ترامب يواجه ضغوطاً للتنحي أو مساءلة ثانية... و«تويتر» يُسكته إلى الأبد

• الديمقراطيون جهّزوا مسودة بنود تتهمه بالتحريض على تمرد... ودعوات لتجريده من حق استخدام «النووي»
• بنس لا يزال يعارض استخدام «التعديل 25» ووسائل التواصل تشنّ حملة على أنصار الرئيس

نشر في 10-01-2021
آخر تحديث 10-01-2021 | 00:05
في آخر أيام ولايته الأولى، ألقى خصوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بثقلهم لتجريده من صلاحياته وعزله، مع خسارته إلى الأبد حسابه على «تويتر»، الذي يعدّ وسيلته المفضلة لإثارة حماسة أنصاره ونشر الإهانات والألقاب الساخرة وتسجيلات الفيديو المعدلة، وحتى القرارات السياسية، بسبب مخاوف من احتمال قيامه بالتحريض على مزيد من أعمال العنف.
على وقع تفاقم تداعيات اقتحام حشد من أنصاره مبنى «الكونغرس» في مشهد فوضى غــيــــر مسبــــوق أسـفــــر عن مقتل 5 بينهم شرطي، يواجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضغوطاً لتنحيه عن منصبه قبل تنصيب غريمه الديمقراطي المنتخب جو بايدن في 20 الجاري.

وتزايدت المطالبات لترامب بإعلان استقالته، وترتفع معها الضغوط على نائبه مايك بنس ووزراء الحكومة بالتصويت على تنحيته بموجب التعديل الخامس والعشرين للدستور الذي يسمح لهم بإقالته إذا ما وجدوا أنّه «غير قادر على تحمّل أعباء منصبه».

وفي الوقت نفسه، أعد الديمقراطيون مسودة اتهامات للبدء بإجراءات مساءلة ترامب للمرة الثانية خلال ولايته الوحيدة، في إجراء قد يكون رمزياً، لكن قد يترتب عليه نتائج سياسية وخيمة، أبرزها القضاء على ما تبقي من حظوظ ترامب للترشح في الانتخابات الرئاسية في 2024.

واتهمت نسخة من مسودة بنود المساءلة يتداولها أعضاء «الكونغرس» ترامب «بالتحريض على العنف ضد الحكومة» في محاولة لقلب نتيجة الانتخابات التي خسرها أمام بايدن.

ووفق شبكة «إن. بي. سي»، فإن «المسودة تتضمن تورطه في جرائم كبرى بتحريضه على تمرد، كما أنه عرّض الأمن الأميركي ومؤسسات الحكومة لخطر كبير».

وتعتبر المسودة أن «ترامب أدلى عامداً بتصريحات شجعت على عمل مخالف للقانون بمبنى الكونغرس، كما أظهر أنه سيظل تهديدا إذا سُمح له بالبقاء في المنصب».

الإقالة ممكنة

ونظراً لقصر الوقت المتبقي له في البيت الأبيض، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» إن الظرف الاستثنائي لإجراءات العزل يثير أسئلة سياسية ودستورية ولوجستية نادراً ما مرّ بها التاريخ الأميركي، حيث لم يسبق أن تمت محاكمة أي رئيس مرتين خلال ولايته، ولم تتم إدانة أي واحد على الإطلاق.

ويسمح الدستور لـ«الكونغرس» بإقالة الرؤساء أو غيرهم من مسؤولي السلطة التنفيذية قبل انتهاء ولايتهم، إذا اعتقد المشرعون أنهم ارتكبوا «خيانة أو رشوة أو غيرها من الجرائم والجنح الكبرى».

وتتم عملية العزل على مرحلتين، الأولى يصوّت فيها مجلس النواب على ما إذا كان يجب عزله، وهو ما يعادل توجيه الاتهام إلى شخص ما في قضية جنائية، ويتم ذكر التهم في مواد المساءلة وتفصيل «مزاعم الجرائم ضد الأمة».

والثانية تأتي بعد تصويت الأغلبية في مجلس النواب لمصلحة توجيه الاتهامات، حيث يجب على مجلس الشيوخ النظر فيها على الفور والبدء بالمحاكمة، ويقاضي مجلس النواب الرئيس، ويناقش المسؤولون عن ذلك العزل أمام أعضاء مجلس الشيوخ الذين يعملون كهيئة محلفين، ويسمح تقليديا للرئيس بتعيين محامين للدفاع، ويشرف رئيس المحكمة العليا على المحاكمة.

ولتتم إدانة الرئيس يجب أن يوافق ثلثا أعضاء مجلس الشيوخ على ذلك.

عواقب وخيمة

وقد يبدو أنه من غير المجدي عزل رئيس، بينما هو على وشك ترك منصبه، إلا أنه قد تكون هناك عواقب على ترامب ستلاحقه مستقبلاً.

وبحسب «نيويورك تايمز»، يمكن لمجلس الشيوخ التصويت لمنع ترامب من تولي المنصب مرة أخرى. فبعد الإدانة ينص الدستور على أن مجلس الشيوخ يمكنه النظر في أهلية الرئيس لتولي أي منصب في المستقبل، لافتة إلى أنه لا يوجد في الدستور ما يمنع «الكونغرس» من مساءلة الرئيس مرة أخرى في تهم جديدة.

ويتعين على أغلبية أعضاء مجلس الشيوخ الموافقة على استبعاد ترامب الذي يفكر في ترشيح نفسه مرة أخرى للرئاسة عام 2024، وهو ما يتمناه ليس فقط الديمقراطيون، بل العديد من الجمهوريين الذين يتطلعون إلى الترشح وفقاً للصحيفة.

وكانت السيناتورة الديمقراطية في مجلس الشيوخ بات موراي قد طالبت بنس تطبيق المادة 25 لعزل الرئيس من منصبه، وإلا فسيتم عزله من «الكونغرس» فورا.

جدول ومذكرة

وأرسل زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل مذكرة إلى زملائه في الحزب تتضمن جدولاً زمنياً مفصلاً لعقد محاكمة بغرض العزل.

وأشار إلى أن المجلس سيَعقد في 19 الجاري أول جلسة عمل له، وأنه يحتاج إلى موافقة كل الأعضاء البالغ عددهم مئة للاجتماع في موعد سابق لهذا، مما يعني أن المحاكمة لن تبدأ قبل أن يخرج ترامب من المنصب، وذلك حسبما قال مصدر اطلع على الوثيقة لوكالة «رويترز».

وقال جود دير المتحدث باسم البيت الأبيض «عزل الرئيس دونالد ترامب قبل 12 يوما من انتهاء رئاسته لن يؤدي إلا لزيادة الانقسام في البلاد».

ومع اقتراب ترك ترامب لمنصبه في 20 الجاري، فإن التوقيت هو أحد أكبر العقبات السياسية واللوجستية لعزله. وعادة فإن إجراءات المساءلة بما فيها التي قام بها مجلس النواب عام 2019، تكون عبارة عن قضايا مطولة، وتشمل تحقيقات وجلسات استماع وأسابيع من النقاش العام.

ولحصول ذلك بسرعة، يجب أن يكون هناك نوع من التوافق أو التفاهم بين الديمقراطيين والجمهوريين، لكن ذلك ليس ضروريا بموجب القواعد.

وإذا كان الديمقراطيون وبعض الجمهوريين متفقين على أن يتصرفوا، فيمكنهم التحرك في غضون أيام، متجاوزين اللجنة القضائية في مجلس النواب، وذلك لتوجيه الاتهامات والمضي قدماً بعملية المناقشة والتصويت في مجلس الشيوخ، وفق «نيويورك تايمز».

محاكمة رئيس سابق

وفي هذه الحالة، وبما أن «الكونغرس» لم يشكل اللجان بعد، فقد يكون القيام بذلك هو الخيار العملي الوحيد. وبمجرد أن يصوت مجلس النواب على بنود الاتهام، يمكنه على الفور إحالتها إلى مجلس الشيوخ الذي يجب أن يبدأ المحاكمة على الفور. وفي حال فشل عقد المحاكمة قبل انتهاء ولاية الرئيس ترامب، فمن الممكن محاكمته كرئيس سابق.

وقالت السيناتورة الجمهورية ليزا مركاوسكي إنه ينبغي على ترامب التنحي فورا، وإنه إذا لم يكن بمقدور الحزب الجمهوري النأي بنفسه عنه، فإنها غير متأكدة من استمرارها بالحزب.

وأضافت لصحيفة «آنكوريدج ديلي نيوز» أنها ترغب في خروج ترامب من المنصب، وقالت «لقد تسبب في ما يكفي من الضرر».

كما دعا زعيم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور تشاك شومر إلى تنحية ترامب في الحال بسبب تحريضه أنصاره على اقتحام «الكابيتول» وتنفيذ «تمرد».

ولتفعيل التعديل 25، يتعين على مايك بنس (نائب الرئيس) وعلى أغلبية حكومة ترامب إعلانه غير قادر على أداء واجبات الرئاسة. وقال أحد المستشارين إن بنس يعارض فكرة استخدام التعديل.

وكان رئيس لجنة القواعد في مجلس النواب الأميركي قد دعا في بيان الى تجريد ترامب من حق استخدام السلاح النووي والقيام بعمل عسكري، ويطالب وزير الدفاع ورئيس هيئة أركان الجيش للتشاور مع «الكونغرس» حال تسلّمهما أوامر.

ضربة «تويتر»

وبعد يومين من اقتحام أنصاره «الكونغرس»، وجّه موقع تويتر أقوى ضربة لترامب، بانضمامه إلى مواقع التواصل الاجتماعي، التي منعته الواحد تلو الآخر من استخدامها، وإعلانه غلق حسابه بشكل دائم.

وفي حين أكدت صحيفة «بوليتيكو» أنه فقد عقله بعد معرفته بإلغاء حسابه ويحاول معرفة الخيارات المتاحة له، قال ترامب: «كنت أتوقع ما حصل. وتويتر ليس أداة لحرية التعبير، بل للترويج لليسار المتطرف، حيث يسمح لأكثر الناس وحشية في العالم بالحديث بحرية».

واستخدم ترامب الحساب الرسمي لرئيس الولايات المتحدة @بوتوس، وكتب: «لن يتم إسكاتي وإسكات 75 مليون وطني». وتابع: «قد يكون تويتر شركة خاصة، لكنه من غير الهدايا الحكومية بالقسم 230، لن يمكنهم البقاء طويلاً».

وحذف «تويتر» كلام ترامب، واعتبر أنّ استخدامه حساب آخر للالتفاف عليه أمراً مخالفاً لقواعده، موضحاً أنّ الحسابات العائدة إلى جهات حكوميّة، على غرار حسابَي @بوتوس و@وايت هاوس (الخاصّ بالبيت الأبيض)، لن يتمّ تعليقهما بشكل دائم، لكننا سنتّخذ إجراءات من أجل الحدّ» من القدرة على استخدامهما.

كما قرر الموقع الشهير، الذي نسب ترامب له الفضل في تعزيز صعوده السياسي وتحقيق مفاجأة الوصول للبيت الأبيض في 2016، تعليق حسابات كبير الجمهوريين في اللجنة القضائية في مجلس النواب جيم غوردن، ومستشار الأمن القومي الأسبق مايكل فيلين، وعضوة الفريق القانوني لحملة ترامب سدني باول بشكل دائم.

وعلى غرار تعليق مواقع مثل «فيسبوك» و«سناب شات» و«تويتش» حسابات ترامب لفترة غير محددة، ألغى «تويتر» حساب المدير الرقمي لحملة الرئيس جيسون ميلر نهائياً، بعد أن حاول إهداء حسابه لترامب وأعاد تسميته باسمه، مؤكدا أن استخدام حساب آخر للتهرب إجراء مخالف لقوانينه.

وإذ نفى مدير الحملة محاولة ترامب التغريد من حسابه، ودعا لمقاضاة «تويتر» ومؤسسه، اعتبر نجله دونالد ترامب جونيور أن «حرية التعبير في الولايات ماتت مع شركات التقنية الكبرى، وما بقي منها منح لمجموعة مختارة، وهذا جنون مطلق».

وبحسب صحيفة «واشنطن بوست»، فإن 350 موظفاً في «تويتر» طلبوا في رسالة موجهة إلى مؤسسه ورئيسهم التنفيذي جاك دورسي تفسيراً واضحاً لأسباب إلغاء حساب ترامب الآن وإبقائه كل هذه السنوات وتأثير قرارات الإبقاء على ما حصل من اقتحام لمبنى «الكابيتول» في 6 الجاري.

سبب الحجب

وفي بيان توضيحي، قال الموقع، الذي استخدمه ترامب لإقالة المستشارين وإطلاق المبادرات التشريعية وتغذية التفرقة المجتمعية ومدح أنصاره، «بعد المراجعة الدقيقة للتغريدات الأخيرة على حساب ترامب وللسياق الحالي، علّقنا الحساب نهائياً بسبب خطر حدوث مزيد من التحريض على العنف».

ونشر حساب «تويتر» الأمني أسباب إغلاق الحساب، وأشار فيه إلى تغريدتين أدتا لهذه الخطوة، الأولى كتب فيها ترامب: «الـ75 مليون أميركي وطني الذين صوّتوا لي ولجعل أميركا عظيمة مجدداً، سيكون صوتهم عظيماً جدا في المستقبل، ولن يتم التقليل من احترامهم أو معاملتهم بطريقة غير عادلة بأي شكل».

وذكر «تويتر» أن استخدام تعبير «الأميركيين الوطنيين» لوصف أنصاره يمكن تفسيره على أنه دعم لمن قادوا أو نفذوا عملية اقتحام مبنى الكونغرس في 6 الجاري، لافتاً إلى أن جملتي «سيكون صوتهم عظيماً جداً في المستقبل» و«لن يتم التقليل من احترامهم أو معاملتهم بطريقة غير عادلة بأي شكل»، تدلان على أن ترامب لا يفكر بتسليم منظم للسلطة للرئيس المنتخب جو بايدن، وأنه يخطط لدعم وتمكين وحماية أولئك الذين يصدقون أنه فاز بالانتخابات.

وفسر «تويتر» التغريدة الثانية، التي قال فيها ترامب: «لأولئك الذين يسألون، لن أشارك في عملية التنصيب في 20 يناير»، على أنها رسالة لأنصاره بعدم قبول نتائج الانتخابات الرئاسية، وأنها قد تحمل في طياتها دعوة لهم لمهاجمة حفل التنصيب واعتباره «هدفاً آمناً»، لأنه لن يحضره.

وفي تطور لافت، كشف «تويتر» عن رصد عدد من الخطط تدعو للمشاركة باحتجاجات مسلحة مستقبلية وتنفيذ أعمال عنف على منصته وخارجها، بما في ذلك هجوم آخر على مبنى «الكونغرس» في 17 الجاري.

منصة خاصة

وفي محاولة لفكّ الطوق عنه، أعلن ترامب عن مفاوضات مع عدد من المنصات للانضمام إليها قريباً، مشيراً إلى أنه ينظر في بناء منصة «خاصة» به في المستقبل».

وفي خطوة تهدف لعزله تماماً عن التواصل مع مؤيده، سارعت شركة «أبل» إلى التهديد بإلغاء تطبيق (Parler) المشابه لـ «تويتر» ويستخدمه أنصار اليمين الموالين لترامب والمؤمنين بنظريات المؤامرة من حركة «كيو أنون» المتطرفة، فيما قرر «غوغل» حظره وإلغاءه من متجره لهواتف الأندرويد.

ودعا عدد متزايد من الشخصيات والمنظمات إلى منع ترامب من استخدام هذه المنصات، بدءا بالسيدة الأميركية الأولى السابقة ميشيل أوباما، وصولاً إلى نقابة موظفي «غوغل».

ولاقت قرارات «تويتر و«فيسبوك»، المنتظرة منذ فترة طويلة، استياء أكثر من الترحيب. واعتبر السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام أن «قدرة المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي على التغريد بما يشاء، ومنع ترامب من ذلك، يثير تساؤلات كثيرة حول من يدير تويتر».

وإلى جانب اتهامات داعمي ترامب لشبكات التواصل الاجتماعي بالتحرك على أساس أحكام مسبقة، علت أصوات من اليسار لتحذّر من احتمال المساس بحرية التعبير.

وشدد اتحاد الحريات المدنية على أن «الجميع يجب أن يقلق حينما تمتلك شركات مثل فيسبوك وتويتر سلطة مطلقة لإزالة أشخاص من منصات أصبح لا يمكن الاستغناء عنها للتعبير بالنسبة للمليارات، خصوصاً حينما يجعل الواقع السياسي مثل هذا القرار سهلاً».

«أبل» تهدد مروجي نظرية المؤامرة بإلغاء تطبيق Parler و«غوغل» يلغيه من متجره لهواتف أندرويد
back to top