وجهة نظر: المعارضة الحالية.. ما أشبه الليلة بالبارحة

نشر في 18-12-2020
آخر تحديث 18-12-2020 | 00:01
 صالح غزال العنزي حين جاءت مخرجات الانتخابات بغالبية معارضة استبشرنا خيراً، ففي أي دولة ديمقراطية تكون حالة التوازن بين قوة الحكومة والمعارضة ضماناً لعمل أكبر وتنمية أفضل لصالح الوطن والمواطن، لكن يبدو أننا بالغنا بالتوقع وأفرطنا في الأمل بخصوص حجم الصوت المعارض في هذا المجلس من حيث النوع والعدد، فقد انضم للغالبية نواب كانوا حكوميين حتى النخاع، ودخل معهم من الجدد من لا عهد له بقول مخالف ولا طمع له بموقف مناكف.

وأذكر أني قلت لأحد الأصدقاء ممن تفاءل بمخرجات الانتخابات واجتماعات الدواوين، «لا تعجل عليهم وأنظرهم حتى أول جلسة ثم احكم بعد ذلك»، ولم يكن قصدي التشكيك بالمواقف بقدر ما كنت أنتظر غربلة سابقين كانوا قصروا، وقاصرين كانوا قد سبقوا.

وفي الجلسة الأولى وبعد انتهاء فرز أصوات انتخاب رئيس المجلس تناقص المعارضون من 42 إلى 28 نائباً، بعد «اللتا والتي»، ولم تنته الغربلة الأولى إلا وألحقت بثانية ليتناقص العدد أكثر، ففي انتخاب نائب الرئيس تناقص العدد إلى 19 نائباً فقط ليظهر ذوو المبادئ من غيرهم.

ولو ابتعدنا بالحدبث قليلاً لوجدنا أن الحالة الحالية للمعارضة ليست بعيدة عن الماضي التليد، ففي الغالبية المعارضة في المجلس المبطل الأول عام 2012م، كان العدد قد تجاوز الثلاثين نائباً، ولو تعرضوا للغربلة منذ البداية «لبانت سعاد فقلبي اليوم متبول»، لكن تأخير الغربلة قد أخر معرفة العدد الحقيقي لهم، إذ إنه في فترة المكاسب يكثر المتكسبون، ومع أول انتكاسة يتناقص العدد، فإذا لم تبق المعارضة مفيدة وخير منها الموالاة أو الجلوس في المنزل، فلن يبقى بالمركب إلا من ضمن السلامة أو رأى أن للجسارة لذة تستحق التضحية، ولذا فإنه لم يصمد على فكر الحراك السابق إلا القلة.

وفي الأغلبية الحالية المعارضة بدأ التفكيك مبكراً ومنذ الجلسة الأولى، وما زال (الخير باقبال)، ففي جلسة انتخاب اللجان تكتمل الغربلة ويظهر الرقم النهائي، ولعل أهم عاملين لتماسك المعارضة في أي دولة وتحصينها من الإغراءات والأخطار، أن تكون لها قيادة قادرة على الهيمنة والتوجيه والمرور عبر أنفاق السياسة دون أن تقع بمنطقة انعدام الوزن، وأن تتعرض لضربات تشبه الغربلة ترغيباً وترهيباً ليتخارج الصامدون والهاربون.

وفي معارضة 2012 (الحراك) كانت القيادة واضحة وبارزة، على عكس المعارضة في المجلس الحالي الذي تعاني فيه المعارضة التيه، ورغم تصدي بعض نواب (الصف الثاني) لدكة القيادة، فإن الإمكانات والقدرات والمواصفات وقناعة الآخرين بهم لم تكن بالشكل المطلوب، ولذا فإن أسباب تفككهم كانت سريعة.

مشكلة بعض السياسيين في الدول المرفهة أنهم يعتبرون السياسة نوعاً من الترفيه الذي يفترض أن يؤدي الى الاستمتاع والسعادة، ولذا فإن أهم شروط اختيار التخندق في جهة الموالاة أو المعارضة توفر الاستمتاع والسعادة، فإذا كان لهذا التخندق ثمنٌ وللمناكفة فاتورة يجب أن تسدد، فإن القليل منهم يصمد، وهؤلاء الصامدون نوعان فقط لا ثالث لهما، نوع ليس لديه ما يخسره وبالتالي فإن مواقفه لن يكون لها ثمن، ونوع يرى المبادئ مقدسة ولا شيء يوازيها ثمناً، وهؤلاء هم المعارضة الحقيقية التي حتى إن كان عددها قليلاً فإن بإمكانها التغيير، حيث تحسب الحكومات لها حسابا، وتتبعها الجماهير بثقة وطمأنينة.

صالح غزال العنزي

back to top