أسبوع عراقي حافل بالمفارقات يولّد تعاطفاً شعبياً مع مصطفى الكاظمي

نشر في 08-01-2021
آخر تحديث 08-01-2021 | 00:14
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الخادمي أثناء حضوره احتفالًا بالذكرى المئوية ليوم الجيش العراقي
رئيس الوزراء العراقي مصطفى الخادمي أثناء حضوره احتفالًا بالذكرى المئوية ليوم الجيش العراقي
تثير حكومة مصطفى الكاظمي جدلاً واسعاً بين العراقيين، حيث يتهمونها بالضعف إزاء الانهيارات الاقتصادية المتلاحقة، واستعراض العضلات الذي تقوم به الفصائل المقربة من طهران، لكن المواجهات الأخيرة بين مؤسسات الدولة والميليشيات تعبئ الرأي العام لدعم السلطات على نحو يلفت نظر المراقبين.

وتعرض مستشار الحكومة هشام داود، وهو باحث عراقي مرموق في المؤسسات الأكاديمية الأوروبية ومناضل يساري منذ السبعينيات، لحملة تهديد واتهامات قاسية قادتها أبرز الوجوه الميليشياوية، بعد تصريحاته في ذكرى اغتيال جنرال حرس الثورة الإيراني قاسم سليماني، التي مرت مطلع الأسبوع، حيث ذكر أن سليماني كان يدخل إلى العراق بدون تأشيرة ويَتعامل معه كجزء من ممتلكاته، ويتدخل بشكل فظ في سياساته.

وأوضح داود، وهو صديق مقرب من الكاظمي وعضو أساسي في فريقه، أن حكومة الكاظمي تحاول تغيير قواعد العمل مع الإيرانيين، وقد فرضت التأشيرة على إسماعيل قآني، وهو خليفة سليماني، وطالبت طهران بأن تتعامل دولة لدولة وتقطع دعمها للميليشيات، وتكف عن استغلال الأجنحة المسلحة كعنصر في المواجهة مع أميركا على الأرض العراقية.

لكن الهجوم الشديد، الذي تعرض له المستشار داود، جعل الرأي العام يتعاطف جداً مع فريق الكاظمي، الذي ينتهز هذه الفرص ليؤكد فرز مواقفه بوضوح عن الفصائل والأجندة الإيرانية.

ولا يمتلك الكاظمي إعلاماً موجهاً فاعلاً، مقابل عشرات وسائل الإعلام التي تقودها الميليشيات، لكن ارتباك الفصائل ووقوفها المعلن مع إيران، يسهل على الرأي العام بلورة مواقف أوضح لدعم الدولة، خصوصاً مع التصادم المباشر لقيادات الميليشيات مع «حراك تشرين» الشعبي وتصاعد ضحاياه الذين بلغوا، منذ خريف 2019 ، نحو 800 قتيل وأكثر من 30 ألف جريح ومعاق، واستمرار عمليات الخطف والاغتيال والتهديد للناشطين، ووقوف الفصائل علناً ضد تنسيقيات المحتجين.

وبسبب الانحياز للدولة ضد فصائل طهران، أحيا العراقيون، أمس الأول، باهتمام، الذكرى المئة لتأسيس الجيش العراقي، رغم انقسامهم حوله، حيث تُحمله شريحة واسعة انتهاكات حقوق الإنسان طوال الحرب مع تنظيم داعش وقبله، وأيضا في عهد صدام، حيث شارك في عمليات قمع في شمال البلاد وجنوبها خصوصاً، كما ورطه النظام السابق في مغامراته مع إيران والكويت.

لكن وسائل التواصل الاجتماعي في العراق تحمّست للجيش هذه السنة، بشكل وصف أحيانا بأنه مبالغ فيه، شعوراً بأن أمام الجيش فرصة ليحمي الاحتجاج الشعبي من قمع الميليشيات، ولحماية المؤسسات الديمقراطية إزاء البيانات، التي تطلقها الفصائل وأضحت أحياناً مثيرة للسخرية، سواء تهديد قادة الحشد الشعبي للسفارات الأجنبية أو الاستثمارات الخليجية، وحتى تهديدها بإطاحة حكومة الكاظمي.

وحاولت الميليشيات فرض أجواء من القداسة على ذكرى اغتيال سليماني، وانتشر أنصارها بالهراوات في عدد من المدن، لمنع مراسم الاحتفال بأعياد الكريسماس ورأس السنة، لكن سماء بغداد والبصرة امتلأت بالألعاب النارية وأجواء البهجة دلالة على عدم الاكتراث بحملات الفصائل ودعايتها التعبوية تجاه ذكرى سليماني.

كما انشغل الرأي العام بقطع إيران للغاز، الذي يُشغّل نصف محطات الكهرباء في العراق، مما تسبب في تقليص ساعات تجهيز الطاقة إلى أكثر من النصف، واعتبر الأهالي ذلك مؤشراً إضافياً على مدى تلاعب إيران بالاستقرار في العراق، كما شهد الأسبوع الماضي اتهامات شعبية واسعة النطاق لإيران والميليشيات الموالية لها بالوقوف وراء اللغم البحري، الذي وُجد مزروعاً على ناقلة تخزن النفط في موانئ البصرة، معتبرين ذلك جزءاً من عمليات تصفية الحساب المتواصلة بين الغرب وطهران على المسرح العراقي، والإصرار على جر العراق والمنطقة إلى حرب تبقى الأرض الإيرانية بمنأى عنها.

بغداد- محمد البصري

back to top