إدارة بايدن تبدأ «انقلاباً» على سياسات ترامب الخارجية

الرئيس الأميركي يرسم صورة قاتمة للأزمة الصحية والاقتصادية... وتعييناته تمر بسلاسة

نشر في 24-01-2021
آخر تحديث 24-01-2021 | 00:04
بايدن خلال أول مؤتمر صحافي له في البيت الأبيض أمس الأول (رويترز)
بايدن خلال أول مؤتمر صحافي له في البيت الأبيض أمس الأول (رويترز)
بسرعة قياسية بدأت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مراجعة تبدو شاملة للسياسات الخارجية المثيرة للجدل، التي اعتمدها الرئيس السابق دونالد ترامب، وبينها قضايا اعتبرت الإدارة السابقة أنها حققت فيها إنجازات مثل أفغانستان وكوريا الشمالية.
بدأت إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن ما يشبه "الانقلاب" على السياسات الخارجية للرئيس السابق دونالد ترامب، وذلك في الأسبوع الأول من تسلم الرئيس السلطة، في خطوة تظهر نية سيد البيت الأبيض مسح إرث ترامب الخارجي بأسرع وقت ممكن.

في هذا السياق، أبلغت إدارة بايدن السلطات الأفغانية رغبتها في مراجعة الاتفاق الموقع في 20 فبراير الماضي بين واشنطن وحركة طالبان، خصوصا بهدف "تقييم" احترام المتمردين الإسلاميين لتعهداتهم.

وقالت إيميلي هورن، المتحدثة باسم مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، في بيان، إن سوليفان اتصل بنظيره الأفغاني حمد الله مهيب، و"أبلغه بوضوح" نيته مراجعة الاتفاق.

وأضافت أن سوليفان طلب من مهيب خصوصا "تقييم ما إذا كانت طالبان تفي بالتزاماتها قطع العلاقات مع الجماعات الإرهابية، وخفض العنف في أفغانستان، والدخول في مفاوضات هادفة مع الحكومة الأفغانية وشركاء آخرين".

وينص الاتفاق الموقع في الدوحة، ولم تصادق عليه حكومة كابول، التي لم تشارك في المفاوضات، على أن تسحب الولايات المتحدة كل قواتها من أفغانستان بحلول مايو 2021، مقابل تعهد "طالبان" بعدم السماح لمجموعات إرهابية بالعمل من المناطق التي تسيطر عليها.

في المقابل، أكدت حركة طالبان أنها ما زالت مصممة على الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق الموقع مع واشنطن، وقال محمد نعيم، المتحدث باسم الجناح السياسي للحركة، ومقره قطر، "نتوقع أن يبقى الطرف الآخر ملتزما باحترام الاتفاق".

وكان وزير الخارجية في إدارة بايدن أنتوني بلينكن أكد خلال جلسة تثبيته الثلاثاء في مجلس الشيوخ: "نريد إنهاء ما يسمى الحرب الأبدية"، لكنه شدد في الوقت نفسه على ضرورة "حماية التقدم الذي تحقق للنساء والفتيات بأفغانستان في السنوات العشرين الأخيرة".

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن أفغانستان كانت في صلب أول محادثة هاتفية بين وزير الدفاع الجديد لويد أوستن والأمين العام لحلف شمال الأطلسي.

في الإطار نفسه، قال متحدث باسم الخارجية الاميركية إن الوزارة بدأت مراجعة قرار تصنيف جماعة الحوثيين اليمنية "منظمة إرهابية"، مضيفا أنه رغم ذلك فإن الخارجية "تؤمن بقوة بضرورة تغيير أنصارالله سلوكهم"، وحملهم مسؤولية كبيرة لـ "الكارثة الإنسانية والفوضى اللتين يشهدهما اليمن".

وأكد المسؤول الأميركي أن بلاده ستدعم جهود المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث، لحث أطراف النزاع على التوصل إلى اتفاق سياسي لحل الأزمة.

وكان بلينكن، في جلسة استماعه في الكونغرس، الثلاثاء، ذكر أن بلاده ستوقف دعم الحملة السعودية في اليمن، لكنه أكد في الوقت نفسه أن واشنطن ستناقش هذا الأمر مع شركائها في الرياض.

من ناحيته، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أمس إن المملكة متفائلة بأن علاقتها بإدارة بايدن ستكون "ممتازة"، مضيفا أنها ستواصل التفاوض مع واشنطن بخصوص الاتفاق النووي الإيراني.

إلى ذلك، أفادت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي بأن الولايات المتحدة لا تزال لديها مصلحة حيوية في ردع كوريا الشمالية، وانها ستبدأ مراجعة شاملة لسياستها في الوضع الحالي وستعمل مع الحلفاء في هذا الشأن.

وفي أول اتصال هاتفي يجريه مع زعيم دولة أجنبية منذ توليه مهامه على رأس الولايات المتحدة، تحدث بايدن أمس الأول مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بشأن عدد من الموضوعات ووضع خططا لمواصلة المشاورات الشهر المقبل.

وخلال المحادثة التي قالت أوتاوا إنها استمرت نحو 30 دقيقة، بحث ترودو وبايدن في كل القضايا، من وباء كوفيد 19 الذي أدى إلى إغلاق الحدود بين البلدين، إلى إجراءات حماية البيئة.

بدوره، ذكر الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيز أوبرادور انه ناقش الهجرة وجائحة "كورونا" والتعاون في مجال التنمية خلال اتصال هاتفي مع بايدن، مبينا أن الاتصال بينهما كان "لطيفا وساده الاحترام"، وإن كل شيء يشير إلى أن العلاقات بين المكسيك والولايات المتحدة ستكون جيدة وستفيد البلدين.

وفي بكين، نفت الصين تقريرا نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" عن دفعها نحو لقاء عالي المستوى لتخفيف التوترات مع الولايات المتحدة.

وقالت السفارة الصينية بواشنطن، في بيان أمس، "لم يكتب الجانب الصيني أيا من الرسائل المذكورة في تقرير وول ستريت جورنال"، مضيفة: "العلاقة المنطقية بين الصين وأميركا تخدم المصالح الأساسية للشعبين، وترتقي للتطلعات العامة للمجتمع الدولي، والصين تتمنى أن يعمل الجانب الأميركي مع نظيره الصيني لإيجاد حل وسط، وإعلاء روح اللاصراع، واللامواجهة، والاحترام المتبادل والتعاون الذي يحقق المكاسب للطرفين، والتركيز على التعاون، ومعالجة الاختلافات وتحقيق النماء المنطقي والمستقر في علاقاتهما الثنائية".

جاء ذلك، بينما قالت وزارة الدفاع التايوانية إن 8 طائرات من قاذفات القنابل، و4 مقاتلات صينية توغلت أمس في الركن الجنوبي الغربي من منطقة تحديد الدفاع الجوي للجزيرة، مضيفة أن القوات الجوية في تايوان تراقب التوغل.

صورة قاتمة

الى ذلك، رسم الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن صورة قاتمة للأزمة الاقتصادية والصحية "المتفاقمة" في الولايات المتحدة، ووقع أول الأوامر التنفيذية، واعدا بتقديم مساعدة فورية لملايين الأميركيين العاطلين من العمل.

وقال بايدن إن الولايات المتحدة "تُعاني"، حاضا الديمقراطيين والجمهوريين على "التحرك سريعا"، متوقعاً أن يُسفر كوفيد-19 عن أكثر من 600 ألف وفاة في الولايات المتحدة، الدولة الأكثر تضرراً في العالم بسبب الجائحة، وأضاف: "العائلات تُعاني الجوع. الناس معرضون لخطر إخلاء منازلهم. خسارة الوظائف ترتفع مجدداً. علينا التحرك". ووقع سلسلة قرارات تستهدف مكافحة الأزمة الغذائية التي تطال ملايين الأميركيين.

وطرح الرئيس الأميركي سبل معالجة أحد أبرز تجليات الأزمة الاقتصادية الناجمة عن وباء كوفيد-19 وهي الأزمة الغذائية، عبر التعهد بمساعدات فورية لملايين الأميركيين العاطلين من العمل وغير القادرين على تأمين لقمة العيش، والذين تكتظ بهم بنوك الطعام.

وبانتظار تصويت "الكونغرس" على خطة المساعدة الهائلة الطارئة البالغة قيمتها 1900 مليار دولار، والتي كشف عنها الأسبوع الماضي، سيصدر الرئيس الديمقراطي مرسومين؛ الأول يهدف إلى زيادة المساعدة الغذائية في البلاد لمواجهة إحدى أسوأ الأزمات في تاريخها الحديث، والثاني يستهدف تعزيز الحقوق الاجتماعية للعاملين في وكالات فدرالية.

ولا يملك حالياً 12 مليون طفل ما يكفي من الطعام في الولايات المتحدة، حيث توفر المدارس وجبات يومية للتلاميذ المتحدرين من عائلات فقيرة.

ومن شأن المرسوم الثاني الذي سيصدره بايدن تحسين الشروط الاجتماعية للعاملين في الوكالات الفدرالية. وسيصدر بايدن مرسوماً "في الأيام المئة الأولى" من ولايته يرغم المتعاقدين الخاصين على دفع راتب بقيمة 15 دولاراً في الساعة حدا أدنى، وأن يضمنوا لموظفيهم "عطلة طارئة مدفوعة".

ومن بين التدابير الاقتصادية العاجلة، أصدر بايدن مرسوماً بفرض إرجاء المهل النهائية لطرد مستأجرين لم يدفعوا مستحقات المنازل التي يقطنونها.

ويعيش نحو 18 مليون أميركي على إعانات البطالة. ويفترض تمديد العمل بهذه التدابير حتى سبتمبر، إضافة إلى إمكان أخذ عطلة مرضية مدفوعة حال الإصابة ب"كوفيد - 19".

وفي ديسمبر، ارتفعت البطالة إلى نسبة 6.7 بالمئة، أعلى بكثير من نسبة 3.5 بالمئة التي سجلت العام الماضي قبل ظهور الوباء.

تعيينات

الى ذلك، وبعد يومين على تنصيبه، يواصل الرئيس الأميركي إبراز أولوياته عبر قرارات رئاسية. وفي الأيام الثلاثة الأولى لولايته، اتخذ بايدن المصمم على المضي سريعا في العمل، نحو 30 قراراً.

وثبت مجلس الشيوخ أحد أبرز أعضاء حكومته؛ وزير الدفاع لويد أوستن الذي دخل التاريخ عندما أصبح أول وزير دفاع أميركي أسود .

وبعد أداء اليمين ، تلقى أوستن البالغ (67 عاما) أول إحاطة من المخابرات كوزير للدفاع. وقالت "البنتاغون" إنه رأس فيما بعد اجتماعا بشأن جائحة فيروس كورونا مع كبار قادة وزارة الدفاع الذي انضم كثيرون منهم للاجتماع بشكل افتراضي.

وكانت أول مكالمة لأوستن مع زعيم أجنبي كوزير للدفاع مع الأمين العام لحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ، مما يؤكد الأهمية التي توليها إدارة بايدن للتحالف.

وبانتظار التصديق على تعيين وزير الخارجية أنتوني بلينكن، وافقت لجنة المالية بمجلس الشيوخ الأميركي بالإجماع على تعيين جانيت يلين في منصب وزيرة الخزانة، لتصبح أول امرأة تتولى هذه الحقيبة.

وتشير موافقة لجنة المالية إلى أن يلين ستفوز بسهولة بموافقة مجلس الشيوخ بكامل أعضائه غدا.

وقال البيت الأبيض إن بايدن كلف إدارته إعداد تقييم شامل لخطر الإرهاب المحلي، وإن مكتب مدير المخابرات الوطنية سيتولى إعداد التقييم بالتعاون مع مكتب التحقيقات الاتحادي (إف. بي. آي) ووزارة الأمن الداخلي.

back to top