ناصر الذي افتقدناه‎

نشر في 27-12-2020
آخر تحديث 27-12-2020 | 00:07
 محمد أحمد المجرن الرومي كان خبر وفاة الأخ العزيز الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح قد وقع على أهله وأصدقائه ومعارفه وعلى الشعب الكويتي وقع الصاعقة، هذا الإنسان كان له محبون لأنه صاحب رؤية لمستقبل الكويت وجعلها من الدول المتقدمة، ورغم مداهمة المرض له ومعرفته بأنه يواجه مرضاً شرساً لا يعرف الرحمة، فإنه كان عاقد العزم على أن يمضي قدماً في الطريق لخدمة وطنه الكويت وشعبها في جميع المجالات.

صحيح أنه، رحمه الله، قد تأخر في الولوج إلى المعترك السياسي، إلا أنه في تلك الفترة القصيرة استطاع أن يحفر اسمه في قلوب الكويتيين، فواجه عواصف عاتية لتحقيق أحلامه وآماله لإعلاء كلمة الكويت عالية بين الأمم، كما كان وقوفه الشجاع لكشف الفاسدين والمفسدين مما جعل أبناء الكويت يقفون خلفه ويؤيدونه، وكانوا ينظرون إليه كمنقذ ومصلح، وهذا ما يريده الشعب الكويتي، ولكن القدر لم يمهله.

ورغم مرضه الخطير كان باراً بأهله وخصوصاً والده المغفور له الشيخ صباح الأحمد الأمير الراحل، طيب الله ثراه، عندما رافقه في رحلة العلاج الأخيرة، ووقف إلى جانبه وهو على فراش المرض حتى توفاه الله، بعد ذلك ساءت صحته حتى لحق بوالده إلى الرفيق الأعلى وذلك بعد ثلاثة أشهر، فالموت حق وهذا قضاء الله الذي لا راد له، رحمه الله بواسع رحمته.

لقد عرفت أخي الشيخ ناصر، رحمه الله، عن قرب منذ نحو أربعين سنة عندما كنت أعمل في الهند، وكان دائم السفر للهند التي عشقها وعشق تراثها وتاريخها وثقافتها، وفي حين كنّا نتناول وجبة العشاء بدعوة من الأخ عيسى عبدالرحمن العيسى سفير الكويت لدى الهند وبحضور أنديرا غاندي رئيسة وزراء الهند السابقة، كان أول لقاء لي بالعزيز الشيخ ناصر عن قرب، ودار الحديث بيني وبينه عن الهند وجمالها وثقافتها، وكنت قد وصلت للعمل في سفارة هناك، منذ أشهر قليلة، وبعد الحديث معه دعاني للذهاب معه إلى مدينة جوا في جنوب الهند، وشكرته على الدعوة، واعتذرت لأنني اعتبرتها مجاملة، لا سيما أنه ذاهب مع أصدقائه الهنود، وبعد عدة أيّام التقينا في فندق تاج محل في مدينة بومبي، وكرر الدعوة لي فقبلت دعوته، وذهبنا سويا وعدداً من أصدقائه، ومكثنا أياماً قليلة في مدينة جوا، فتعرفت على بوعبدالله عن قرب، ووجدت فيه الطيبة والتواضع والابتسامة الجميلة التي تعلو محياه، وكانت أياماً جميلة وممتعة رغم قصر المدة.

وكنت عندما أرجع إلى الكويت في الإجازات ألتقي به، وخصوصاً في المناسبات الاجتماعية، ويذكرني بتلك الرحلة الجميلة على أن نكررها مرة أخرى. لقد فقدنا أخاً عزيزاً وشخصية سياسية كويتية ذات وزن كبير، فأدعو العلي القدير أن يرحمه ويسكنه فسيح جناته.

وأقدم أحر التعازي لأسرته الكريمة وعلى رأسها حضرة صاحب السمو الشيخ نواف الأحمد الصباح وولي العهد الشيخ مشعل الأحمد الصباح يحفظهم الله، والعزاء إلى رفيقة درب المرحوم الشيخ ناصر الأخت العزيزة أم عبدالله الشيخة حصة صباح السالم الصباح وإلى أبنائها وإخوانها الأعزاء، وإلى شقيقه الأخ الشيخ حمد صباح الأحمد الصباح، وكل محبيه وأقاربه وهم كثر والحمدلله.

رحمك الله يا أبا عبدالله، وأسكنك جنته الواسعة، وستظل في ذاكرة الكويتيين لأنك كنت مخلصاً لوطنك وشعب الكويت الذي أحبك رغم ما واجهته من رياح قوية وعاتية معاكسة لتوجهاتك ومبادئك، ولكنك كنت صلباً، وقبلت التحدي وكنت فارسا مقداما حتى آخر نفس في حياتك، لقد افتقدناك أيها الحبيب ناصر، وصدق من قال: "وفِي الليلة الظلماء يفتقد البدر"، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

***

في عهد كورونا كثر الأعزاء الذين فقدناهم، فعلينا أن نتذكرهم ولو بكلمات بسيطة، فقد رحل الرجل الفاضل مشاري الحميضي أبو بدر المشهود له بالطيبة والتواضع والاحترام من أهله ومحبيه ومرتادي ديوانه العامر في العديلية وأنا منهم، فرحم الله الفقيد الغالي أبا بدر وأسكنه فسيح جناته.

كما أنني فقدت أخاً وصديقاً عزيزاً على قلبي، وهو الأخ المرحوم علي عبدالله الشايجي "بوعبدالله" أحد رواد ديوان المجرن بالشامية، كان هادئ الطبع بشوشاً وصاحب ابتسامة.

رحم الله الأعزاء جميعا وأدعو العلي القدير أن يرحمهم ويغفر لهم ويسكنهم الجنة، وأحر التعازي لذويهم وأسرهم الكريمة، و«إنا لله وإنا إليه راجعون».

محمد أحمد المجرن الرومي

back to top