خاص

دمج الشركات النفطية بين تقليص التكاليف وتحديات التوظيف

قيادات نفطية سابقة لـ «الجريدة•» : سيقضي على المشاريع المزدوجة ويضفي على اتخاذ القرارات مزيداً من المرونة

نشر في 19-01-2021
آخر تحديث 19-01-2021 | 00:06
يعد دمج الشركات النفطية خطوة جيدة تمت المطالبة بها منذ سنوات عدة، وقد تؤدي - في نظر كثير من الخبراء والمهتمين - إلى تقليل المصروفات، وإلغاء ما يسمى بالمشاريع المزدوجة بين الشركات، فضلا عن أنها ستضفي على الشركات رشاقة وتنافسية عالمية في إدارة القضايا المتعلقة بالقطاع.

ويرى البعض أن هناك ضرورة ملحّة للتخلص من بعض الشركات النفطية غير المدرة للربح، فضلاً عن أن تلك الشركات تشكل عبئاً على ميزانية القطاع النفطي، بسبب تضخم الميزانية الخاصة بها.

وفي تحقيق أجرته «الجريدة» مع بعض القيادات النفطية السابقة حول جدوى عمليات دمج الشركات النفطية، أكدت تلك القيادات أن ذلك المشروع قديم، وكان يعرف باسم مشروع «الرؤية».

وقالوا إن ذلك المشروع سيؤدي الي تخفيض الهياكل الإدارية، لاسيما بالنسبة للقيادات العليا، إذ تتطلب عمليات الدمج قيادات ذات خبرة، لأن ذلك المشروع سيعمل على تجميع الشركات في بوتقة محدودة، لكن في المقابل سيزيد من تحديات الإدارة في تحقيق نجاحات كانت متوقفة، بسبب ضخامة حجم القطاع، وأيضا سيعمل على تقليل الفرص الوظيفية في الشركات الجديدة.

ولفتوا الى أن مشروع دمج الشركات كان يسير بقوى، إلا أن وباء كورونا المستجد قد أوقفه مؤقتا، بسبب توقّف أعمال القطاع النفطي بشكل عام منذ ما يقارب العام.

وكشفوا أن مشروع الدمج المزمع يعد جزءا لا يتجزأ من استراتيجية 2040 الهادفة لزيادة الإنتاج، مشيرين في الوقت نفسه الى أنه يصب في نهاية الأمر بتحسين الإنتاجية وطريقة عمل المصافي.

وأشاروا الى أن المشروع سيسهم في سرعة التنسيق بين الإدارات، حيث سيكون اتخاذ القرار سريعا، مما يسهم في الوصول بشكل أسرع إلى الهدف في أقصر وقت ممكن، بعيدا عن الروتين والتعقيدات الإدارية.

ولفتوا الى أن هناك أمرا مهما وأساسيا لا بدّ من النظر في كل تفاصيله وإيجاد الحلول له، مشيرين الى أن المشروع سينتج فائضا كبيرا من العمالة نتيجة الدمج بين الأنشطة المتشابهة، ومعربين عن اعتقادهم بأن ذلك الأمر سيكون من أصعب الأمور التي ستواجه المؤسسة، مشددين على ضرورة دراسة هذا الوضع بكل تفاصيله قبل النظر في تفاصيل الدمج، وإيجاد الحلول المناسبة والمرضية له.

وفيما يلي تفاصيل التحقيق:

بداية، أشار وزير النفط الأسبق، هاني حسين، الى أن هذا المشروع الخاص بعمليات الدمج ليس جديدا، وكان يعرف باسم "الرؤية".

وقال حسين إن مؤسسة البترول تسير حاليًا بالخطوات المطلوبة لإتمام عمليات الدمج بين الشركات النفطية ذات الأنشطة المتشابهة.

وأكد أن ذلك المشروع سيؤدي الى تخفيض الهياكل الإدارية، وخاصة بالنسبة للقيادات العليا، حيث تتطلب عمليات الدمج قيادات ذات خبرة، لأن ذلك المشروع سيعمل على تجميع الشركات في بوتقة محدودة.

تعطل المشروع

ولفت الى أن مشروع دمج الشركات كان يسير بشكل قوي، إلا أن وباء كورونا المستجد قد عطله، بسبب توقف أعمال القطاع النفطي بشكل عام منذ ما يقارب العام.

استراتيجية 2040

وكشف أن مشروع الدمج المزمع جزء لا يتجزأ من استراتيجية 2040 الهادفة لزيادة الإنتاج، مشيرا الى انه مشروع يصب في نهاية الأمر في تحسين الإنتاجية وتطوير عمل المصافي، لأن التنسيق بين الإدارات سيكون محدودا وفي نطاق معروف، بدلا من تعدد الإدارات، حيث سيكون اتخاذ القرار أسهل وأسرع للوصول إلى الهدف.

من جهته، أكد رئيس مجلس إدارة شركة نفط الكويت، عضو مجلس إدارة مؤسسة البترول الأسبق عبداللطيف التورة، أن الحديث عن عمليات دمج الشركات النفطية في البلاد بكيانات محدودة ومتشابهة يعد خطوة جيدة، ومن شأنها دمج الأنشطة المتشابهة، والعمل على رفع كفاءة العمل وتوفير الأعباء المالية والإدارية والفنية.

وقال التورة إن عمليات الدمج لا بدّ أن تكون منتقاة ومدروسة بشكل جيد، بمعنى أنه على سبيل المثال دمج شركة كيبيك مع شركة البترول الوطنية، لكون الشركتين تعملان داخل الكويت في نشاط التكرير، وهو أمر مطلوب، كما أن دمج شركة نفط الخليج مع شركة نفط الكويت، وهم يعملون في نشاط الاستكشاف وإنتاج النفط، وهو الوضع الذي كان قائما قبل سنة 2001.

أما ما يخص دمج شركة الاستكشافات البترولية الخارجية (كوفبيك) مع شركة "البترول العالمية" أوضح أنه غير مجدٍ من جميع النواحي، وذلك لانتفاء التشابه في عمل الشركتين واختصاصاتهما، حيث تعمل "كوفبيك" في نشاط الاستكشافات وإنتاج النفط خارج الكويت، وتعمل "البترول العالمية" في نشاط إدارة محطات الوقود خارج الكويت، ولا يوجد تشابه على الإطلاق في نشاط الشركتين.

آثار سلبية

وأعرب عن اعتقاده بأنه من الأجدى أن تنظر المؤسسة جديا في أوضاع ومستقبل شركة كوفبيك، قبل أن تأخذ هذه الخطوة التي ستكون لها آثار سلبية.

وأشار التورة الى أن هناك عمليات هيكلة في القطاع النفطي تعود الى نحو 15 عاما ماضية، الأمر الذي تسبب في إحداث عمليات تضخم بالقطاع، لافتا الى أن شركة الخدمات البترولية مثلا التي تمت تصفيتها أنشئت أساسا لإرضاء البعض من أجل التوظيف فقط، دون فائدة تعود منها.

وشدد على أن عمليات الدمج المزمع تنفيذها لا بدّ أن تتم وفقا لإطار محدد، وهو رفع كفاءة العمل والقضاء على الازدواجية، وهو ما يصبو اليه جميع المعنيين في القطاع النفطي.

فائض عمالة

ولفت الى أن هناك أمرا مهما وأساسيا لا بدّ من النظر في كل تفاصيله وإيجاد الحلول له، حيث سينتج المشروع فائضا كبيرا من العمالة، نتيجة الدمج بين الأنشطة المتشابهة، معتقدا انه سيكون من أصعب الأمور التي ستواجه المؤسسة، وبالتالي من المجدي أن يدرس هذا الموضع بكل تفاصيله، قبل النظر في تفاصيل الدمج، وإيجاد الحلول المناسبة والمُرضية له.

دراسات عديدة

من ناحيته، قال عضو المجلس الأعلى للبترول الأسبق، محمد الهاجري، إن مشروع دمج الشركات النفطية في كيانات محددة يعد مشروعا قديما تم التطرق له منذ سنوات طويلة ماضية.

وأضاف أن المشروع أعدت له دراسات عديدة متتالية، ولم يتبقّ سوى الدراسة الأخيرة التي لم تُعرض بعد على المجلس الأعلى للبترول، معتبرا أن هذا المشروع قد تأخر الى حد ما.

وأشار الى أن هناك شركات لم يكن هناك فائدة من الأساس لإنشائها، مثل شركتي "كيبك" و"نفط الخليج"، لافتاً الى أنه في ظل الاتفاق الجديد حول المنطقة المقسومة لم يعد هناك احتياج لشركة نفط الخليج، لكون أعمالها تتشابه مع أعمال شركة نفط الكويت، ومشيراً الى أن عمليات الدمج ستسهل من عمليات المناقصات، لأن الكيانات النفطية ستكون محدودة بعد إتمام عمليات الدمج بشكل كامل.

ولفت الى أن إلغاء بعض الشركات الحالية ينسحب ايضا علي شركة "البترول العالمية" و"كوفبيك"، حيث إن كليهما تخصصها واحد.

انعكاس إيجابي

ولفت الهاجري الى أن ذلك المشروع سينعكس بشكل إيجابي على توفير الكلفة المادية العالية والتضخم الذي يعانيه القطاع النفطي حالياً، وذكر أن مشروع الدمج سيعمل على تحسين الأداء في القطاع، لأن القرارات ستكون سريعة بعد توحيد الإدارات الحالية، وبعد إلغاء الأنشطة المتشابهة للشركات الموجودة حاليا، والأهم هو الكلفة المالية العالية، لافتا الى أن تعدد دوائر التدريب يعد أيضا هدراً للمال العام، ومشدداً على ضرورة عدم التراخي في اتخاذ خطوات جادة نحو وضع هذا المشروع على أرض الواقع.

أشرف عجمي

الدمج فكرة قديمة عُرفت باسم مشروع «الرؤية» ويهدف لتحسين الإنتاجية هاني حسين

سيؤدي إلى فائض في العمالة وهو من الأمور الصعبة التي ستواجه مؤسسة البترول عبداللطيف التورة

المشروع سيسهم في توفير الكلفة المادية العالية والتضخم الذي يعانيه القطاع النفطي محمد الهاجري

سيؤدي إلى التخلص من الشركات التي تشكّل عبئاً على ميزانية القطاع النفطي
back to top