انهيار سوق العراق يسرّع تصادم مصطفى الكاظمي بالأحزاب

الحكومة تعترف: الأزمة لن تنتهي ولو عاد النفط لأسعار مناسبة وتصاعد إنتاجه

نشر في 25-12-2020
آخر تحديث 25-12-2020 | 00:12
No Image Caption
يخيم الكساد منذ أسبوع على أسواق العراق ويغرق الأهالي في قلق نادر، بعد أن فقد الدينار قرابة 20 في المئة من قيمته بقرار حكومي، وصفه الخبراء بأنه اعتراف ومصارحة بانهيار نظام الريع النفطي، أكثر منه إجراءات إصلاحية صممت بعد محادثات مطولة مع مؤسسات دولية كصندوق النقد والبنك الدولي.

ومنذ انهيار أسعار البترول يقترض العراق لتسديد معاشات نحو 5 ملايين موظف ومتقاعد، في بلد تضاعف عدد سكانه منذ سقوط نظام صدام حسين ليبلغ 40 مليون نسمة، وسط عنف متواصل وسوء إدارة الأحزاب المتصارعة، ودفع فواتير 4 عقود من الحرب.

وتعترف الحكومة بأن النفط حتى لو عاد إلى أسعار مناسبة وتصاعد إنتاجه أكثر من 5 ملايين برميل وهو المعدل الحالي، فإن الأزمة لن تنتهي، إذ غرق العراق في قروض تفوق 150 مليار دولار، كما تآكل احتياطيه من الدولار، وتوقفت أهم مشاريع الإعمار، وبات انفلات سلاح الفصائل والاستهداف الصاروخي المتكرر للبعثات الدبلوماسية يشكل بيئة طاردة للاستثمار الأجنبي.

المثير في الأمر، أن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي يجري تقديمه حالياً بوصفه كبش الفداء أمام الجمهور الغاضب من إجراءات الدولة، ويأتي ذلك قبيل انتخابات مبكرة مقررة مطلع الصيف، ما يعني تضاؤل حظوظه في الفوز بكتلة معتبرة في البرلمان المقبل.

لكن فريق الكاظمي يحاول تحسين صورته عبر المضي في إصلاحات مؤلمة يقترحها الشركاء الدوليون، وتعني فتح ملفات الفساد الكبرى من جهة وتقييد المصارف الأهلية التي تملكها أحزاب، وتقليص الامتيازات المالية لمئات المسؤولين الكبار بنحو النصف.

ولن يكون التصادم مع الأحزاب سهلاً بالنسبة للكاظمي، الذي هو بلا حزب، فباستطاعة البرلمان عرقلة كثير من المشاريع الاستراتيجية وتعقيد عمليات التمويل وقوانينه، التأخير الحاصل لصفقة الجيل الرابع من الإنترنت، وملابسات ميناء الفاو الكبير، إلى جانب الاستثمار في خطوط سكك طويلة تربط مع تركيا خصوصاً، وكذلك تعطيل التعاون الاقتصادي وفرصه الكبيرة مع بلدان عربية مثل الكويت والسعودية. وتقول مصادر نيابية رفيعة، إن الولايات المتحدة وشركاء أوروبيين وعرب، مستعدون لتقديم دعم استشاري واستثماري لتحويل العراق من العيش على النفط، إلى بلد منتج ويستغل فرصه المهمة زراعياً وصناعياً، لكن الشركاء قلقون من عجز الحكومة عن ضبط الأمن، ووقوعها على تقاطع الأزمة بين إيران والغرب، وحالة اللايقين التي تخيم على العلاقة بين أطراف الاعتدال السياسي في البلاد إلى جانب حركة تشرين الاحتجاجية.

ويتوقع خبراء أن يعتاد السوق ويتكيف ببطء مع صدمات إصلاحية مؤلمة اضطرارية، لكن آخرين يقولون، إن من غير الواضح ما إذا كانت الحكومة قادرة على ضبط السلع الأساسية، رغم أن معظمها منتج محلياً، لذلك يتوقع بعضهم أن يشهد العراق صيفاً ساخناً يعج بالاحتجاجات والعنف، بسبب تنامي الفقر، الأمر الذي تستغله الميليشيات، وهو ما وصفته مجلة «فورن بوليسي» الأسبوع الماضي بأنه حدث عراقي مزعج قد يصبح أول صداع في رأس الرئيس الأميركي المنتخب حديثاً جو بايدن.

بغداد- محمد البصري

back to top