الجلسات المعلّقة

نشر في 15-01-2021
آخر تحديث 15-01-2021 | 00:09
 خالد اسنافي الفالح نصت المادة 116 من الدستور على أن "يُسمَع رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مجلس الأمة كلما طلبوا الكلام، ولهم أن يستعينوا بمن يريدون من كبار الموظفين أو ينيبوهم عنهم، وللمجلس أن يطلب حضور الوزير المختص عند مناقشة أمر يتعلق بوزارته. ويجب أن تمثل الوزارة في جلسات المجلس برئيسها أو ببعض أعضائها". ويُفهم من عموم النص أن المادة تنظّم مداخلات الوزراء في جلسات المجلس ولجانه وإباحة استعانتهم بموظفي أجهزتهم الإدارية لدرجة الإنابة عنهم دون أن تمتد هذه الإنابة إلى تمثيل الحكومة في الجلسات، وهو ما قصرته المادة على الوزراء فقط.

تكشف التجارب البرلمانية قصوراً في التفسير العملي لهذه المادة، خصوصاً مسألة وجوبية تمثيل الوزارة (أي مجلس الوزراء) في جلسات مجلس الأمة، إذ أسّس رؤساء مجلس الأمة المتعاقبون عرفاً عملياً يقضي بإلغاء الجلسات كلّما بُلِّغوا باعتذار مجلس الوزراء عن حضور أعضائه كافة للجلسة، وإذا اعتُبِرت هذه الممارسة نوعاً من التقدير البرلماني لدور الوزراء الضروري في العمل التشريعي، فإنه تقدير لم يقابله مجلس الوزراء بالتوقير التنفيذي المطلوب، بل استغلته الحكومة استغلالاً سيئاً يعوق التعاون الدستوري المنشود بين السلطات، بل يغوّل من هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية لدرجة باتت معها ممارسة مجلس الأمة لسلطاته مرهونة بنفسية رئيس الوزراء والوزراء!

إن فهم وجوبية تمثيل الوزارة في جلسات المجلس على أنه معيار نصاب خاص، يتطلب أن يقابله إلزامات لائحية على الأطراف المخاطَبين، كإلزام رئيس مجلس الأمة دعوة رئيس الوزراء والوزراء كل على حدة، وإلزام رئيس الوزراء أو أحد الوزراء حضور جميع الجلسات وحظر غيابهم عنها، وإيقاع الجزاءات المترتبة على مخالفة المخاطَبين لهذه الإلزامات كإقالة رئيس مجلس الأمة من منصبه، أو إقالة الوزير الممثل للحكومة في الجلسات أو تقديم كتاب عدم تعاون مع مجلس الوزراء للأمير لا يترتب عليه حل مجلس الأمة.

إن استمرار هذا التفسير العملي لوجوبية تمثيل الوزارة في جلسات مجلس الأمة على اعتباره معيار نصاب خاص، سيؤدي إلى تعليق جلسات مجلس الأمة لآجال غير مسماة، مما سيترتب عليه توقف عجلة التشريع والرقابة، مما يجمّد الحالة السياسية المرتهنة للإفساد والمفسدين، في الوقت الذي تكون الكويت ومصالحها العامة وهموم شعبها أحوج ما يكونون إلى تحريك عجلة التشريع بالسرعة والجودة القصوتين، وتغيير ما هو كائن ليصير كما يجب أن يكون.

خالد اسنافي الفالح

back to top