الخذلان وسقف التوقعات

نشر في 18-12-2020
آخر تحديث 18-12-2020 | 00:10
 د. نبيلة شهاب تمر علينا جملة ذات معنى عميق لكننا كثيراً ما نتخطاها دون أن نتركها ترسم تأثيراً في نفوسنا وعقولنا ألا وهي: "اخفضوا سقف توقعاتكم". فتوقعاتنا غالباً ما تكون عالية مع من نحب أكثر من غيرهم، حيث كلما ازدادت درجة المشاعر في داخلنا رسمنا توقعات كما نحن نراها ونريدها من هؤلاء الغالين، فالأم والأب يتوقعون الكثير من أبنائهم والزوج من زوجته والزوجة من زوجها والإخوة والأصدقاء والأحبة والجيران، ولكن أحياناً نتوقع بعض السلوكيات كما نقيسها ونمارسها ممن لا نعرفهم، فسائق السيارة التي تمر قربنا أحيانا نتوقع منه طريقة سياقة معينة، وكثيراً ما كانت توقعاتنا تخيب وتفشل، ليس لسبب سوى أننا مختلفون في التفكير والتعامل، والأهم من كل ذلك في خبرتنا وتوجهاتنا ومبادئنا!!

غالباً ما نرسم توقعاتنا من أفراد معينين حسب معرفتنا بهم وهذا هو الصحيح، ولكن كثيراً ما كانت معرفتنا محدودة أو سطحية، أو كانوا يظهرون لنا شخصية مختلفة عن شخصيتهم الحقيقية أو مبادئهم أو حتى مشاعرهم تجاهنا، فيقع الخذلان المقيت المؤلم، والذي يكون قاسياً كلما كانت درجة قربنا من هؤلاء كبيرة.

هل من حقنا رسم تلك التوقعات؟

هي طبيعة الحياة وطريقة تفاعلنا داخل إطار العلاقات الاجتماعية على اختلافها، لكن الذي ليس من حقنا هو أن نرسم توقعات ونعليها نسبة لأوهام في عقولنا ونفوسنا أو سوء تقدير لسلوكيات الآخرين، ويكون المتضرر الأول هو نحن أكثر من أي فرد آخر.

وقد يكون السبب أن الظروف تتغير ويتغير الآخرون، لكننا نبقى نتوقع منهم ما كنا نحصل عليه سابقاً، هل نحن من خُذِل أم لنا دور في خذلاننا هذا؟ وهل الخذلان فعل مقصود أم هو ردة فعل لعوامل وظروف كثيرة؟ البعض يظهر عكس ما يبطن ويغلف بعض المبادئ والسلوكيات بغلاف يبهر العين وينساب بسلاسة الماء الى نفوس وعقول الآخرين.

باختصار يبيعهم الوهم وتتكسر سفن آمالهم على صخور الوهم والخذلان، فهو هنا فعل مقصود لا يشعر صاحبه أنه مخطئ لأن جل اهتمامه هو مصالحه الشخصية، ولا يولي أي اهتمام لأذية الآخرين الذين خذلهم ولا لإصابتهم بالصدمة والإحباط، وقد تكون ردة فعل غير مقصودة تنشأ لسبب ما وتساق داخل إطار معين يظهر على شكل خذلان.

ولذلك ومنذ البداية مهم جداً أن نضع توقعاتنا في مكانها الصحيح وبحجمها الواقعي غير المبالغ فيه، فكلما كان سقف توقعاتنا من الآخرين منخفضاً أو في معدله الحقيقي السليم، نجونا من الخذلان وما يصاحبه من مشاعر وأفكار سلبية مؤلمة.

د. نبيلة شهاب

back to top