تمويل الميزانية... المنطق في الكويت لا يفرض نفسه

خيارات تقليص الدعومات أو الخصخصة أو الضريبة تصطدم بضعف كفاءة الإدارة الحكومية

نشر في 18-01-2021
آخر تحديث 18-01-2021 | 00:04
يدور نقاش في مختلف الأوساط الاقتصادية حول الميزانية العامة والعجز الذي تعانيه الكويت، وما إذا كنا نستطيع تجاوزه، وما إذا كانت الحكومة قادرة على توفير الإيرادات اللازمة لسد العجز، وغير ذلك من الأسئلة الكثيرة التي تحتاج إلى الإجابة عنها. وفي هذا الصدد التقت «الجريدة» مجموعة من الخبراء المتخصصين للإجابة عن هذه التساؤلات التي لم تجب عنها الحكومة منذ بدء العجز في الميزانية سنة 2014 /2015.

وأكد هؤلاء الخبراء أن التحول في الميزانية من فائض إلى عجز تلو الآخر يثير التشكيك في الوضع الحالي والقلق من المستقبل، مشددين على أنه «إذا لم نقم بعمل صارم وحل فسنتعرض لخطر يمتد سنوات، فالحلول التي تتعلق مثلاً بتقليص الدعومات أو الخصخصة أو الضريبة يمكن أن تكون ناجعة في أي اقتصاد آخر لكنها في الكويت تصطدم بضعف كفاءة الإدارة الحكومية، مما يفتح الباب لمزيد من الأسئلة حول كيفية معالجة أوضاع المالية العامة بما يضمن الديمومة والاستمرارية»... وفيما يلي التفاصيل:

في البداية، قال الرئيس السابق لمجلس إدارة اتحاد المصارف عبدالمجيد الشطي إن الوضع الاقتصادي سيئ والسبب أن الإيرادات لا تنمو بنفس نمو المصروفات، والتي أهمها الرواتب والدعوم، مؤكداً أن المشكلة تتمحور حول الرواتب بسبب عدم قدرتنا على التحكم بها.

وذكر الشطي أن الحكومة تنتحر سياسياً إذا خفضت الرواتب، فمن المستحيل أن تقترب منها، وهذا ما يجر إلى موضوع الوافدين في القطاع العام وهو الموضوع الذي لا يجدي نفعا، فحتى إذا سرحت الحكومة جميع الموظفين غير الكويتيين، فالوظائف لا تكفي لعدد المواطنين الذين على أبواب سوق العمل، خاصةً أن الكثير من الوافدين موجودون في وظائف مهمة كمدرسين (التربية) أو أطباء، وكذلك في السلك القضائي، وبالتالي فإن عدد الكويتيين القادمين لسوق العمل اكثر بكثير من الوظائف التي ممكن أن نوفرها عن طريق تسريح غير الكويتيين.

وأضاف أن بند الرواتب في ازدياد، ومن الصعب على الحكومة ان توقف التوظيف، فالدستور يجبر الدولة على توفير وظائف للكويتيين، موضحاً أن الكويتيين الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة يشكلون تقريباً 52 في المئة من السكان وجميعهم يحتاجون لوظائف وتعليم وخدمات، فبالتالي الهيكل العمري للكويتيين يمثل ضغطاً كبيراً على الميزانية، وعلى الدولة أن تتصرف بحكمة، "فإذا اقترضنا بدون تنمية إيرادات أخرى (غير نفطية) فسنظل في معضلة لأننا سنستمر في الاقتراض، ولذلك يجب أن ننمي الإيرادات غير النفطية بجانب الاقتراض لنستطيع سداد القروض".

وعن انخفاض تصنيف الكويت الائتماني، علق الشطي بأن الحكومة لم تقدم خطة تمويلية (كيفية تغطية العجز في الميزانية) لوكالات التصنيف بعد طلبها ذلك، وعجزت عن تمرير قانون الدين العام في مجلس الأمة، ولذلك انخفض التصنيف الائتماني للكويت، مضيفاً أن الحكومة تزيد المدة لتكون تكلفة الفائدة أقل وتعطي أريحية للدولة للتسديد على مدى أطول.

مشاريع للقطاع الخاص

وعبر الشطي عن وجهة نظره بخصوص الإصلاح من غير الاقتراض من البنوك، عن طريق تحويل المشاريع للقطاع الخاص ليعمل عليها، "فعلى سبيل المثال الشوارع بالكويت بدلاً من عمل طريق جديد من المطلاع الى الديرة نقوم لتحويله للقطاع الخاص للعمل به كمشروع يأخذ عليه رسوما، ويسمى ذلك تمويل مشاريع البنية التحتية"، مؤكداً أنه "من الصعب على الحكومة أن تفرض رسوماً على الناس بعد عمل المشروع، والأفضل القيام بذلك من البداية".

وأضاف أن على الحكومة تصدير سندات أو صكوك البنية التحتية (معمول به في كثير من دول العالم)، فعلى سبيل المثال محطة كهرباء تقوم بتصدير سندات لتمويل المشروع ومن إيرادات المشروع تسدد القروض، موضحاً أن هذه حلول مؤقتة.

ورأى أن الحل الدائم هو "أن يكون لدينا قطاع خاص منتج ونشيط ينوع إيرادات الدولة، عن طريق الضرائب والرسوم ليرفع الضغط عن الحكومة بخصوص التوظيف، إذ سيخلق ذلك فرصاً وظيفية للكويتيين، فالكثير لديه تخوف من القيام بالمشروع، وتخوف من فقدان الإيراد، وللأسف الشديد لم تتصرف الحكومة بطريقة سليمة خلال الجائحة تجاه المشروعات الصغيرة، وهذا له تأثير سلبي على شهية الشباب لأخذ المخاطرة، إذ يفترض أن تساند الحكومة المشروعات الصغيرة، كما يحصل في الكثير من الدول".

وقف الهدر

وأوضح الشطي أن "أول خطوة لوقف الهدر وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وعلينا إنشاء هيئات زيادة، ففي بعض المشاريع نأخذ أرخص الأسعار لكن بعد سنتين أو ثلاث نحتاج إلى دفع أكثر على صيانتها، ويفترض الا نبخل على المشاريع لتوفير الزيادة في الصيانة. نحن دائما نذهب الى المناقصات. في الخمسينيات كنا نعمل على ما يسمى cost plus، أي تكلفة زائد هامش ربح للشركة، والحكومة تختار شركات معينة وتتفق معها على دراسة كل المشروع، وتحدد لهم المبلغ وله هامش ربح معين، فمثلا مستشفى الصباح ومحطة الكهرباء وثانوية الشويخ، كلها مشاريع تمت في السابق على نفس الطريقة، تكلفة زائد هامش ربح".

زيادة العجز

من ناحيته، قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت د. عباس المجرن، إن "الميزانية العامة في الكويت شهدت حدوث عجز في سنوات سابقة، ولكن العجز الحالي، الذي بدأ مع تراجع أسعار النفط في 2014، يعد الأطول في مدته، وليس من المتوقع الخروج من دائرته، لأن الانخفاض الحالي في أسعار النفط يرتبط بالتغير الهيكلي الجاري في صناعة النفط العالمية، والمتمثل بدخول النفوط غير التقليدية، خصوصا النفط الصخري الأميركي إلى السوق، مما أوجد فائضا في العرض، فضلا عن انخفاض الطلب بسبب ضعف النمو الاقتصادي العالمي، وقد تسبب ذلك في عجز في الميزانية العامة للدولة بدأ منذ السنة المالية 2015/2016".

وتوقع المجرن أن يزداد العجز هذه السنة، بسبب الضعف الشديد الذي شهدته الأسعار، والانخفاض الحاد في الطلب على النفط في الربعين الثاني والثالث من سنة 2020، بسبب تداعيات وباء كورونا، إذ تصل إيرادات النفط المقدرة للسنة المالية الجارية الى أقل من 10 مليارات دينار، وبإضافة الإيرادات غير النفطية إليها، وهي نحو ملياري دينار، فإن إجمالي الإيرادات سيصل إلى نحو 12 مليار دينار، أي أن العجز المتوقع في الميزانية سيصل الى نحو 10 مليارات.

وأشار إلى أن القانون يسمح لوزارة المالية بتمويل العجز من صندوق الاحتياطي العام فقط، و"كما نعلم فإن هذا الصندوق يعاني شح السيولة النقدية، وقد اضطرت الدولة، في مواجهة هذه المشكلة، إلى وقف تحويل نسبة 10 في المئة من الإيرادات العامة إلى صندوق الأجيال القادمة، ونقل استثمارات صندوق الاحتياطي العام الى صندوق الأجيال من أجل الحصول في مقابلها على سيولة إضافية.

وقال المجرن: "من الجانب الاقتصادي يبقى الاقتراض من السوقين المحلي والخارجي هو الحل الأمثل للعجز الراهن في الميزانية، وذلك بسبب انخفاض سعر الفائدة على المستوى الدولي، وبسبب التصنيف الائتماني السيادي الجيد، الذي مازالت تتمتع به الكويت، رغم تراجعها في التصنيفات الأخيرة".

وأضاف أن الدولة مضطرة إلى الاقتراض من الأسواق الدولية، لأن السيولة المتوافرة في السوق المحلي غير كافية لتمويل العجز الحالي في الميزانية.

وقال إن "البديل لذلك هو السحب من صندوق احتياطي الأجيال، وهذا يتطلب أيضا الحصول على موافقة مجلس الأمة، وهي موافقة لا تبدو ممكنة في الظروف الراهنة".

رقم ضخم

من جهته، قال الخبير الاقتصادي، جاسم السعدون، إن "عجز الموازنة يحتمل أن يصل الى حدود 11 مليار دينار، وهذا بافتراض أن أسعار النفط سترتفع الى حدود ٥٢ دولارا كمعدل للسنة المالية الأخيرة يناير/ مارس 2021، وهذا رقم ضخم، وإن لم تقترض الكويت فلن تستطيع بشكل دستوري وقانوني ومالي صائب أن تمول عجز الميزانية، ولذلك سيكون هناك في وقت ما مشكلة اسميتها في السابق "الحريق".

وأكد السعدون أن الحكومة قامت ببعض الإجراءات الخاطئة لتشتري بعض الوقت، فالإجراء الأول قامت فيه ببيع الأصول من الاحتياطي العام الى احتياطي الأجيال القادمة بنحو ملياري دينار فقط، لتواجه متطلبات السيولة لشهري أكتوبر ونوفمبر، ثم قامت بإجراء غير دستوري وغير قانوني وغير حصيف مالياً باستدعاء ما سبق، وان حولته للاحتياطي الأجيال القادمة لثلاث سنوات مالية، هذا سحب غير مشروع الغرض منه هو فقط محاولة سداد متطلبات السيولة الحرجة، فسينتهي هذا، وماذا ستفعل الحكومة؟

ولفت السعدون إلى أن خيارات الحكومة كالتالي: إما أن تكون قادرة على إقناع مجلس الأمة بقانون الاقتراض، وهو يرى أن هذا صعب جدا، لأنها دخلت في مواجهة مع المجلس الجديد بمعركة غير مبررة وغير منطقية، وأيضا دخلوا في معركة على تشكيل لجنة الشؤون المالية والاقتصادية، التي كانت تحتاج فيها إلى أحد يمكن أن يعارضها، لكن يتفهم ما يحدث، هي استعدت غالبية أعضاء المجلس، وأصبح من غير الممكن تمرير قانون الاقتراض (من الناحية السياسية)، والآن خيارها الآخر هو الاستمرار في إجراءاتها غير الدستورية، بمعنى أن تبحث عن أصول غير سائلة تقيّمها حتى بقيمة أكبر من قيمتها، وتبيعها على صندوق الأجيال القادمة، وهذا خرق للقانون الذي يحمي الصندوق، وبالتالي إذا لجأت الى هذا الإجراء أو قامت بسحب ثلاث سنوات أخرى بأثر رجعي، فإن هذا تصرف كارثي، الخلاصة أنه في ظل هكذا إدارة حكومية مع الأسف الشديد، ستحولها إلى مشكلة ملاءة لاحقة، بدلا من التعامل معها كمشكلة سيولة وحلّها، أرجو أن يكون هناك ما يكفي من وعي لوقف هذا الاتجاه، ولن يحدث ذلك ما لم تغيّر الحكومة من نهجها، وهي حتى الآن لا يبدو أنها تدعم هذا الاتجاه.

لا قدرة على الخصخصة والضريبة

وعما يقال عن تخصيص للمشروعات الحكومية وفرض ضريبة عليها، ذكر السعدون أن هذا لن يحدث في ظل الإدارة الحالية، لأن الناس تختلف معها لمن تخصص وبكم تخصص، والمشكلة تكمن في حكومة لا تستطيع أن تقنع طفلا بالعمل الصحيح، لذلك ما لم يكن لها صدقية وتكون قادرة على إيصال أفكارها وكسب ثقة الناس، فإنها لن تستطيع أن تفعل أي شيء.

واختتم السعدون بأن الدولة يفترض أن تقوم بالقطاعات الخدمية، وأولا يجب أن نكون واعين وواضحين بأن المشكلة ليست في أن يدير قطاعٌ عام أو خاص، القطاع العام هو الذي قاد النهضتين الكورية والصينية، في البداية كان قطاعا عاما، لكن كان مراقب ولديه أهداف محددة إذا لم يحققها يتغير، المشكلة لدينا أن القطاع العام يديره ابن عمي وصديق ابن عمي، بغضّ النظر عن قدراته وكفاءته، فبالتالي القطاع العام تكلفته عالية وإنتاجيته رديئة، وهذا سببه الإدارة وليس تصنيف الإدارة إذا كانت عاما أو خاصا، على سبيل المثال شركة المطاحن من أفضل الشركات (إدارة قطاع عام)، والسبب إدارتها مختلفة، فالقضية قضية من يدير وكيف يدير، في ظل الوضع الحالي والحكومة الحالية التي أساسا جاءت من المحاصصة هذا سينعكس على القطاع العام، لذلك سيفشل، ليس لأن اسمه قطاع عام، ولكن لأن النهج الحكومي لا يملك إلا أن يقوم بتعيين ناس أقل كفاءة، وربما حتى فاسدين في مؤسسات القطاع العام، يعتقد السعدون أن الموازنة بين القطاعين العام والخاص ضرورة ملحّة، لا يفترض أن تقوم الحكومة بالعمل الذي يفترض أن يقوم به القطاع الخاص (إنتاج سلعي بسيط وإنتاج خدمي)، المفروض أن الحكومة تكون قادرة على المراقبة والتنظيم، ونحن ليس لدينا حكومة حتى الآن.

صعوبات غير مسبوقة

قال الخبير الاقتصادي علي الرشيد البدر عن الصعوبات التي تواجه الاقتصاد الكويتي والمالية العامة الحالية أننا نواجه صعوبات لم تواجهها من قبل بسبب العجز المالي المتصاعد المؤلم في الميزانية العامة، وذلك عندما تراجعت إيرادات الدولة من النفط والتي تمثّل أكثر من ٩٥ بالمئة من الإيرادات العامة، بحيث أصبحت تلك الإيرادات تغطى بالكاد ٥٠ بالمئة من مصروفات الدولة الحالية. وأدى ذلك العجز الى استهلاك كل السيولة في الاحتياطي العام خلال شهور قليلة.

وأضاف البدر أنه رافق ذلك تزايد متصاعد في مصروفات الدولة المتوقعة في السنوات القادمة بسبب تزايد احتياجات التوظيف، ومتطلبات الرعاية السكنية والصحية والتعليمية المتزايدة مع التزايد في عدد السكان ودخول عشرات الآلاف من الخريجين الجدد إلى سوق العمل.

واستنتج البدر سببين لهذه الصعوبات المالية المتزايدة، أولهما هو اعتماد البلد بشكل مخيف على إيرادات النفط فقط، وثانيهما هو فشلنا الذريع في تنويع موارد الاقتصاد وتنميته بسبب هيمنة الدولة ممثلة بالجهاز الحكومي على أكثر من ٧٥ بالمئة على مجمل فعاليات الاقتصاد الكويتي، وقال مثل هذه الهيمنة المطلقة تاريخيا تعد من أهم أسباب تواضع وتراجع النمو الاقتصادي وعجز الاقتصاد عن تلبية احتياجات تلك الدول التي تورطت في هذا النهج المدمر، وأدت في النهاية الى تعرّضها لأزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية ثقيلة لا تزال تلك الدول تعانيها، بل وأدت إلى انهيار بعض الأنظمة فيها.

وعن النهج اللازم للكويت كي تعالج تلك الصعوبات الخطيرة قال إن الحل ممكن ومجرب، وهو أن نعود الى المنطق الاقتصادي والمالي المطبق في كل الدول الناجحة والمتقدمة، حيث تتركز جهود الجهاز الإداري الحكومي على القيام بمهام الدولة الأساسية، مثل إقامة العدالة وحفظ الأمن... الخ، مع تأمين العلاج والتعليم للمواطنين، وتوفير شبكة الضمان الاجتماعي.

يرى البدر أنه على الدولة ترك الجزء الأكبر من الأعمال الاقتصادية والخدمية للمواطنين أنفسهم يمتلكونه ويديرونه بأسلوب ناجع متقدم بعيداً عن البيروقراطية الحكومية والضغوطات السياسية وبما يعود بالمنفعة على مجمل المواطنين المستثمرين والمستهلكين.

ولفت البدر إلى أن دور الدولة يجب أن يقتصر في مجال الاقتصاد على منع الاحتكار وتشجيع المنافسة، وتشجيع التنمية والنشاط الاقتصادي والرقابة عليه بما يخلق البيئة التي تحفزه على التوسع والانتشار محلياً وإقليمياً مع توفير التأمين التعليمي والصحي لكل المواطنين، بحيث تنمو في اقتصادنا عشرات الشركات الوطنية القوية يشارك في ملكيتها كافة المواطنين، تكون قادرة على إحداث ذلك التوسع الإقليمي والتنموي المطلوب، وتوفر فرص العمل التي يحتاجها المجتمع في السنوات القادمة على غرار تلك الشركات الكويتية التي حققت نجاحاً باهراً ولازماً فيه مثل بعض البنوك وشركات الخدمات المحلية والعالمية.

واعتبر البدر أن من الأحسن تلقائياً تطبيق ذلك الإصلاح الاقتصادي والخدمي ومن شأن ذلك نمو عدة مدارس خاصة متميزة تخرج لنا شباباً مؤهلين ومتحفزين يستطيعون اللحاق بجامعات متميزة، ومستشفيات عالية المستوى، فيتحسن لدينا مستوى التعليم والصحة، وبذلك تتمكن الدولة من القيام بمهامها الأساسية على أحسن وجه بعد التخلص من آلاف الالتزامات والأعباء الإدارية التي صارت تنوء تحت ثقلها المتزايد.

وأشار إلى أن ذلك يقلص إلى أقصى حد فرص الفساد والإفساد الحالي، وسيترتب على ذلك تقليص واسع النطاق في فرص التوتر السياسي الحالي بين المجلس والحكومة، وتنويع مصادر الاقتصاد من أرباح وضرائب تلك الشركات القوية الضخمة.

ورأى على صعيد مواز، أنه يجب الاستعجال قبل فوات الأوان بتنفيذ مشروع المنطقة الشمالية وإدارته وتنفيذه بشكل فني ومحترف وجذاب يجتذب المواطنين جميعاً ملاكاً ومستفيدين من عوائده المالية.

الرشيد: لدينا جهاز رائع للشراكة بين القطاعين لكنه غير مستغل

قال رئيس الجمعية الاقتصادية عبدالوهاب الرشيد، إن العجز الاقتصادي هو المشكلة الأعظم لأنه يشكل الناتج الإجمالي للدولة، وأن ملف الدعومات هي جزء من سبب العجز، وأهم أسبابه هو عندما يسند الملف الاقتصادي والمالي لغير أهله، وعدم الاكتراث الحكومي، وسوء الإدارة والدليل أن من 2009 إلى 2016 حققت الكويت فوائض كبيرة من النفط والذي جعل الكويت أن تصدر قانوناً وتستقطع 15 في المئة تذهب للاحتياطي العام، لكن هذه الفوائض التي حققناه انخفضت لحد تصفير الاحتياط العام.

وألقى الرشيد باللائمة على الحكومة "لأنها مسؤولة بالدرجة الأولى، وهي غير مكترثة ولا تتعامل بواقعية، ولم تأخذ تحذيرات المختصين على محمل الجد"، وضرب الرشيد مثالاً آخر عندما قالت الحكومة سنحدد سقف 20 ملياراً للمصروفات ونأتي السنة التي بعدها ونكتشف انهم لم يلتزموا بالسقف.

وأشار إلى أن الجرعة السياسية طغت على كل شيء، نتفق على أن ملف الرواتب والدعوم يأخذ شريحة كبيرة من الميزانية لكن لا يصح لوم المواطن فهذه الوضع وضعتنا به الحكومة وعليها توفير البديل، بمعنى تنويع الايراد غير النفطي.

ثم تطرق الرشيد إلى الضرائب، وقال إنها جزء من عدة إصلاحات وبدل فرضها يجب معرفة أثرها على الوضع الاقتصادي بالكويت أولاً، بالمقابل ذكر مثالاً على دول فيها مميزات مثل الكويت واكثر، دولة النرويج إيرادها النفطي يذهب الى الصندوق السيادي "وعايشين على الضرائب والفيز".

وأضاف أن القوة الشرائية ستقل بالتالي ستخلق لنا مشكلات اقتصادية أخرى كإغفال بعض المشاريع وزيادة البطالة.

وأشار الرشيد إلى الاستفادة من الوافدين بأخذ عمولة على تحويلاتهم خارجياً، "فالوافدون يسببون ضغوطات على البنية التحتية (بالشوارع والمستشفيات وغيرهم) وفي المقابل يتم تحويل ما يقارب 5 و 6 مليارات دينار على مدى سنوات للخارج، فمن باب أولى الاستفادة منها".

ووجه الرشيد رسالة إلى الحكومة وقال: "لا توجه أصابع الاتهام إلى المواطن، أقفل حنفيات الهدر وغيّر هيكلة الميزانية، مثلاً صندوق الأجيال لمَ لا يدخل في الميزانية ؟ كأنه حصالة فقط يدخل به المال ولا نستخدمه!".

إن القطاع العام محمل ميزانية الدولة الكثير، فمن رأي الرشيد أن يتم تحميل القطاع الخاص بالتكاليف عن طريق تشجيعه، فالشركات والقطاع الخاص بإمكانهما تحمّل تكلفة كل الموظفين ولكن على الحكومة توفير فرص استثمارية لهما مثلاً تحسن بيئة الأعمال، وتحرير الأراضي، "لدينا مشروع الحرير كفكرة ممتاز ولكن بالواقع اصطدم في خضم المعارك السياسية والفشل الحكومي لحد ما مات بأرضه".

وتكلم الرشيد عن أملاك الدولة وأنه يجب إعادة تسعيرها وتوزيع الأراضي، وقال لدينا قطاع رائع اسمه هيئة الشراكة بين القطاعين العام والخاص وعندما نسألهم ماذا فعلتم؟ يردون: لا شيء.

وخلص إلى القول إن المشكلة "تتفاقم فإما مواجهتها أو عليهم ترك مناصبهم، لأن الذي حصل خلال ١٠ سنوات كارثة، فساد والمليارات التي صرفت لدول خارجية لا عائد منها، ندين المواطن وبالمقابل نرى المليارات تذهب بلا فائدة".

حصة المطيري

تحول فائض الميزانية إلى عجز يثير الريبة تجاه الحاضر والخوف من المستقبل

الحل الدائم أن يكون لدينا قطاع خاص منتج ونشيط وينوع إيرادات الدولة عن طريق الضرائب والرسوم

الاقتراض من السوقين المحلي والخارجي الحل الأمثل للعجز الحالي

مع إدارة حكومية مثل هذه ستتحول مشكلة السيولة إلى ملاءة

على الدولة ترك الجزء الأكبر من الأعمال الاقتصادية والخدمية للمواطنين أنفسهم تملكاً وإدارة
back to top