابقين إذا استعاد الجمهوريون السيطرة على المجلس بعد عامين.

وقال كورنين، في تغريدة موجهة لزعيم الأغلبية الديمقراطية بمجلس الشيوخ تشاك شومر: «إذا كانت مساءلة ومحاكمة رؤساء سابقين فكرة جيدة، فماذا عن الرؤساء الديمقراطيين السابقين عندما يستعيد الجمهوريون الأغلبية في 2022؟ فكر في الأمر ودعنا نفعل ما في مصلحة البلاد».

وأصبح ترامب في وقت سابق هذا الشهر أول رئيس أميركي يخضع للمساءلة بـ «الكونغرس» مرتين بعد موافقة مجلس النواب ذي الأغلبية الديمقراطية، وبدعم من 10 جمهوريين، على اتهامه بالتحريض على تمرد مسلح بعد كلمته الحماسية لأنصاره في السادس من يناير وما أعقبه من اقتحامهم مبنى «الكونغرس» في هجوم أسفر عن سقوط قتلى.

وفي المقابل، يعارض عدد من الأعضاء الجمهوريين بمجلس الشيوخ محاكمة ترامب التي قد تفضي إلى منعه من الترشح للرئاسة مجددا.

وفي وقت سابق، قال شومر إن مساءلة ترامب ستجري في الأسبوع الذي يبدأ في الثامن من فبراير، بعد أن يسلّم مجلس النواب رسميا اتهامات المساءلة لمجلس الشيوخ.

إسرائيل وإيران

ورغم اتجاه بايدن لمراجعة شاملة لسياسة الشرق الأوسط، اتفق مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، مئير بن شبات، ونظيره الأميركي، جيك سوليفان، في أول اتصال بينهما أمس الأول، على لقاء قريب لمناقشة القضايا الإقليمية مثل إيران واتفاق "إبراهام" للسلام.

وأكد سوليفان أن إدارة بايدن ستبني على نجاح اتفاقات السلام بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، التي أنجزها ترامب في آخر أيامه.

ووفقاً لقناة 12 الإسرائيلية، يسافر رئيس الموساد، يوسي كوهين مع مسؤولين من وزارتي الخارجية والدفاع الشهر المقبل إلى واشنطن للقاء بايدن ورئيس الاستخبارات المركزية، لتقديم معلومات عن إيران وطلب التأكد من أن أي اتفاق مستقبلي معها يتضمن إنهاء تخصيب اليورانيوم وإنتاج أجهزة طرد مركزي متطورة.

وأوردت القناة، أنّ الوفد سيصر على وقف الدعم الإيراني للمنظمات الإرهابية، بما في ذلك "حزب الله"، وإنهاء التمركز في تركيا والعراق واليمن، فضلاً عن مطالبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول الكامل إلى المواقع النووية.

وفي وقت سابق، طمأن بلينكن أنه لن يتراجع عن الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، الذي أحدث ضجة عالمية حينما أعلنه ترامب في بداية ولايته.

ورعم أن بايدن يريد العودة إلى الاتفاق النووي الموقع عام 2015 الذي انسحب منه ترامب لاعتباره غير كافٍ في ردع الأنشطة النووية، أعرب بلينكن وفريقه عن موقف صلب ضد "أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار"، وحذرا من أنها تقوم بالخطوة الأولى، مما ينذر بمفاوضات شاقة في هذا الإطار.

وبالنسبة إلى ملف "الحروب التي لا نهاية لها"، فلا توجد نية من المعسكرين اليمني أو اليساري بالتراجع عن الانسحاب من أفغانستان والعراق.

فنزويلا والمكسيك

ورغم تأكيد الإدارة الجديدة أنه "دكتاتور وحشي" ومواصلة الاعتراف بعدوه خوان غوايدو قائداً لفنزويلا، أعرب الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو أمس الأول عن استعداده لفتح صفحة جديدة مع بايدن، داعياً إلى التأسيس لـ"مسار جديد" بعد سنوات من العلاقات المتأزّمة مع ترامب.

وقال مادورو، أمام أنصاره: "نحن على استعداد لسلوك مسار جديد في علاقاتنا مع حكومة بايدن يستند إلى الاحترام المتبادل والحوار والتواصل والتفاهم، وعلى استعداد لقلب الصفحة".

إلى ذلك، أكد الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور أن بايدن أبلغه أن واشنطن ستخصص 4 مليارات دولار كمساعدات لغواتيمالا والسلفادور وهندوراس.

وشكر أوبرادور أيضاً بايدن لالتزامه بتسوية الوضع القانوني لملايين المهاجرين في الولايات المتحدة، عدد كبير منهم من المكسيك.

وتحدث أوبرادور بعد ظهر الجمعة هاتفياً إلى بايدن وناقشا قضايا ثنائية لا سيما قضية الهجرة، التي يتفق كلاهما على ضرورة معالجتها عبر تحسين النمو الاقتصادي في دول أميركا الوسطى.

back to top